حافظ آل بشارة
مازال الجدل قائما حول حملة الاعتقالات التي تشنها وزارة الداخلية ، الحملة اسفرت عن اعتقال 240 شخصا يوصفون بالبعثيين والضباط السابقين في الجنوب والفرات الاوسط وشمالي بغداد ، وتقول الوزارة انها اكتشفت مخططا لزعزعة العملية السياسية بعد الانسحاب الامريكي عبر تنظيم سري لديه اسلحة ومتفجرات وخطة عمل . اطراف على رأسها القائمة العراقية اعترضت بشدة على حملة الاعتقالات ووصفتها بأوصاف خطيرة مثل : انها اعتقالات عشوائية ، انتقامية ، طائفية ، سياسية لصالح طرف معين ، تجري بلا أوامر قضائية ، نحذر من العواقب ، نحذر من فوضى عارمة بعد الانسحاب الامريكي ، ننسحب من العملية السياسية . أما وزارة الداخلية وناطقها وكتلة دولة القانون ومن يمثلها فقد قالوا : ان الحملة تجري بمذكرات قضائية ، وقالوا : انها مستندة الى معلومات استخبارية استمر جمعها اشهر عديدة ، وقالوا : ان القضاء يلاحظ عدة عناصر في عملية الاعتقال ، فحزب البعث محضور دستوريا ومن يعيد تنظيمه يعرض نفسه للمسائلة ، وقالوا : ان هناك اعترافات لبعض المعتقلين تؤكد وجود خطة لزعزعة الامن واثارة الشغب وقد وجدت لدى المعتقلين اسلحة ومتفجرات . والتناقض القوي بين تصريحات الطرفين يجعل الرأي العام العراقي في حيرة من الأمر ، يجب ان يكون أحد الطرفين صادقا ، والآخر كاذب ، وكل طرف يريد اثبات احقيته عليه ان يقدم ادلة قاطعة . هناك جهات ذات طابع مرجعي يفترض ان تكون محايدة وليست تابعة لأحد كالدستور وسلطة القضاء ، هل زود القضاء القوات الأمنية بمذكرات اعتقال بالفعل ؟ هل صدرت تلك المذكرات على اساس اوليات وافية ومقنعة ؟ اذا كان الجواب بنعم ، فيجب مناقشة القضاء العراقي وليس القوات التي نفذت الاعتقال ، ويجب توجيه اللوم الى النص الدستوري ، اذا كان الخلاف يتجاهل سلطة الدستور والقضاء فهل تبقى هناك عناصر تحكيم بين الاطراف الوطنية ؟ هذه الزوبعة وغيرها تكشف الشكل المتكرر للصراع القائم بين الاطراف ، والذي يتضمن التشكيك والتخوين والخطاب العنيف والتحريضي بدون تقديم ادلة على صحة ادعاء هذا الطرف او ذاك ، المعترضون على هذه الحملة من غير الواضح هل انهم يعترضون على ملاحقة حزب البعث المحظور دستوريا ام يعترضون على طريقة الاعتقال ؟ هل يعترضون على قانون المسائلة والعدالة أم يعترضون على طريقة تطبيقه ؟ هناك خلط واضح بين الاعتراض على المفاهيم أو المصاديق كما يقول المناطقة ، الجهة التي تعترض عليها توضيح تصحيح الخلط ، اذا ثبت ان الحكومة تشن حملات اعتقال عشوائية انتقامية طائفية وبلا اوامر قضائية فيجب ان تحجب عنها الثقة ثم تحال الى المحاكم ، واذا ثبت ان الاطراف المعترضة كذبت وحرضت على العنف واتهمت الحكومة بتهم خطيرة فيجب ان تحاسب تلك الاطراف وتعد متعاطفة مع التنظيمات السرية الممنوعة ، متحدية الدستور وسلطة القضاء .
https://telegram.me/buratha