حمزة الدفان
كلنا نتمنى ان يظهر الامام المهدي (ع) باسرع مايمكن لينقذنا من الجور والظلم ، وكلنا مولعون بقراءة علامات الظهور ، وربما يعيد البعض قراءة الملاحم والفتن مئات المرات وبطبعات مختلفة ليقنع نفسه ان الفرج قريب ، وبائع الكتب في باب جامع السهلة ينادي بصوته الجهوري حاملا الكتاب المطبوع في أحد مطابع بيروت باناقة وهو ينادي : ملاحم ملاحم ملاحم ، يله ياولد خلص خلص خلص ، علامات الظهور علامات الظهور علامات الظهور ، والى جانبه سائق كيه ينادي ابوصخير نفر واحد يله قبط قبط قبط ، فيختلط النداءان ، الظهور حتمي في تاريخ البشرية ولكن كذب الوقاتون ، جلبت نظري علامة من علامات الظهور ، عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال : من العلامات (حكومة الصبيان) وفي رواية اخرى (اذا اعتلى الصبيان المنابر) ، وفيه ان المنابر للخطابة او للحكم أي السلطة وادارة شؤون الناس ، وقائع الدنيا ودورة الأيام تدل على ان الحديث انما يقصد هذه الايام وما يجري فيها على الانام ، فقد انتفض العرب على حكامهم في كل مكان بموجة انقلابية عارمة توصف بثورات الشباب ، والفيس بوك ، حشود من الصبيان وليس في ذلك منقصة ، مما يدل على الجيل الحاضر ونشاطه ، هؤلاء الشباب يسقطون الحكام ويبطلون جبروتهم ، فقد طردوا زين العابدين بن علي من بلده وجعلوه لاجئا في جدة ، وطردوا حسني مبارك وحولوه الى مريض عاجز يسحبه الجنود على سرير الى قفص المحكمة ، وقتلوا القذافي في الشارع بعد ان اهانوه ، وها هم يطوقون رئيس اليمن ورئيس سورية وملك البحرين ، الحمد لله الذي قتل رؤساء العرب وملوكهم واذلهم واراح العباد منهم فمنهم من هلك ومنهم من ينتظر وعذاب الآخرة أشد وادهى ، وبعد ان يفلح الصبيان في اسقاط رموز الطغيان سيسعون الى تشكيل الحكومات وعقد الرايات وحكم الولايات ، والسؤال المطروح : لماذا الاهتمام بحكومة الصبيان والجواب : ان هذه الأمة ياسبحان الله أمة غير موفقة ، كانت هذه الأمة عبدة مملوكة لغيرها من الأمم في العصر الجاهلي بين روم وفرس واحباش ، وعندما تركت الاوثان وآمنت بالاسلام أعزها الله به فاكرمها وجعلها سيدة الامم ، ثم تركت الاسلام ثانية بمحض ارادتها فتفرق أمرها وهانت وذلت وعادت مستعبدة مسترقة لبقية الأمم ، وفي دوامة ضياعها قالت هذه الأمة انها نادمة وستعود الى الاسلام فطاش شبابها وهاموا على وجوههم في ظلمات البر والبحر يبحثون عن الاسلام المزعوم ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ، فلم يجدوا الا عصابات القاعدة واوباش التكفير وعفونة الطالبان ، فامتشقوا سيوفهم وعاثوا بهذه الامة المستعبدة ذبحا وتمثيلا وتشفيا والعدو يسرح ويمرح لا ينالونه بسوء ، وفي حواضن الارهاب في العراق قتل شباب التكفير اباءهم وامهاتهم واخوانهم كما في ديالى والانبار ونينوى والحلة وصلاح الدين واطراف بغداد ، ثم صالوا وجالوا ثانية فكانت ثوراتهم الحالية وستعقبها حكوماتهم ومثلما وقعوا في مصيدة القاعدة التكفيرية سيقعون ثانية في مصيدتها ولا توجد لديهم اي حصانة من السقوط ، فيعلنونها حكومات تكفير لينصبوا لشعوبهم المشانق ، فيكون حال الرعية كحال من قال : (دعوت على عمرو فلما فقدته / بليت بأوباش بكيت على عمرو) ، يوصف هذا العصر بأنه عصر الظلم والجور خاصة في منطقة الشرق الاوسط وكذب من قال ان السبب هو امريكا او اسرائيل ، ان السبب هذه الأمة المتخبطة فهي لا تحتاج لمن يقتلها لانها تقتل نفسها ، ولا تحتاج لمن يسرقها فهي تسرق نفسها وهي راعية للفساد متعايشة معه ، كل الذي تفعله قوى الشر في العالم هو انها تستثمر انحطاط هذه الأمة بافضل طريقة ، لا يوجد في التاريخ البشري مثال واحد يدل على ان الصبيان قاموا ببناء تجربة سياسية ناجحة او أقاموا دولة منتصرة أو بنوا امجاد أمة متفوقة ، أحد علامات الظلم المستمر والتدحرج المتواصل الى وادي الانحطاط ان هؤلاء الشباب يفتخرون بانتصاراتهم المؤقتة ، ولديهم قوة ممانعة عجيبة تمنع السياسي والمفكر والمثقف المعمر والاستاذ من كبار السن من الاشتراك في هذه التجربة بل لديهم عقدة ضد كل من ظهر الشيب في رأسه ، وهذه لا من علامات التوفيق بل هي من الخذلان الالهي بعينه ورب الكعبة ، هذه الموجة الشبابية الفارغة اصبحت تلتهم العراق ايضا وتفتح الباب للجراوي والدائحين من ابناء الشوارع ليقدموا انفسهم على انهم الطليعة الشبابية التي ستغير الواقع ، اي واقع هذا ثكلتكم امهاتكم ايها الاوباش اللقطاء المخنثون ، لا ثقافة لكم يعتد بها ولا ادب ولا معرفة ولا دين ولا تأريخ ولا وعي ولا حكمة ولا تجربة ولا هوية دينية ولا تربية أسرية ، أميون لا تفهون ، وطائشون لا تهدأون ، هذه الموجة تجتاح بلدان المنطقة ، فويل للشام والعراق والحجاز منها ، انها فتنة تخبط بذراعها مابين جيحون والنيل الى حواضر اليمن ، انها حكومة الصبيان ، وممالك الجراوي ، ارتقوها قبل ان تنفتق ، وأخمدوا اوارها قبل ان تتأجج .
https://telegram.me/buratha