جمعة العطواني
اثارة دعوة السيد رئيس الوزراء الى كبار البعثيين للبراءة من البعث كمقدمة لقبول عودتهم للعمل السياسي ردود افعال رافضة لهذه الدعوة .ولكن رفض المراقبين لهذه الدعوة ياتي للخلفيات السياسية والثقافية المختلفة التي ينطلق منها هؤلاء في قراءتهم لها ؟فاحد الفريقين الرافضين لهذه الدعوة ينطلق من زاويته البعثية، اذ انه لازال ينظر الى البعث على انه مر بكبوة ولابد ان يعود من جديد الى الواجهة السياسية، وان مسالة عودته باتت مسأ لة وقت ليس الا ،وان امارات العودة بدات تلوح في الافق من خلال الدعوة الى ايجاد اقاليم طائفية كردة فعل لاجتثاث البعثيين المشمولين بقانون المساءلة والعدالة .اذا لازال البعض يحن الى ذلك التاريخ الاسود في نظر الغالبية من العراقيين ،لكنه بنفسس الوقت يمثل عصرا( هارونيا) ذهبيا بنظر اتباع البعث، نظر للتسلط والغنى الذي حصل عليه هؤلاء بفضل بعثهم والذي لولاه لم يكادوا يفقهون حديثا .لذلك يعد هذا الفريق ان مجرد الاعتذار والبراءة من البعث يعد اهانة للبعث ووصمت عار بوجه المتبرئين منه ، بل وسيحاسبهم البعث( العائد) من جديد في احضان الاقاليم الموعودة ، علما انهم متيقنون بان هذه الدعوة( البراءة) لاتجدي نفعا، لان ضغوطهم على المالكي بدات تنجح باتجاه الاستجابة لهم ، ففي كل مرة يقرر السيد المالكي ويتخذ امرا نجده سرعان مايتراجع في ليلة وضحاها ، فمجزرة النخيب لازالت شاخصة امامنا، اذ انه بعد ساعات قليلة من اعتقال المتهمين بهذه المجزرة جاءت تهديدات بعض المسؤولين في الانبار، وكانت استجابة رئيس الوزراء سريعة في اطلاق سراحهم ، ومن بعدها جاءت اوامر اجثاث كبار ضباط الاجهزة القمعية في وزارة التعليم من قبل معالي وزير التعليم العالي الاستاذ الاديب تطبيقا لقانون المساءلة والعدالة بعد ان حاول الوزير السابق ( العجيلي) جاهدا ان يجد لهم ملاذا امنا بعيدا عن انظار القانون ،الا ان استجابة دولة رئيس الوزراء للضغوط السياسية من البعض جعلته يامر بالتريث باجتثاثهم .واخيرا وليس اخرا الاوامر الاخيرة باعتقال مجموعة من البعثيين الذين يرومون القيام باعمال ارهابية متزامنة مع انسحاب قوات الاحتلال كانت النتيجة لاتختلف عن سابقاتها وذلك من خلال اوامر رئيس الحكومة بطلب البراءة من البعث مقابل العفو عنهم.اذا امام هذه المرونة غير المسبوقة لاتوجد مبررات كافية امام مجرمي وكبار البعث لاعلان براءتهم من البعث، وهم يجدون من يدافع عنهم من زعامات القائمة العراقية الذين طالما خدم بعضهم البعث لعقود من الزمان وهم اليوم يدافعون عنه بضراوة .اما الفريق الاخر الرافض لبراءة( البعثيين من بعثهم) فهم ابناء المقابر الجماعية والذين لم يعثر بعضهم بعد على رفاة ابنائه واهله وذويه ،والذين لازالت مطامبر البعث وزنزاناته شاخصة امام اعينهم ، بل لازالت امهات الشهداء لم تقر عيونهن برؤية عتاة العبث ينالون جزاءهم العادل ، بل ان المحكمة المختصة قد اغلقها قادة البلد امتثالا ( للمصالحة مع البعث) قبل ان تقر عيون الايتام برؤية كبار البعثيين معلقين على اعواد المشانق .