عزيزي القارئ اليك محاضرات فلسفة وجود الأمام المهدي المنتظر (عج) وتكون هذه المحاضرات في حلقات من تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري واعداد الشيخ حيدر الربيعاوي ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف سائلين المولى العلي القدير ان يتقبل منا ومنكم نعم المولى ونعم النصير .
إمامة الامام الثاني عشرالحجة بن الحسن العسكري (عليه السلام)إنَّ مقتضى الحكمه الالهيه أن يختم الله سبحانه وتعالى الانبياء والرسول(صلى الله عليه وآله)بنبيا المصطفى محمد(صلى الله عليه وآله)، ويجعل رسالته هي الخاتمه و دينه هو الحق، ثم نص عليه السلام على خلافه الائمة من بعده ليكونوا حفاظ للرساله الالهية ومبلغي للشريعه الاسلامية وهداة للناس الى طريق الحق.لهذا يجب أن يكون لهم ما للنبي الخاتم(صلى الله عليه وآله) من الصفات الكمالية التي ثبتت لرسول الله إلا الوحي.وقد صرح القرآن الكريم بثبوت مقام الامامه لاهل بيت الوحي والنبوه، قال تعالى: «إنما أنت منذر ولكل قوم هاد».و ورد في الروايات المباركه أن المنذر هو رسول الله والهاد هو الامام في كل زمان يهدي قومه للتي هي أقوم. وهناك طائفه اخرى من الروايات نصت على أن الامام الثاني عشر هو الحجة بن الحسن العسكري(عليهم السلام); وانه حىَّ غائب سوف يظهر في اخر الزمان يملأ الارض قسطاً وعدلا بعدما مُلئت جوراً وظلماً.وعليه عقدنا هذا الفصل لذكر الادلة التي تنص على امامه خاتم الائمة ومنقذ البشريه الامام المنتظر من إل محمد (صلوات الله عليهم اجمعين وذلك في مبحثين:
المبحث الاول: النص على الحجه(عليه السلام) وقيام الحجة على إمامتهُ:بعد أن اتضح ثبوت فكرة وجود الامام المهدي(عليه السلام) وانه غائب ولا يزال حياً; وهو ابن الامام الحادي عشر والخلف الصالح من بعده (عليها السلام). وذلك بما سيأتي من الادلة التي تنص على امامته واقامة الحجة على وجوده وبما أن النبوه قد ختمت بنبوة نبينا محمد(صلى الله عليه وآله)وقد استخلفه الياري تبارك و تعالى بأمامة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب(عليه السلام)، ثم كل امام ينص على الامام الذي يخلفه وهذا النص هو سلسلة متصله تبليغ النبي(صلى الله عليه وآله) عن الله تعالى وعليه فالنص على الامامة امرٌ الهي وشأن من شؤون الله واومره الرسالية.اذا يجب أن تستمر الامامه كما يجب ان تختم بامامة صاحب الامر (عليه السلام)، ولا يجوز أن تتقطع وتحول في عصر من العصور، وهذا ما ينسجم مع غيبته الشريفه التي تعد من الاسرار الالهية. ويتضح الكلام عند تفصيل في منهجين:
المنهج الأول: النص على الحجة (عليه السلام): وردت نصوص عديده تنص على امامة الامام الحجة ابن الحسن العسكري(عليهم السلام) في القرآن الكريم والسنه المطهره.وعليه فيجب على كل مؤمن بولاية أهل البيت (عليهم السلام) أن يهيأ نفسه لأنتظار صاحب الامر و يدعوله بالفرج.ولا همية هذا الامر وحساسيته، ومع وجود المنكرين وكثيرة الشبهات التي لا مساغ لها، رأيت من المناسب تفصيل الكلام في ذكر الادلة التي تنص على امامه صاحب الامر(عليه السلام) في منبعين:
المنبع الأول: النص على إِمامة الحجة في القرآن الكريم: جاءت نصوص قرآنية شريفه، وآيات بينات لاريب فيها ولا شك تنص على امامه الامام الحجة (عليه السلام) في آخر الزمان; وقد عضدت بروايات مباركه في السنه المطهره، تأويلا أو تفسيراً، وقد رواها من طريق العامه والخاصه; ومن ثقاة الفريقين، لا يسع المجال لذكرها في هذا المختصر وقد ذكرناها في اصل الكتاب مفصلا.
