حميد الموسوي
أن تتصدى لتحمل مسؤولية ما.. قرار شجاع، وأن تتطوع لحمل راية.. فقرار أشجع. أما إذا تجشمت أعباء قيادة.. فتلك هي البطولة وذلك هو الإقدام!. والتصدي والتطوع والتجشم لانفع ولاخير فيهن ان لم يكن صادرات عن شعور صادق بقيمة ما تؤمن به، والتزام اخلاقي ثابت بما عاهدت نفسك عليه. وقناعة تامة وكفاءة واهلية لأداء الدور الذي فرضه ظرف حتمي وأوجبته حاجة ماسة، بغض النظر عن شكل وحجم ونوع الدور.. وسواء كانت المهمة وطنية او دينية او انسانية. وحتى مع وجود المطامع الشخصية وغريزة حب الجاه والمنصب لا بد من توافر تلك المزايا وبروز تلك السمات اللازمة والضرورية للعب الدور المطلوب وتحمل متاعبه. وعلى الذين يتبنون المسؤوليات، ويتبوؤون المراكز ان يلتزمو بقواعدها، ولو تصنعا، حتى لا يضيعوا ويضيعوا ناسهم!. بيت القصيد ومربط الفرس هو التلويح براية حمراء فاقعة لمن يعنيه الامر من المسؤولين!. وخاصة الذين تفاءلنا اكثر من اللازم بوجودهم.. ومنحناهم ما تبقى من ثقة.. وصبرنا على برودهم في اطفاء حرائقنا.. وتقاعسهم حيال نوائبنا.. وترددهم عند معالجة اوجاعنا ومشاكلنا!. وبررنا لأجلهم واختلقنا المعاذير متذرعين بتداخل الخنادق.. واختلاط الاوراق، وتعدد الجبهات -خوف الشماتة- وقلنا الخير قادم."شدة وتزول". ورضينا بما رضوا به.. وباركنا لهم مرتباتهم الخرافية.. ومنحهم الأسطورية.. "وخمطاتهم" الحوتية.. ورحلاتهم السندبادية، وقلنا "يستاهلون" اكيد سيتفرغون لمصائبنا.. وسينتخون لفجائعنا.. ويتفانون في سبيل ايقاف نزفنا، وتوفير رغيفنا! لكنهم تمادوا في خذلاننا وبكل بساطة تركونا وسط عاصفة الازمات، ومستنقع المفخخات، وسورة العوز والحاجات .ولا إراديا وبدون شعور يسرح خاطر العراقي المرهوق مجترا فيذكر.. ويقارن. ومن حق الجميع اختيار النموذج الذي به يقتنعون ويقارنون وعليه يترحمون، شريطة ان تكون تلك المقارنة خاضعة لمقاييس السيطرة النوعية للضمير والإنصاف والوجدان وتحت اشراف مخافة الله تعالى. وبخصوص من نعنيهم.. لاتستقيم المقارنة بالرواد الأوائل او بالأولياء والنساك فقد نحملهم مالا طاقة لهم به، لكننا نذكرهم بنموذج قريب منهم وعلى سبيل التشبيه والمثال. رجل مر في ستينات تاريخ العراق ساهم في تحرير العراق واخراجه من السلطات الوراثية والمعاهدات الاجنبية وأنجز خلال سني حكمه الأربع ما لم ينجزه قاتلوه طيلة اربعين سنة من تسلطهم الأسود، كان هذا الرجل يتناول فطور الصباح في "مسطر العمال" في ساحة الطيران، يجلس على صفيحة صدئة عند بائع شاي الرصيف ويتناول استكانه مع صمونة ساخنة من فرن شعبي مجاور بعد ان يطلب من الخباز تكبير الصمونة وتصغير صورته التي زينت الجدار.. وظل ينام على بطانية عسكرية في غرفة متواضعة في وزارة الدفاع، وقتلوه ولم ينتسب لحزب معين ومع ذلك دخل القلوب واستحق الاحترام واول صورة رفعت بعد سقوط الصنم كانت صورته التي اختفت منذ اربعين عاما!. قتلوه مع انه لم يمتلك دارا تؤويه، ولا زوجة ترعاه، ولا ولدا يؤنسه، ولا مالا يسره وزادوها فحرموه من امتلاك قبر!.ذكرتكم بجندي عراقي مخلص.. وكلكم جنود عراقيون مخلصؤن وبإقتدار.. أيها المسؤولون. ولكم ان تختاروا من النماذج ماراق لكم.. وما تشاؤون.. بعدما بان الصبح لذي عينين.. والله اكبر.. وليشمت الشامتون!!.
https://telegram.me/buratha