فاي براءة بعد ذلك من البعث تكفي لعودة هؤلاء الذين لاتنفع معهم البراءة كما لاينفع تطهير عين النجاسة ولو طهر بالماء الاف المرات .الذي اريد اضافته هنا وهو ما يجعلني اتعجب ويزداد عجبي عندما قاتلنا جميعا ليس ابان البعث المجرم ،بل وحتى بعد سقوطه المهين عام 2003م من خلال اقرار دستور وقوانيين، وتغنينا لسنوات باننا حققنا اعظم انجاز في تاريخ العراق الحديث والمعاصر، وهو بناء دولة مؤسسات يكون فيها القانون هوالذي يعلو على كل شيء، وان الجميع يخضع للقانون مواطنا كان او مسؤولا ، وبذلك انتهى الزمن الشمولي الذي يقررفيه القائد الشمولي مايريد وجميع القوانيين كانت في نظره لاتعدو الا ان تكون جرة قلم . اقول بعد هذا الانجاز الذي تحقق وبعد اقرار قانون جتثاث البعث، ومن ثم نسخ هذا القانون ،واستبدل بقانون المساءلة والعادلة رافة ببعض البعثيين، والتعاطي معهم بانسانية ،واصبح هذا القانون الجديد بمثابة بلسم يداوي شيء من جراحات المعذبين من عوائل الشهداء والسجناء، رغم الاستثناءات الكثيرة والكبيرة التي استخدمها بعض قادة البلد والتي افرغت القانون الجديد(المساءلة والعدالة ) من محتواه ولم يبق منه الا اسمه .اقول لماذا عدنا من جديد لنتحكم بدماء الشرفاء، ونتاجر بها من اجل مصالح ضيقة او من اجل كرسي زائل، ونحن نزعم باننا الورثة الحقيقيون لاولئك الرجال والنساء الشرفاء الذين قضوا قتلا وذبحا على منحر الحرية .فاذا كنا حقا ورثة حقيقين لتلك الثلة من المؤمنيين فلماذا نتاجر بدمائهم وعذاباتهم وتضحياتهم ؟ هذا من جهة.ومن جهة اخرى اي مسوغ قانوني يعطي الحق للبعض ان يعلو على القانون ليسمح للبعثيين بالعودة والعفو عنهم بمجرد اعلان البراءة،؟ وهذه البراءة تتعارض مع الدستور والقانون ،ولان البعثيين لاامان لهم ولو اقسموا بعقيدة البعث والتي تعد من اقدس المقدسات بالنسبة لهم، فاي سذاجة هذه التي تجعلنا نركن الى هؤلاء بمجرد اعلان لراءة ؟اعيد واذكر الجميع بمقولتي الشهيدين السعيدين سيد شهداء العراق محمد باقر الصدر(قدس) _ لو كان اصعي هذا بعثيا لقطعته وقطعت الذي بجنبه _ لعلمه ان البعث والبعثيين صراطا لاينفع معه اي علاج سوى القطع، ومقولة شهيد المحراب(قدس) _ لقد كان البعث عدونا ،واليوم عدونا ،وسيبقى عدونا_ وقيل له سيدنا اما انه كان عدونا فقد علمنا ذلك، واليوم عدونا ايضا نعلم ذلك ،لكن كيف سيبقى عدونا ؟،فاجاب رضوان الله تعالى عليه( لانه تعرض سابقا الى ضربات موجعة لكنه تجاوزها واليوم تعرض الى ضربة موجعة ونخشى ان يتجاوزها ).حقيقة كلام الشهيدين السعيدين في محلهما لانه بدا البعث يعيد نفسه بين قرارات ارتجالية، وحواضن فيدرالية بدات تهيا له من جديد، ومجاملات سياسية نواستخفاف بدماء الشرفاء كلها مقدمات لعودة البعث باسماء جديدة لكنها تمثل الامتداد الحقيقي لذلك التاريخ الاسود ( ولات حين مندم)
https://telegram.me/buratha