المنبع الثاني: النص على إمامة الأمام الحجة (عليه السلام) في السنه المطهرة: وردت روايات عديدة عن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وائمه اهل بيته المعصومين (صلوات الله عليهم) تنص على إِمامة الحجة بن الحسن العسكري(عليه السلام); وإنه الامام الثاني عشر من ذريه فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وهو الامام الغائب الذي سوف يظهر في آخر الزمان والتي لا يسع المجال لذكرها في هذا المختصر وقد ذكرت في اصل الكتاب. يحسب الفترة الزمنية لبعثة النبي وإمامة الائمة الاطهار (صلوات الله عليهم)، وهي على جدولين:
الجدول العام: وفيه الروايات الوارده عن النبي الاعظم(صلى الله عليه وآله) وعترة الطاهرة حسب الفترة الزمنية:الجدول الخاص: ويحتوي على ذكرما ورد بصوره مباشره من النص على إمامه الامام الحجة(عليه السلام) من قبل الامام الحادي عشر الحسن العسكري(عليه السلام) لخاصه اصحابه. نذكره على فرعين:الفرع الاول: ما ورد عن الامام الحسن العسكري(عليه السلام) في وصيته لخاصه اصحابه، في النص على امامة ولده الامام المهدي(عليه السلام)، وإنه الخلف من بعده.الفرع الثانيى: تصريح الامام المهدي(عليه السلام) بإمامته:«أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من اعدائه....»
المنهج الثاني: قيام الحجة على إمامة الامام الحجة(عليه السلام): إن هذا المعنى تجسد في كلمات الامام الحجه(عليه السلام) في اكثر مقابلاته; والتي تُعد حججاً بالغةً يقمها الامام(عليه السلام) لمن يقابله وذلك من جهتين:
الجهة الاولى: قيام الحجة على امامته بالاعجاز: ومنه مارواه الشيخ الطوسي(قدس): إن رجلا يدعي بالأودي او الازدي، كان عند ادائه الطوف، وكان قد طاف ستاً وبقي عليه الطواف السابع. رأي عن يمين الكعبه شاباً حسن الوجه طيب الرائحه هبوباً ومع هيبته متقرب الى الناس، فسألت بعضهم: من هذا؟ فقال: ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يظهر للناس في كل سنه يوماً لخواص شيعته فيحدثهم ويحدثونه فقلت: مسترشد اُتاك فارشدني هداك الله. قال: فناوني حصاة. فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع إليك ابن رسوله الله، فقلت: حصاة. فكشف عن يدي فاذا أنا سبيكه من ذهب.....الى آخر الحديث.
الجهة الثاني: قيام الحجة على أمامته بعلمه الغيبي بأذن الله تعالى:أقام الامام المهدي(عليه السلام) الحجه على إمامته من علمه الغيبي الذي أفاضه الله سبحانه وتعالى عليه. ويمكننا أن نيبّن ذلك من خلال طريقين:
الطريق الأول: إِخباره الغيبي (عليه السلام) لمن يعرفه.الطريق الثاني: إخباره الغيبيى (عليه السلام) لمن يعرفه ممن يقابله:المبحث الثاني: كيفية إِدارة الامام الحجة (عليه السلام) لشؤون الامه:إِنَّ الامام المهدي (عليه السلام) بعد أنْ وصلت اليه نوبة الامامه، تصدى لقيادة الامه، وأشرف على توجيه قواعده الشعبيه المواليه وادارة شؤونهم وقضاء حوائجهم، وحل مشاكلهم وتدبير أمور دينهم وديناهم، وأعتمد في ذلك تارةً على نوابه الموكلين بهذا الامر بصوره غير مباشره، وآخرى كان يتصدى لذلك بنفسه، وكل ذلك تحت ستار التقية والكتمان الشديد بحسب ما يراه (عليه السلام) من المصلحه ونوع الامر المراد قضائه، سواء كانت على مستوى الامور العقائديه أو المسائل العمليه الشرعيه فيما يتعلق بالامور الدينيه، أو على مستوى المشاكل الماليه أو الاجتماعيه....وغير ذلك فيما يتعلق بيناته الخاصه.اما في نيابته العامه وغيبته الكبرى، فقد أوكل الامر الى الفقهاء وفق شروط خاصه، وهنا سوف نستعرض نماذج مختصره، لبعض المشكلات التي حلها الامام االحجه(عليه السلام) في مجالين.
