بقلم علي الموسوي
لاينتمي تاريخ العراق القديم والمعاصر الى الوسطية بل كان ومازال متطرفآ في كل شيء فنحن متطرفون في الحب والكراهية ، في السياسة ، في الدين ، في كل مناحي الحياة ولانعرف قدر بعضنا البعض الا بعد نزول البلاء !! ...
طالعنا المقالات الأخيرة والتي يدور محورها حول الاعتقالات الأخيرة للبعثين وأزلام النظام الصدامي البائد وجاءت المواقف المؤيدة من قبل عامة الشعب والكتل السياسية وزعمائها لهذه الضربة الاستباقية والاستخباراتية وقد لفت نظري كمراقب تفاوت هذه التصريحات وحجم التأييد للحكومة وقد اعتدنا كعراقيين في ان نرى الوجهين من الغلو والتطرف في آن واحد وغالبآ ماتغيب عنا مفاهيم التعقل والوسطية لتصل الى التهديد والوعيد ولنبدء بعدها البناء من جديد !! ... ثمانية أعوام مضت ومازالنا نراوح في أماكننا ... ثمانية أعوام نتفنن في اظهار خلافاتنا .. ثمانية أعوام ومازلنا ننشر غسيلنا لنظهر عوراتنا الذي تسترنا بها ماوراء الغسيل !! ... ثمانية أعوام ونحن نتآمر على بعضنا البعض ونخطط لمستقبل انتخابي مبنيآ على الرأي الباطل لارأي الشعب ...
استوقفتني بعض المقالات والتعليقات المنشورة على بعض المواقع والتي حاول البعض من خلالها الاساءة لبعض الرموز والقادة السياسين من دون أي مبرر أو رادع أخلاقي أو ديني ولايشم منها الا رائحة التفرقة وبث البغضاء والعداوة بين أبناء البيت الواحد !! وليس غريبآ أن تنشر هذه المقالات التسقيطية في المواقع الصدامية والمتضررة من تغير النظام ولكن الأغرب أن تتصدر هذه العنواين في المواقع المحسوبة على التيارات والكيانات الاسلامية !! سواء كان ذلك مدروسآ أو سقط سهوآ !! .
من الطبيعي أن نختلف في الرؤى والأفكار وطريقة العمل ومن الطبيعي ان يكون هنالك تنافسآ سياسيآ والا لم تعد هناك الحاجة الى تعدد الأحزاب والكيانات ووجود مجالس الشعب .. وقد قال الله سبحانه وتعالى .. ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وكُنْتُمْ عَلي شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يبَينُ اللهُ لَكُمْ آياتهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * ولْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يدْعُونَ إِلَي الْخَيرِ ويأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وينْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا واخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيناتُ وأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
2 ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَي اللهِ ثُمَّ ينَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يفْعَلُونَ ) .
3 ـ (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلي أَنْ يبْعَثَ عَلَيكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يلْبِسَكُمْ شِيعاً ويذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يفْقَهُون ) .
4 ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيمُ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيهِ واتَّقُوهُ وأَقِيمُوا الصَّلاةَ ولا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيهِمْ فَرِحُونَ ) .
وهذه الآيات الكريمة واضحة في النهي والتذكير على التفرقة والتشرذم والتشظي والانقسام ..
يتفق العقلاء وأصحاب الدين في عدم الدخول في مجالس الغيبة والنميمة وايذاء الآخرين في التجريح والتشهير بهم ولا يختلف هذا الأمر بين شخص وآخر فالدين هو الدين .. قال الله تعالى : (ولا يغتب بعضكم بعضـًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتـًا فكرهتموه ، واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم) ..
كنت غاضبآ عند قراءتي الأخبار ومانقل من تصريحات منسوبة لسماحة السيد عمار الحكيم بخصوص الاعتقالات الأخيرة للبعثيين وما ذكر في تحذيره للحكومة من هذه الاعتقالات !! لاأخفيكم قلقي وتصديقي لمثل هذه التصريحات التي لم ولن أستطيع تصديقها لما تحمل هذه العائلة من ارث كبير ولما يحمله الرجل من فكر ودين وبالأخص هو شريك مهم في العملية الساسية وزعيم المجلس الأعلى الاسلامي العراقي الذي كان من أوائل المتصدين مع شركاء الدين والوطن لتكريس العملية الديمقراطية وابعاد كل المسيئين من الصداميين وغيرهم وقد دفع المجلس الأعلى ثمنآ باهضآ وقاسيآ على مواقفه هذه ولعل الموقف المشرف لوزير الداخلية السابق الاستاذ باقر الزبيدي مازال عالقآ في أذهان العراقيين ومازالوا يتحسرون على هذه المواقف النادرة !! وأنا مشغول في تفكيري استوقفتني بعض الآيات الكريمة في قوله تعالى ...
