حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
إن ما جرى قبل أيام من قيام الجهات الأمنية العراقية بإلقاء القبض على عدد كبير ممن كانوا ضمن صفوف حزب البعث المقبور ، وفي هذا الوقت بالذات وبتلك الطريقة المفاجئة أثار عند الرأي العام في العراق العديد من التساؤلات ، ووضع الكثير من نقاط الاستفهام والتعجب مما سبب أزمة أخرى أضيفت الى مجموعة الأزمات الكثيرة التي تحيط بالحكومة العراقية وخصوصا بشخص السيد رئيس الوزراء العراقي على اعتبار إن اغلب القرارات المهمة والحساسة إذا لم نقل جميعها فهي تخرج بتوقيعه وموافقته .فما حدث في بعض المحافظات العراقية من إلقاء القبض على مجموعة كبيرة من البعثيين بتهمة أنهم يسعون لإعادة تنظيم صفوف حزب البعث وترتيب أوراقه من جديد لم تكن كما كان محسوب لها من نتائج فها هي محافظة صلاح الدين تعلن انفصالها إداريا وتنظيميا ( احتجاجا على ما حدث ) وتزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لما تسعى إليه الحكومة ــ وان كنا جميعا لا نريد البعثيين ــ ولكنها ( اي محافظة صلاح الدين ) فتحت بابا كبيرا لباقي المحافظات العراقية في إعادة ترتيب أوراقها وبرمجة سياستها كي تأخذ نفس الطريق . فمواجهة البعثيين في هذا الوقت وفي خضم ما يمر به الشارع العراقي لم يكن بالخطوة الصحيحة او الموفقة بل ، كان لابد على السيد المالكي أن يجد بدائل واقعية ومقنعة قبل القيام بهذا العمل بالشكل الذي تم فيه حتى تكون النتائج لصالحه على الأقل ، فالرجل ربما بدأ يفكر جديا بالتخلص من بقايا هذا الحزب ، وانه بات يشكل مشكلة خطيرة لابد من القضاء عليها نهائيا ، وان الاستمرار في المماطلة والتسويف مع البعثيين لا يخدم المصلحة الوطنية . هذا من جانب ومن جانب أخر اعتقد إن الفترة الماضية كانت صعبة على السيد المالكي وخصوصا مع بعض الشركاء في العملية السياسية الأمر الذي دعاه الى التفكير في إيجاد اي وسيلة يمكن من خلالها الضغط على هؤلاء الشركاء كي يتخلص من بعض المشاكل او أن يحصل على تنازلات وتسهيلات يمكن لها أن تساعده في إكمال مشواره بالحكومة . وفي كلا الحالتين لم يوفق السيد المالكي .! فالبعثيين لازالوا يشغلون بعض المفاصل المهمة بالحكومة ولهم بذلك علاقات مع الكثير من المسؤولين من خلال الصفقات والمساومات ، اما أن يقوم السيد المالكي بهذه الخطوة دون سابق إنذار فان المسالة أربكت الوضع وشنجت الأمور ، وكان لابد أن تكون هناك تحضيرات مسبقة وعلى مستوى عالي من الدقة وبالتوافق مع باقي الشركاء في الحكومة حتى يتم حسم هذا الموضوع بالشكل المنطقي والطبيعي .
https://telegram.me/buratha