المجال الأول: إدارته (عليه السلام) لشؤون الامه في الغيبه الصغرى:ويتضح ذلك من خلال عرض عدة نقاط.
الاولى:) تصرفه (عليه السلام) في الشؤون الماليه: من قبض وتوزيع، في غيبته الصغرى عن طريق غير السفراء الاربعه...اما عن طريق المقابله معه، أو بدون ذلك.
الثانية: متابعته (عليه السلام) للاحداث العامه:الثالثه: حلوله (عليه السلام) للمشكلات الخاصه:المجال الثاني: إدارته (عجل الله فرجه) لشؤون الأمه في الغيبه الكبرى:بعد أن خرج التوقيع الشريف من الناحيه المقدسه على يد السفير الرابع علي السمري بأعلان إنتهاء السفاره في الغيبه الصغرى، وبدايه الغيبه الكبرى....، حيث سأل الشيخ الثقه السمري لمن يوصي من بعده برحيله من هذه الدنيا الفانيه أجابه (عليه السلام) بأن لا يوصي لاحداً من بعد، لكن لم يترك الأمه سدى، وإنما أوكل الامر الى العلماء العدول في عصر الغيبه الكبرى، للنيابه عنه في إداره شؤون الامه وتدبير امورها وحل مشاكلها، حيث خرج في توقيعه الشريف:«فأما مَنْ الفقهاء صائتاً لنفسه، حافظاً لدنيه، مخالفاً لهواه....» وبهذا نرى أن الامام الحجه بن الحسن (عجل الله فرجه) وجه قواعده الشعيه في مختلف ارجاء العالم الاسلامي نحو المرجعيه الدينيه، وحمل هؤلاء مسؤوليه حفظ الشريعه وادارة شؤون الامه وتدبير أمورها اثناء عصر الغيبه الكبرى وحتى عصر الظهور الى أن يأذن الله تعالى.
الفصل الثالث: منهجية الأمام الحجه (عليه السلام) في الغيبه: إِن لمنهجيه التعامل بما يقتضيه الظرف الحساس فيى عهد الاماميين العسكريين (عليه السلام)، من طريقه التبليغ الرسالي الى التمهيد لغيبه صاحب الامر (عليه السلام) وما يرتبط بها، من احداث متوقعه، علاقه مباشره بمنهجيه تعامل الامام الحجه (عليه السلام) في غيبته، لشده الظروف التي كانت في عهد أبيه وجده، لان اعداء اهل البيت (عليه السلام) كان شائع بينهم مجيء ميلاد الامام الثاني عشر، فحاولوا قطع سلسله الامامه.ومن هنا نهجوا هؤلاء الاعداء منهج القضاء على اهل البيت (عليه السلام) فنجد المعتز يدس السم للامام الهادي (عليه السلام) فيقتله، وكذلك فعل المعتمد مع الامام العسكري، لكي لا يتركوا مجالا لميلاد الحجه (عليه السلام).كل هذه الاحداث أدت الى أن يسلك الامام الحجه (عليه السلام) منهجيه خاصه في غيبته المباركه من خلال عده امور:
