الكاتب ..عمران الواسطي
ليس كل شيء يشترى بالأموال ( كما يقولون ) .. إذ ان هناك اشياء لا يمكن لأي ثمن ان يكون قيمة لها . وهذه الأشياء قد لا تكون مادية بل هي الى الدعم المعنوي اقرب .فربما يشتري المرء بالأموال ما يحقق له الاستقرار المعيشي او الوظيفي او غير ذلك ولكنه لا يمكن ان يكسب قلوب بعض النوعيات من البشر الذين لا تؤثر بهم المفاهيم المادية بقدر ما يؤثر بهم الالتزام بالثوابت وقوة الشخصية ، فما أريد ان أتحدث عنه هو ما يجري الان في العراق من قبيل إقدام الحزب الحاكم في العمل على ضخ الأموال الضخمة وتسخير المؤسسة الحكومية لأجل تحويل الرأي العام الى جانبها ، وهذا ربما بات الان من قبيل المستحيل إذ ان الشعب العراقي الان يعلم جيدا ان المتصدين لسدة الحكم في العراق لا يمكن ان يقدموا اي شيء وعدوا به سابقا ، وليس باستطاعتهم ان يميلوا الرأي العام الى صالحهم مرة أخرى كما فعلوا قبيل الانتخابات البرلمانية الماضية ، وبذلك بات الطريق أمامهم صعب جدا . وبعد كل تلك المحاولات اليائسة اتجه الحزب الحاكم في العراق الى العمل وفق إستراتيجية جديدة .. ولكنها للأسف لم تنفع إذ ( وكما قلنا سابقا ) ان هناك أمور لا تشترى بالأموال والمناصب .حيث تبنى حزب الدعوة الإسلامية وبعد رحيل المرجع محمد حسين فضل الله مرجعية أخرى عله بها يكسب ود الجماهير وخصوصا إذا ما علمنا ان من تم تبني مرجعيته في حزب الدعوة هو سماحة السيد محمود الشاهرودي الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى وعضو مجلس الخبراء وتشخيص مصلحة النظام في إيران حاليا . مما يعني ان الغطاء الشرعي لكل ما يقوم به سوف يكون من اعلى المستويات الفقهية والعلمية الأمر الذي يعطي مجالا اكبر وأوسع للتحرك حسب وجهة نظر الحزب الحاكم . ولكن ( تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ) كما يقولون ؟! فقد كشف مصدر مطلع من محافظة النجف الاشرف بان السيد محمود الشاهرودي بعث وكيله الشيخ محسن برويزي وزير العدل الإيراني الأسبق ليكون منسقا لشؤون حزب الدعوة الحاكم في العراق بعد اختيار الحزب للسيد الشاهرودي مرجعا له ، وفور وصول البرويزي مدينة النجف الأشرف تم استقباله بوفد رسمي من مكتب رئيس الوزراء ونواب من حزب الدعوة ومدير مكتب الشاهرودي في النجف الشيخ إبراهيم البغدادي وأقيمت له احتفالية بحضور أكثر من مائتين شخص وتم إبلاغه ان جميع الحضور هم من مقلدي السيد الشاهرودي . وقال برويزي في بداية حديثه "أسمحوا لي ان أتكلم لكم بالفارسية لضعف عربيتي ،انقل لكم تحيات المرجع و إني سأعمل على تنشيط الواقع السياسي للحزب من خلال خبرتي في العمل السياسي حيث كنت وزيرا للعدل في إيران لثماني سنوات ومستشارا قانونيا لرئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد اربع سنوات ، وان السيد الشاهرودي أبلغني بأنه لا يستطيع الانتقال الى النجف بسبب عمله الرسمي في إيران وأيضا لا يستطيع الدخول بمنافسة مع مراجع النجف الأربعة العظام خاصة المرجع الأعلى الإمام السيستاني ، وان الشارع العراقي سيرفضني ( نقلا عن السيد الشاهرودي ) وكذلك فان دعم الحزب لنا لا يكفي خاصة وبالذات وأنتم لا تمتلكون مسجدا ولا حسينية في العراق وجمهوركم فقط هو من مجالس الإسناد الحكومية " الأمر الذي أثار حفيظة الساسة الحضور وربما جعلهم يعيدون حساباتهم .. ليس هذا فقط بل ان السيد البرويزي نوه الى ان رأي الشاهرودي هو ان يختار المالكي أما رئاسة الحزب او الحكومة ؟؟ ، وقال ان تذمر الشارع العراقي من انعدام الخدمات وعجز الحكومة في تحقيق أي منجز للشعب خلال أكثر من ست سنوات مضت ووصول تقارير الى السيد الشاهرودي من المناطق الشيعية تفيد بأن السيد المالكي فشل فشلا ذريعا في السيطرة على الملف الأمني رغم سيطرته على كافة الوزارات الأمنية ، وان أحدى الاستفتاءات وصلته من مدينة السماوة تفيد بأن المالكي أفشل رئيس وزراء جاء في تأريخ العراق وهذا ينذر بكارثة. ولكن الضربة القاضية التي وجهها السيد البرويزي وعلى لسان السيد الشاهرودي الى كل من كان حاضرا ممن كانوا يأملون ان تكون هناك مساندة في كل القرارات والأعمال التي يقوم بها حزب الدعوة هو ما قاله في نهاية حديثة "هذه جزء من توجيهات السيد الشاهرودي أن قبلتم بها أهلا وسهلا وبخلاف ذلك هو غير محتاج لتقليدكم له ولولا زياراتكم وزيارات المالكي المتكررة وإلحاحكم عليه لم تكن له رغبة بفتح مكتباً في النجف الأشرف ". وهنا بات الإثبات واضحا بان هناك من الأمور لا تشترى بالمال او المكاتب الفخمة او الاستقبالات الكبيرة بل لابد من العمل النزيه والواقعي لخدمة المواطن حتى تبنى العلاقات بشكل صحيح ودون مصالح .
https://telegram.me/buratha