حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
قلنا في مرات سابقة إن من حق أي حكومة بالعالم أن تمتلك طائرات خاصة ، لتتمكن في أن تضعها في خدمة المسؤولين الحكوميين الكبار ، لحضور المؤتمرات واللقاءات والزيارات الرسمية التي لا تقل أهمية عن باقي الأمور والملفات في أي حكومة . ولكننا قلنا أيضا إن شراء مثل هذه الطائرات لابد أن يخضع لقوانين محلية ومواصفات عالمية ، ولابد أن يكون منشئ هذه الطائرات من الثقة بحيث إن المواطن يحس بان حكومته او من هم قائمين على عقد مثل تلك الصفقات لم يستخدموا أموال البلاد لخدمة مصلحتهم ؟ ، أي بمعنى أخر يجب أن تكون تلك الصفقات بأيادي أمينة ووفق ضوابط ومحددات لا يمكن لأحد أن يتجاوزها .ولكن ما قلنا في السابق لم يقع تحت أعين المسؤولين الحكوميين على اعتبار إن كلامنا لا يدخل في جيوبهم شيء بالقدر الذي تخله أموال الصفقات .! ولكننا هنا لا نخاطب الأعين بقدر ما نحاول أن نخاطب ونحاور الضمير الإنساني ( هذا إن بقي هناك ضمير لبعض المسؤولين ) .. على كل حال فقد كشف موظف كبير بدائرة المفتش العام لوزارة الدفاع تفاصيل خطيرة عن صفقة الطائرات الرئاسية التي تم الإعلان عنها بالتزامن مع مناقلة الحكومة العراقية لمبلغ 120 مليار دينار من تخصيصات أمانة بغداد لمشروع بغداد عاصمة الثقافة إلى وزارة الدفاع لتغطية عقد شراء طائرات من شركة فالكون الفرنسية . وبين بالوثائق إن قيمة الطائرات من نفس الشركة وبذات المواصفات تصل إلى احد عشر مليون وستمائة وخمسون ألف دولار، وهذا السعر هو السعر الرسمي كما مثبت في الوثيقة المصورة للشركة الفرنسية المصنعة . وتقول بعض المصادر إن سعر الطائرة من ذات النوع والتي يعود تاريخ صنعها الى عامي 2006 و 2007 وبمواصفات عالمية لا يتجاوز الـ (11) مليون دولار، ما يعني إن مجموع أسعار ثلاث طائرات مستعملة قليلا من نفس الطراز، لا يتجاوز ( 33 ) مليون دولار بدلا من 150 مليون دولار، على اعتبار إن اغلب دول العالم المتقدم تفضل شراء الطائرات المستخدمة دائما ، ولسببين .. أولهما يتعلق بانخفاض سعرها الكبير والثاني يتعلق بصلاحيتها واستخدامها النادر فان هناك فرق يصل إلى خمسة أضعاف بين أسعار الطائرات الثلاثة في كلا الحالتين ، وانه كان من الممكن استثمار الفرق بين السعرين في تنفيذ مشاريع حيوية تستحقها محافظاتنا الجنوبية او تستحقها البطاقة التموينية او في مشاريع إعادة الاعمار بدل إنفاقها على ثلاث طائرات رئاسية وخصوصا إذا ما علمنا إن إيران أهدت رئيس الوزراء طائرة كبيرة من نوع ايرباص يمكن استخدمها في السفرات والمهمات الرئاسية وتفي بالغرض ( وربما تكون هذه الطائرة بالأصل عراقية ) ؟؟ لكنها مركونة الآن في مدرج خاص برئاسة الوزراء . وتجدر الإشارة إن نفس أنواع الطائرات من مناشئ كندية وبرازيلية وبلجيكية وهولندية يمكن شراؤها بأسعار ارخص ولا فرق في أدائها عن طائرات شركة فالكون الفرنسية ثم ماذا سيضر الحكومة إذا ما اشترينا طائرات مستخدمة إذ إن الطائرات المنوي شراؤها مضى على وجودها في الخدمة 5 سنوات بينما مازال الكثير من المسؤولين ومنهم شخصيات كبيرة في الدولة العراقية يستخدمون طائرات يعود زمنها الى اكثر من عشرين عاما . ألا تعد هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية الرقابية شراء ثلاث طائرات هو نوع من الترف في ظل انعدام الخدمات وتردي الواقع الاجتماعي وسوء الإدارة وانخفاض منسوب الرؤية القيادية في إدارة البلاد ؟ أليس من المفروض أن يكون هناك اهتمام وحرص على كيفية صرف الأموال العراقية ؟؟ السنا ندعي جميعنا الوطنية وان مصلحة العراق وشعبه هي الأهم . إذن فمتى سوف نطبق هذه المفاهيم .. وإذا كانت الحكومة ( المنتخبة ) لا تحرص على أموال الشعب فمن أين نأتي بأناس لديهم ( غيرة ) على أن تكون أموال الشعب للشعب وليس للنفعيين والانتهازيين .
https://telegram.me/buratha