الأول: تعيين الوكلاء والمصلحه من وجودهم: فمن الوكلاء ما ذكره الشيخ الصدوق في اكمال الدين مروباً عن ابي علي الاسدي عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي انه ذكر عدد من انتهى إليه فمن وقف على معجزات صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ورواه، من الوكلاء: ببغداء العمري وابنه وحاجز والبلالي والعطار. ومن الكوفه العاصمي ومن أهل الأهواز محمد بن ابراهيم بن مهزيار. ومن أهل قم أحمد بن أسحاق ومن اهل همران محمد بن صالح ومن أهل الري: الشامي، والأسدي يعني نفسه ـ ومن اهل أذربيجان القاسم بن العلا ـ ومن نيشابور محمد بن شاذان النعيمي ـ الى آخر الحديث.( )أما النواب الاربعه فسيأتي الحديث عنهم مفصلا أن شاء الله تعالى.( )المصلحة من وجودهم: ذكر السيد الشهيد محمد الصدر (قده) أن للمصلحه من وجود الوكلاء آمران أساسيان:الامر الاول: المساهمة في تسهيل عمل السفير وتوسيعه، حيث لا يكون بوسع السفير بطبيعه الحال وبخاصه في ظروف السريه والتكتم الاتصال بالقواعد الشيعه...الامر الثاني: المساهمة في أخفاء السفير نفسه، وكتمان اسمه وشخصه.
الثاني: لقاءات الامام المهدي (عليه السلام) مع خاصة شيعته:إن الهدف من لقاءات الامام الحجه (عليه السلام) مع الخواص الخلص من شيعته هو عبارة عن إقامة الدليل على وجوده، وذلك لرفع الشبهات التي قد تُثار من قبل الحكومات الجائره، بل كي لايكون مجالا للتشكيل في امامته (عليه السلام) هذه اللقاءات لاتحصل لأي شخص كان مالم تحصل فيه شروط خاصه، كالأخلاص في الولايه، والوثوق بنفس الشخص من قبل الامام (عليه السلام) والدقة في الكتمان وعدم اباحه هذا السر الى اعداء اهل البيت (عليه السلام)، بل لمن يُشك بامره. وهذا هو مراده (عليه السلام)، حين قال لبعض مَنْ رآه ـ عام 268 هــ:«يا عيسى ما كان لك ان تراني لولا المكذبون القائلون بأين هو، ومنى كان، واين ولده، ومن رأه، وما الذي حرج اليكم منه، بأي شيء نبأكم، وأي معجزاتكم....»( )
الثالث: كيفيه إرتباطه (عليه السلام) بقواعده الشعبية:لنظريه التمهيد للغيبه; والتي وضع أُسسها الامام الهادي (عليه السلام) وشبده اركانها الامام العسكري (عليه السلام). حيثُ كانا يتعاملان بها عملياً مع شيعتهم وأتباعهم، أثراً هاماً في الامام المهدي (عليه السلام) لانَّ جده وابيه انما كانا يتعاملان مع الشعيه من خلال النيابه عنهم لأجل الحفاظ على الامام الحجه من قبل اعدائه، وكذلك لترويض الناس على إستيعاب نظريه الغيبه عقلياً وعملياً، لكي لا يكون ذلك غريباً عندما يستخدمه الامام الغائب ليرتبط بقواعده الشعبيه وشيعته عن طريق نوابه الخاصين من المعتدين عنده والثقات الذين لا يذيعون سر ولا يبيحون امرَه ولا يذكرون اسمه. لهذا لم يكن غريباً على الناس ارتباط الامام المهدي (عليه السلام) عن طريق النواب الاربعه، حيث كان (عليه السلام) يجيب على أسئلة السائلين ويحل اغلب مشاكلهم بواسطة خروج التوقيعات الشريفه والبيانات الصريحه على يد هولاء الثقات.
