الإعلامي....علي العزاوي
اتهمت القوى السياسية في العراق ولاسيما الإسلامية منها بالعمالة والخيانة طيل السنوات ألثمان الماضية،وأصحاب مشروع المقاومة السياسية،كانوا ينعتون بشتى الألقاب وتكال إليهم التهم بالمجان،ولم يكن لديهم أي حجة رصينة يستندون إليها لإقناع الجماهير سوى ان هزيمة الأمريكان ستكون بهذه الطريقة التي هم عليها سائرون مع إنهم يؤمنون ان الطرق الأخرى مشروعة كذلك،ويعولون في جميع ما يخططون له على ثقتهم بالجماهير و وعيهم وفهمهم للواقع والنتيجة النهائية،واليوم أصبحت النظرية واقعا عمليا،فالانسحاب يعد مقدمة للنصر على المحتل أولا ..و صدق نظريتهم ثانيا.. وبه سقطت ذرائع المحتل جميعها في تسويق الديمقراطية وإعادة أعمار العراق وإحلال النظام فيه، فمثلما عمل المحتل على إيجاد مساحة واسعة لمخططاته بما يسمى الفوضى الخلاقة ها هو اليوم يخرج بالفوضى نفسها تاركاً العراق حلبة واسعة للصراع الإقليمي والدول..المشهد السياسي العراقي ينظر إلى هذا الانسحاب بأنه النصر الذي وعدنا به العارفين للنتائج النهائية والتي جأت عبر قدرات ذهنيتا عاليتا وفهم حقيقيا للواقع السياسي الداخلي والخارجي.. لاشك أن عراق ما بعد الانسحاب الأمريكي ستتغير فيه المعادلات وترتبك فيه الموازين بشكل مختلف ، فالقوى المناهضة للاحتلال رحبت بهذا الانسحاب من باب أنه يعد نصراً في ورقة من أوراق الصراع وقد عبرت عنه حينما قالت: إن الصراع لم ينته بعد. وطبعا ليس بالضرورة ان تتغير الأمور والمعادلات سريعا وكما يعبر عنها انقلابا كاملا ، فالمحتل جاء بمخطط تقسيم العراق وإلهاء شعبه بصفحة الصراع الطائفي والعرقي وهذه لا تزال فيها المحاولات جارية على قدم وساق وكيف لا وعرّاب التقسيم الطائفي (بإيدن) هو من يمسك بملف القضية العراقية وهو صاحب أطروحة التقسيم على أساسين مختلفين أولهما الطائفية وقد انتدب لها أدوات شحن طائفي لا تمانع أن تحرق الأرض من أجل عرض من الاحتلال، وانتدب أدوات أخرى عنصرية تتاجر بمسميات القومية لتقتطع من أرض العراق مساحات أخرى لتضاف لتلك العناوين، فالشعب العراقي الذي مورس عليه الظلم بأنواعه كافة استطاع من التصدي لصفحات التقسيم وبيع الثروات والشحن الطائفي..يعد الانسحاب الأمريكي في العرف العسكري والسياسي هزيمة نكراء لقوة غاشمة أرادت تغيير ديمغرافية المنطقة ولم تستطع ذلك بتصدي شعوب هذه المنطقة للمشروع التفتيتي الذي كان يستهدفها بل إن من نتائج هذا العدوان إدراك هذه الشعوب لحجم المخطط الذي يستهدفها،والصحوة المتنامية لمواجهة أصحاب مشروع الهيمنة على خيرات الشعوب،وبكل أنواعها بما فيها سرقة فصائل الدم وخصوبة العقول وتشويه سمعة شعوب ولد التاريخ من رحمها وصدرت الإنسانية من أرضها..إن الانسحاب على الرغم من أنه يمثل صفحة هزيمة للمحتل ونصراً لأبناء العراق إلا أن المعركة لم تنه بعد فلا تزال هناك صفحات معدة لإدامة الصراع وابتعاث الطائفية السياسية ودعم أدوات الاحتلال التي استترت وفتحت الباب واسعاً للتكهن بمستجدات أخرى لا تقل أهمية عن أي مرحلة من مراحل الاحتلال ذات الأهداف والأطماع المتعددة...فالمشهد مفتوح ومعقد في الوقت نفسه و العملية السياسية تشهد تناحراً وتخاصماً وصل إلى حد كسر العظم فيما بينهم فكل يريد أن يستأثر في الحصة الكبرى من رضا الاحتلال واعتماده داعما خفي لتحقيق أهدافها الرخيصة، فاليوم يتركز الصراع في أطراف كانت متحالفة فيما بينها بالأمس القريب، ومن ثم فإن الانسحاب سيفتح الباب واسعاً أمام تحديات خارجية وداخلية لا يستقر معها العراق لعقود قادمة. ليبقى الشعب العراقي يتذكر دائما من هم أصحاب المشروع الناجح في إجبار الأمريكان بالانسحاب من ارض العراق، وان كانت ذاكرت الشعوب مثقوبة..
https://telegram.me/buratha