حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
من الأمور التي باتت تشكل عنصر غرابة في واقعنا السياسي العراقي هي كثرة التنازلات بين السادة السياسيين ، ولغايات مختلفة قد تكون ( الصفقات ) هي القاسم المشترك الأكبر فيها ، وهذه التنازلات عادة ما تكون على حساب الشعب العراقي .فالسياسيون الان ابتعدوا من حيث يشعرون او لا يشعرون عن المنطق الحقيقي الذي لابد أن يعملوا به وهو خدمة المصلحة الوطنية ، ووضعها من أولوياتهم بعيدا عن المحاصصة والصفقات والمساومات إلا إن ما يجري في المشهد السياسي من حدوث كثرة التنازلات وقياسا مع ما يجري في أي مشهد سياسي بالعالم ، فان المشهد السياسي العراقي يتصدر القائمة لان المصالح والضغوطات كثيرة والخوف على المناصب والامتيازات يجعل المرء لا يفكر كثيرا في إعطاء أي نوع من التنازلات . ولكن المصيبة الأكبر والأدهى إن اغلب هذه التنازلات تأتي من مصادر عليا في الحكومة العراقية ، بحيث بات المواطن العراقي لا يثق بأي قرار يمكن أن يتخذ ويحتمل تنفيذه ؟؟، لان المصالح بالتأكيد سوف يكون لها دور في إعادة النظر بأي قرار حكومي مهما كان حجمه او الجهة التي صدر منها ، فما يحدث من تنازلات من قبل الحكومة العراقية تجاه بعض الأطراف او القضايا يؤدي بالنتيجة الى انعدام الثقة بين المواطن والحكومة .فأوامر إلقاء القبض على بعض المتهمين وأوامر الإقالة وحتى إصدار الأحكام الجنائية وأحكام الإعدام ونتيجة لوجود ( سياسة لي الأذرع ) او المساومات يتم التريث بها او إلغاءها ( وحسب المصلحة ) وهي بعد لم ترى النور ؟!، وبالنتيجة فان خيبة الأمل التي تصيب المواطن العراقي تجعل من الصعب على القائمين على إدارة الملف الحكومي أن يكسبوا ود المواطن ، كما هو الحال في ما يصدر عن مكتب السيد رئيس الوزراء من قرارات ، فيما يخص بعض الذين تم اعتقالهم وخصوصا في قضية النخيب وبعض الاعتقالات والإقالات الأخيرة . ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك تقارير سرية تشير الى إن مقدار ما يعطى من تسهيلات وتنازلات لبعض الدول المجاورة وحتى غير المجاورة بات يشكل مشكلة خطيرة بالنسبة للسياسة في العراق . إذ تشير التقارير الى إن هناك مجموعة من الشركات والشخصيات والحكومات تمارس نوع من المساومة على إقامة مشاريع او تمرير قرارات او تنفيذ صفقات معينة ومع جهات حكومية عليا ؟!، ومن ثم فان ما تمارسه هذه الجهات الخارجية او الداخلية من مساومات وضغوطات يجعل الحكومة العراقية تتنازل عن الكثير من الثوابت الوطنية والتي هي كما قلنا على حساب ثروة البلد والمواطن العراقي .لذا فان استمرار مسلسل التنازلات لا يمكن أن يخدم المصلحة الوطنية بل على العكس ربما يضر بها اكثر مما تضر الخسائر الاقتصادية لان الشعب العراقي الان بات لا يعلم مقدار ما يقدم من تنازلات سواءا على مستوى أحزاب او كتل او على مستوى شخصيات وتجار وعملاء او على مستوى حكومات .
https://telegram.me/buratha