الرابع: التقية في المنهج الرسالي للامام الحجه (عليه السلام): للتقيه ارتباط وثيق وعلاقه متينه بفكره غيبه الامام الثاني عشر الحجه بن الحسن العسكري (عليه السلام) والتي مهدّ لها والده الامام العسكري (عليه السلام) منذ ولادته الميمونه، بل وضع حجر أساسها كان هذا الموقف للامام العسكري (عليه السلام) بسبب ظروف المراقبه الشديده لترقب المولود المنتظر (عليه السلام)، والذي كان العباسيون على احرمن الجمر في انتظار (عليه السلام)، لكن الامام العسكري (عليه السلام) مع دقه التعامل في المحافظه على ولده المهدي (عليه السلام)، بأخفاء امره تقيه من اعداء اهل البيت(عليهم السلام) وظالميهم عرضه على الخاصه من اصحابه، ونص على امامته من بعده.تسلم الامامه الحجه (عليه السلام) زمام الأمور في قياده الامه بعد ابيه العسكري(عليه السلام) بالرغم من شده الظروف، واختفى عن السلطان الغاصبه أختفاءاً تاماً بحيث يتعذر وصولهم اليه.والحاصل يمكن ان نحمل اهم المواقف في منهج الامام (عجل الله فرجه) الرسالي في التقيه بعده امور.
الاول: إختفاء الامام الحجه (عليه السلام).الثاني: توصيه المشاهد من الخاصه المخلصين بعدم أفشاء المشاهده.الثالث: تحريم التصريح بالاسم المبارك.الرابع: الاتصاف بالغموض المطلق من كافة النواحي الدينيه والسياسيه والاجتماعيه.الخامس: حصر الاتصال بالامام (عليه السلام) بالوكالة الخاصه في زمن الغيبه الصغرى به والوكانه العامه في زمن الغيبه الكبرى.
الباب الثاني: الغيبه الالهيه لصاحب الأمر (عليه السلام):قال سبحانه وتعالى: «قُل فلله الحجه البالغه فلو شاء لهداكم اجمعين».( )لقد أخبر تعالى أن الحجه البالغه له على الناس; والتي لاعذر معها، هي له سبحانه. فقد أقتضت المشيئه الالهيه ان تختم النبوه العامه بنبوه نبي الاسلام الاعظم (صلى الله عليه واله) الخاصه، وتُختم الرسالات السماويه بالدين الاسلامي الحق، وعندما رحل النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) الى جوار ربه قبل ذلك نص القرآن الكريم على استخلاف النبوه بالامامه حينما نزل جبرائيل (عليه السلام) بالنص الالهي على امامة أمير المومنين وبلغه الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في غدير خم امام غفير من المسلمين)، ولم ينتهى الى هذا الحد وانما كل اما ينص على الذي يليه لاستمرار الرساله.ثم شاء الله سبحانه و تعالى أن يغيب الامام الثاني عشر وهو خاتم الائمه وبامامته قد ختمت الامامه به، وعند ظهوره (عجل الله فرجه) ويظهر الحق على يديه المباركتين وينتشر العدل في دولته الكريمه امتداء للعدل الالهي واستمرار لخط الانبياء.