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ... سورة الحجرات آيه (6)
قررت البحث والسؤال في هذه المضامين والتصريحات حتى لا أكون شريك في ذنب لم أقترفه ... رجعت الى المواقع الخبرية وتوصلت بسهولة عن حقيقة ما قاله السيد عمار وعن ما أريد في التحريف والاساءة له ووجدت الرجل بريئآ من هذا الكلام كبراءة الذئب من دم يوسف ع استغفرت الله كثيرآ وقلت في نفسي الحمد لله الذي جنبني في أكل لحوم اخواني والحمد لله الذي هداني طريق الحق في لحظة الغفلة والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ... علمآ اننا سنجد دائمآ تشكيكآ لدى البعض في شخصياتنا السيادية والسياسية الحالية وعلينا التمعن والحذر الشديد في عدم الانجرار وراء هذه التصريحات واعطاء الفرصة لأعداء العراق والعملية السياسية في شق صفوفنا والايذاء بنا.. وحتى تكون الصورة أكثر وضوحآ لما قيل وقال اليكم هذا النصوص للتمعن والتأكد من صحة هذه التصريحات ...
أكد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي سماحة السيد عمار الحكيم دعمه لكل الخطوات التي تبذلها الحكومة العراقية في مساعيها الرامية الى بسط الامن ومكافحة الارهاب ومقاومة الاهداف الشريرة التي تسعى اليها الزمر الارهابية ، مجددا القول ان أمن العراق خط أحمر لا يمكن التهاون فيه ، وهو مسؤولية الجميع كل من موقعه.
البعث ولى من غير رجعةرئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اكد انه ليس من طبيعته او طبيعة المجلس الاعلى الرد على المتقولين ومن يحرفون الكلم عن موضعه، مذكرا بكلامه بان الامن خط احمر ولا تهاون معه وان ماقاله سابقا مفاده ان البعث ولى من غير رجعة ولاتسامح في هذا الامر، مؤكدا على ضرورة استئصال الخلايا السرطانية لحزب البعث المنحل دون التعامل معها ببساطة وتقديم الدعاية المجانية لهذه الخلايا الارهابية، مطالبا سماحته بسياسة امنية مؤسساتية مبنية على فعل استخباري حقيقي تخضع الواقع الى عمل امني محترف يقلل من نسبة الخطأ، موضحا ان السياسة الامنية التي نطالب بها لا تعتمد فقط على الجهد الاستخباري والعسكري فحسب، بل تركز على الجهد التثقيفي والتوجيهي، فضلا عن عدم اقتصارها على اصدار اوامر الاعتقال. داعيا الجميع الى الحفاظ على النظام السياسي في العراق، والوقوف وقفة حقيقية امام الصداميين وكل من يريد ان ينال ويستهدف التجربة العراقية.
أخيرآ لم يكن هدفنا الدفاع أو النيل عن هذه الشخصية أو ذلك الكيان بقدر مانسعى الى وحدة الكلمة وتعاضد المواقف التي تصب في صالح الشعب والوطن ، أدعو جميع المواقع والأقلام التي تحمل هموم العراق والعراقيين التقيد والحذر الشديد في نشر الأخبار المسيئة والمسيسة ظننآ منها في السبق الصحفي أو اظهار الوجه الثاني من الرأي الآخر وقد يكون الأمر مقبولآ في ظل الظروف الأمنية الطبيعية وفي حالة الرخاء والاستقرار لاأن نعيش اليوم في ظل التهديدات القائمة من جميع الاتجاهات ونحن نأكل لحومنا بأيدينا وقد توعدنا الله سبحانه وتعالى حين قال (( وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ # مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ )) صدق الله العلي العظيم ...
https://telegram.me/buratha