الكاتب / مصطفى ياسين
نشأ حزب البعث في بداية الأربعينات على يد ميشيل عفلق وصلاح البيطار من أصول سورية وديانة مسيحية وهما ينحدران من الطبقة المتعلمة المتوسطة في دمشق. فبعد عودتهما من دراستهما في باريس التي تعتبر الحاضنة الأولية لمحارة الديانة الإسلامية والمحافظة والداعمة بالمال لكل من يقدم على تشويه صورة الإسلام وإيقاف تقدمه السريع في تلك الفترة التي تعتبر مرحلة الصراع الفكري المحتدم،عادا إلى مدينتهما دمشق عام، 1933،بقى ارتباطهما قائما مع أجهزت المخابرات الفرنسية والأمريكية معا، ليبدأ الأستاذان بالتبشير للديانة المسيحية بأفكارهما في وسط الطلاب والشباب وعملا على نشرها. مع الدعوات الى الانحلال والذين كانوا يطلقون عليه التحرر من القيود الدينية والاجتماعية،أخذت هذه الأفكار تستقطب حولها عدداً من الشباب من طلبة المدارس والجامعات، إلا أن التجمع لم يتحول إلى حركة سياسية إلا في بداية الأربعينات حين شكل عفلق والبيطار جماعة سياسية منظمة باسم حركة الإحياء العربي التي أصدرت بيانها الأول في شباط عام 1941.و ما لبثت هذه الجماعة أن أكدت اختلافها عن التنظيمات القطرية في الساحة السورية آنذاك بوضعها المبادئ القومية التي كانت تدعو إليها موضع التطبيق عندما أعلنت تأييدها للانقلاب النازي الأحمق في العراق ضد الاحتلال البريطاني في الثاني من أيار عام 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني والذي قد يفوق على حماقة ما يسمى بأم المعارك،وقادسية هدام المجيدة، وأسست ما عرف باسم "حركة نصرة العراق" التي انخرط فيها كل أعضاء الجماعة الفتية بالإضافة إلى شباب من خارجها. وابتداء من حزيران 1943 أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم "حركة البعث العربي". ومن الأعضاء المؤسسين المحامي جلال السيد، ابن مدينة دير الزور.المعروف عنه بالتطرف والدموية في تعامله مع الأصدقاء والخصوم..تم تأسيس حزب البعث بصورة رسمية عندما انعقد مؤتمره الأول في دمشق في 7 نيسان 1947 وأنتخب ميشيل عفلق عميدا له. وعمل البعث على مواجهة التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة العربية وتوطيد القومية العربية، وأصبح له تأثير فعال على الحكم في سوريا بعد الاستقلال سنة 1946. وسرعان ما أنتشر الحزب في بعض البلدان العربية كالعراق ولبنان وفلسطين والأردن واليمن بالإضافة إلى البلد الأصلي سورية. وكون الحزب يعتمد في إيديولوجيته على شعار توحيد جميع الدول العربية في دولة واحدة وبتبني المنهج الاشتراكي فيتطلب ذلك منه تطبيق هذه الإيديولوجية. وقد عانى حزب من ثلاث مشاكل هزت كيانه ولم يكن يحسب لها أي حساب الأولى عدم وجود منهج وبرنامج عمل علمي واضح المعالم يمكن تنفيذ أفكاره على الأرض فبقي أسير أهدافه التي بقيت شعارات لم تجد من ينفذها على بساطتها ويسر تحقيقها. علما أن حزب البعث العراقي انشق عن الحزب السوري الأساس على خلاف مبادئه. الثانية تسلط أشخاص مدعومين من أجهزة مخابراتية جديدة كإسرائيل ولديهم القدرة على الانقلاب ضد الجميع وبما فيهم أعضاء الحزب نفسه. حيث أن حزب البعث الحاكم في العراق قام باحتلال بلد عربي شقيق ومجاور بعد ضوء أخضر من أمريكا. الثالثة تبنيه لأسلوب تنظيم الأحزاب الشيوعية، وهو أشبه بالتنظيمات الاستخباراتية منها إلى التنظيمات السياسية، معتمدةً على أكبر قدر من الاستقطاب الحزبي لمنتمي الحزب،مما كشف للجدد منهم ارتباطاتهم ببلاد الغرب وتمويله له،فآخذو بالعمل على تصفيتهم جسديا وزج عدد كبير منهم في السجون،تحت ذريعة التآمر والخيانة التي هي تسري في دماء العبثيين وأفكارهم..(يتبع الحلقة الثانية)
https://telegram.me/buratha