الفصل الاول: خصائص الغيبه ومميزاتها:لقد تميزت إمامة الامام الحجه بن الحسن العسكري (عليه السلام) بانه (سلام الله عليه) بأنه حىٌّ غائب بعيداً عن الانظار لشده الفتن واختلاف الناس فيه، فيجب علينا الاعتقاد الجازم بغيبه صاحب الامر (عليه السلام) وانه الامام المنتظر الذي سيملأ الارض عدلا وقسطا بعد ما مُلئت ظلماً و جوراً، لان انكار هذا الامر هو انكار وجحد لنبوة بني الاسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وانكار المهدي (عليه السلام) في غيبته يؤدي الى بئس المصير في الحياة الاخرى.عن الصادق عن أبائه (عليهم السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله) من انكر القائم ـ من ولدي ـ في زمان غيبته ـ مات ميته جاهليه.( )و من الثمرات، بل اهم الخصائص هو ماورد في كماالدين (مثل من امن بالقائم (عليه السلام) ـ في غيبته ـ مثل الملائكة الذين اطاعوا الله عزَّوجل في السجود لآدم (عليه السلام).ومثل من انكر القائم (عليه السلام) في غيبته مثل ابليس في امتناعه عن السجود لآدم (عليه السلام). و من هنا جاءت اهميه البحث وتفصيل الكلام، وبيان اهم الثمرات المرتبة على هذه الخصائص:
تمهيد في معاني الغيبه:الاول: في اللغة: الغيب مصدر غابت الشمس وغيرها: اذا استترت عن العين، يقال: غاب عني كذا. قال تعالى: «أَم كان من الغائبين».( ) وأستعمل في كل غائب عن الحاسه، وعما يغيب عن علم الانسان بمعنى الغائب، ويقال للشيء: غيب وغائب بأعتباره بالناس لا بالله تعالى; فإنه لا يغيب. عنه شيء.....وأنما يُعلم بخير الانبياء (عليه السلام).الثاني في الاصطلاح: المقصود بالغيبه هنا هو غيبة الامام الحجه (عليه السلام); والتي يجب الاعتقاد بها ظاهراً وباطناً والاقرار بأن الامام حىُّ غائب عن الابصار يظهر آخر الزمان.
الثمره الاولى: بيان حقيقة الغيبه ومفهومها:تناول علماؤنا الاعلام الكلام في الغيبه الالهيه لصاحب الامر والزمان (عليه السلام) من جوانب شتى، لكي يبينوا مفهومها للناس، وخصوصاً في بداية الغيبه الكبرى حتى يدرك الناس حقيقتها ولا يتغافلوا عنها، اداءاً لحق من حقوق امامنا المهدي(عليه السلام)، لان ابلاغ هذا الامر هو من القواعد الاساسيه للدين الاسلامي، باعتبار أن الامامه اصل من اصول الدين، فإذا تجاهلها المسلمون سوف يُساء التصرف تجاه العقيده الحقه، وحينئذ يُغلق باب الدخول الى ساحه الاهداف المطلوبه في الاسلام وبالتالي ينحرف الناس.
الثمره الثانيه: الحكمه من الغيبه وكيفيه إنتفاع الناس بالامام الغائب:جاء في كلمات ائمه اهل البيت (عليهم السلام) وجه الحكمه من غيبة الامام الثاني عشر من عترة النبي الخاتم (صلى الله عليه واله)، وكيفيه إمكان الناس في الأَمام منه، وهو غائب عنهم، عن الامام الصادق (عليه السلام) عن الرسول (صلى الله عليه واله) فلا بد للغلام من غيبه. انه لم يكن لأحد من أبائي الا وقعت في عنقه بيعة لطاعية زمانه وإني اخرج ولا بيعه لاحد من الطواغيت في عنقي واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار واني لامان لاهل الارض كما النجوم أمان لاهل السماء.
الثمرة الثالثة:العله المانعه للأمام المهدي الغائب(عليه السلام)من الظهور:ورد في الروايات عن اهل البيت (عليهم السلام) ان لصاحب الامر غيبه لابد منها يرتاب فيها كل مبطل، وان العله المانعه للامام الغائب من الظهور لا يعلمها الا الله ولا تنكشف الا بعد ظهوره (عليه السلام)، نعم ذكر المحققون وجهاً للحكمه من عدم ظهوره. قال الشيخ الطوسي (ره): لاعله تمنع من ظهوره (عليه السلام) الا خوفه على نفسه من القتل، لانه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمل المشاق والاذى.
