(بقلم : جواد العطار)
اثارت حملة الاعتقالات ضد اعضاء في حزب البعث المنحل وضباط من الجيش السابق لتخطيطهم للقيام بمحاولة انقلابية مفترضة، واجتثاث المئات من أساتذة الجامعات لشمولهم باجراءات قانون المساءلة والعدالة ، زوبعة كبيرة في الفنجان السياسي العراقي الذي ما زال يعاني الآثار السلبية لهيجان وعدم انتظام الممارسة السياسية منذ عام ونصف .بدأت المشكلة قبل اسبوعين حينما اعلنت وزارة التعليم العالي عن شمول 140 موظفا باجراءات المساءلة والعدالة في جامعة تكريت واعداد متفرقة في جامعات أخرى، وفجأة تحول المجتثون الى اساتذة ومؤهلات، بينما الحقيقة ان عشرة بالمئة فقط هم اساتذة وتدريسيون، أما البقية فانهم موظفون عاديون، وانبرى السياسيون كالعادة في التصدي لهذه القضية وعلى جبهتين؛ دولة قانون وعراقية؛ تبادل الطرفين الازمة.. من خلال السجال التلفزيوني بين كل من السيد طارق الهاشمي والسيد علي الاديب وزير التعليم العالي من جهة، ورئيس الوزراء ونائبه صالح المطلك داخل احدى جلسات مجلس الوزراء من جهة اخرى، هذا من جانب .. في الجانب الآخر دخل محافظ ومجلس محافظة صلاح الدين على خط النزال بتصريحات غريبة عن قطع امدادات الوقود وتجهيزات الكهرباء عن العراق وكأنهم من بلد آخر او يعيشون على هامش الحدود ... وهنا دق ناقوس الخطر وأصبحت الحالة بحاجة الى الروية والحكمة من جميع الاطراف السياسية والتنفيذية في معالجة الازمة؛ بعيدا عن التشنج والتصعيد وتجنبا من الوصول الى طريق مسدود .وبشكل مفاجئ ظهرت محاولة الانقلاب وفقا للرواية الرسمية التي يقودها البعث في العراق والتي تبدأ بعصيان مدني ومن ثم انقلاب عسكري؛ ليزج بالمئات من مختلف المحافظات في المعتقلات بتهمة الانتماء الى البعث والاشتراك معه في التخطيط للانقلاب على العملية السياسية .الربط بين الحادثين وارد وهو في التصعيد والتبرير المزدوج الذي يهدف وبلا شك الى تقليم اظافر من يريد سوءا بالعراق وتجربته الديمقراطية حال حدوث الانسحاب؛ وهو حق مشروع بالحفاظ على امن العراق .. لكن، ما هكذا يؤكل الكتف أيها السياسيون؛ فما زلنا ننفخ بصورة البعث الذي هُزم وانقبر قبل تسعة اعوام؛ حتى بعثنا الدماء الخبيثة بعروقه دون ان نعلم وحولناه الى غول نخشاه وهو غير موجود؛ نحسب له حساب وهو بلا اعداد او حساب ... وتركنا الاعداء من الارهابيين والمتربصين ومن ورائهم خلف الحدود .. بقصد او بدون قصد !! .فهل من المنطق ان نفعل ذلك ، الم يكن بالامكان اجتثاث ضباط المخابرات الذين تحولوا الى اساتذة لتربية النشأ قبل سنوات؟ الم نكن نعلم بهم! الم يكن بالامكان تحويلهم الى هيئة المساءلة والعدالة بالتدريج دون التأثير على سير العملية التعليمية في جامعة تكريت مثلا، ومثلما حدث في باقي المحافظات ... الم يكن بالامكان اصدار اوامر قضائية بحق المدانين بتهمة الانقلاب على نظام الحكم والتحقيق معهم وكشف الحقيقة امام الرأي العام قبل الاعلانات المفاجئة؟ .. ولا نعرف اذا كان دعاة الاستباق والمعلومة الاستخبارية وضرورتها في احباط عملية خطرة مثل الانقلابية التي اعلن عنها؛ هم السبب في هذا التوجه .. فالسؤال هو: اين كان هؤلاء من عمليات مماثلة كان يمكن ان توجه الى الارهابيين ومفخخاتهم التي تطال الابرياء في شوارع بغداد والمحافظات كل يوم ، لتوقف نزيف الدم العراقي الطاهر ؟؟؟ .ان من شأن التصعيد السياسي والشعبي الذي تقوم به بعض الاطراف السير بالامور الى ما لا تحمد عقباه ، لأن من النتائج الكبيرة لهذه المشكلة الصغيرة اعلان محافظة صلاح الدين؛ مؤخرا؛ اقليما اداريا وجغرافيا مستقلا عن المركز ردا على اجراءات ممكن ان تعالج في اطار القانون والدستور والحوار المتبادل .. وقريبا ستحذو الانبار والموصل حذوها ان لم تكن هناك محافظات اخرى في الجنوب ايضا ، واذا كان اعلان الاقاليم حقا دستوريا فانا عجلنا بحدوثه قبل نضوج الظروف التي تجعل من تجربته فعلا ايجابيا يخدم العراق .. يزيد ويقوي من اواصر وحدته لا يعجل بتفتيته وتقسيمه الى دويلات طائفية .
https://telegram.me/buratha