كيف يعلم صاحب الامر (عجل الله فرجه) زوال الخوف وقت ظهوره؟(فان قيل): بالوحي من الله فالامام لايوحي اليه او يعلم ضروري فذلك ينافي التكليف أو بأماره توجب غلبة الطن ففي ذلك تقرير بالنفس.قلنا: عن ذلك جوابان:احدهما: ان الله تعالى أعلمه على لسان نبيه واوقفه عليه من جهه أبائه زمان غيبته المخوفه زوال الخوف عنه فهو يتبع في ذلك ما شرع له واوقف عليه وانما اخفى ذلك عنا لما فيه مصلحه فاما هو فعالم به لا يرجع الى الظن.الثاني: انه لا يمتنع ان يغلب على ظنه بقوه الامارات بحسب العاده قوة سلطانه فيظر عند ذلك ويكون قد اعلم انه منى غلب ظنه كذلك وجب عليه ويكون الظن شرطاً والعمل عنده معلوماً وان كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجه الى القبله معلومين وهذا واضح بحمد الله.( )
الثمره الرابعة: تصوير القرآن الكريم والسنه المطهره لطول بقاء الامام:الغائب (عجل الله فرجه): جاءت نصوص قرآنيه يمكن ان نستفيد منها صور واضحه لطول بقاء الامام الغائب (عجل الله فرجه الشريف)، وقد عضدتها السنه المطهره، بل تعتبر ادلة على ذلك. منها قوله تعالى:«هُو الذَّي أُرسل بالهدى ودين الحق يظهره على الدّين كُلّهِ ولو كره المشركون».( )ذكر العلماء في التفاسير عند ذكر هذه ان ذلك سيكون باعلا كلمه الدين وإظهار الاسلام بحقيقته بواسطه خاتم الائمه الامام المهدي في آخر الزمان عند ظهوره (اوواحناله القداء).وقد ورددت روايات متواتره تؤكد على هذه المعنى.فعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انه قاله «لو لم يبقى من الدهر الا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما مُلئت جوراً».( )وبهذا تظهر لنا ثمره طول بقاء الامام (عليه السلام).والخلاصه: ان حاصل هذا الثمره هو أن الوعد بظهور المهدي (عليه السلام)امراً يثيرُ فزع الظالمين ويفجر قلقهم ويهدد وجودهم في هذه الارض، لذلك أخذوا يثيرون الشبهات من اجل لتشكيل في غيبته يجب علينا الثبات على القين بها.
الثمره الخامسة: إمكان وقوع الغيبة، وذكر ممكن إتفقت لهم.لقد أخبرنا القرآن الكريم عن قصص كثيرة لمن اتفقت له الغيبه، كما حدثنا التاريخ بذلك. وسوف نذكر اهم الشواهد التي يمكن ان نستفيد منها إمكان وقوعها مع ذكر جمعٌ من المعمرين بحسب التسلسل التأريخي تبعاً:
الاول: أدريس (عليه السلام) ـ الثاني: صالح (عليه السلام) ـ الثالث: ابراهيم (عليه السلام) ـ الرابع: غيبة يوسف (عليه السلام) ـ الخامسه: الخضر (عليه السلام) ـ السادس: عيسى (عليه السلام) ـ السابع: رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)ذكر جمع من المعمرين: يقول الشيخ علي اليزدي. نذكر بعضاً منهم خوفاً من الاطاله.1 ـ الناس (آدم ـ عليه السلام) عمره تسعمائه وثلاثون سنه2 ـ شيت و عمره تسعامائه واثنتا عشره سنه.3 ـ نوح (عليه السلام) ـ وعمره الف وخمسامة سنه.4 ـ ادريس (عليه السلام) وعمر تسعامئه و خمس وستون سنه.5 ـ سليمان بن داود (عليه السلام).6 ـ اصحاب الكهف.7 ـ الخضر (عليه السلام).8 ـ الياس (عليه السلام).9 ـ لقمان بن عاد.10 ـ سليمان الفارسي.
خاتمة في خصائص الغيبه:عن الامام السجاد (عليه السلام) قال: وإن للقائم منا غببتين احداهما أطول من الاخرى، فلا يثبت على أمامته إلا من قوى يقينه وصحت معرفته».
إصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
https://telegram.me/buratha