بقلم / داود نادر نوشي
ديمقراطية بلا ذاكرةمن المعروف أن الديمقراطية في دلالاتها الاشتقاقية تعني حكم الشعب نفسه بنفسه أو قد تعني حكم الأغلبية بعد عملية الانتخاب والتصويت ، وهي مبدأ شفاف ونظام حكم تحلم به الكثير من شعوب العالم ، التي مازالت تأن تحت سياط الديكتاتورية المقيتة ، وأي نظام سياسي لا يعتمد الديمقراطية فأن الحريات وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة لا مكان له فيها . والديمقراطية التي ناضلت من اجلها شعوب العالم ودفعت في سبيلها الملايين من الشهداء والمناضلين ، هي التي تحترم فيها كرامة الإنسان ، ومن خلالها يمارس حياته السياسية والاجتماعية بكل حرية ، وله فيها حقوق وعليه واجبات ، والديمقراطية فلسفة وقيم ومفاهيم ، لايمكن تجاوزها عند استلامنا للسلطة أو نعتبرها وسيله للوصول إلى كرسي الحكم ، وهي كذلك مبدأ لا نصاف المحرومين والمظلومين في العهد الذي سبقها وما يجري ألان في العراق من بعض السياسيين الذين يريدون تجاوز الماضي تحت عنوان المصالحة والتسامح هو في الحقيقة بعيد كل البعد عن معنى ومفهوم الديمقراطية ، والمصالحة كلمة رومانسية جميله والتسامح ونسيان الماضي عبارة رقيقة ، ولكن هذه العبارات والشعارات التي يطلقها البعض من المستفيدين من النظام البائد أو المشاركين معه في الجرائم ، لا يجب أن تنال منا أذان صاغية ، فهم يريدونها ديمقراطية بلا ذاكرة وتعددية بلا ألوان وحرية بلا معنى ، فالديمقراطية لا تعني نسيان الفترة المظلمة من التأريخ الذي سبقها والمرور عليه مرور الكرام .فكيف لنا نحن العراقيين أن ننسى هؤلاء المجرمين الذين ساهموا مع الطاغية في قتل الآلاف الشباب وخيرة العلماء وترويع النساء والأطفال طوال حكم البعث المهزوم ، كيف لنا أن ندع خلف ظهورنا معانات العراق وأهله عبر عقود من الظلم والحيف ، وماذا نقول لأهالي حلبجة وضحايا المقابر الجماعية ، وكيف نواجه أبناء وبنات الشهداء ، واني اسأل هؤلاء الداعين إلى التسامح والمصالحة ، هل عشتم معاناتنا ، وهل قتل أبنائكم كما قتلوا أبنائنا ، وإذا كان لابد للمصالحة فهي قطعا لا تشمل هؤلاء الذين استباحوا الدم والعرض وإنما مع الذين لا يحملون نهج وفكر البعث عقيدة في نفوسهم والذين أجبرتهم الظروف على الانتماء تحت تأثير مكاسب العيش والوظيفة ، وهؤلاء انخرطوا في العراق الجديد بدون ألجاجة إلى المصالحة والتسامح .وفي ظل الظرف العراقي الراهن مازال البعث والبعثيين يكيدون بالعراق والعملية السياسية المكائد ، ويتربصون الفرص من اجل تحقيق حلمهم بالعودة للحكم من خلال الدعم العربي والإقليمي ، وهذا لايحتاج إلى الكثير من التصديق والإثبات ، وتحالفهم مع عصابات القاعدة ومجاميع الإرهاب بعد 2003 مازال مستمرا إلى يومنا هذا .فإذا كانت الديمقراطية تعني التسامح والمصالحة مع هؤلاء والمساواة بين الضحية والجلاد فأننا لا نتشرف بها كقانون للحكم ومبدأ للسلطة ، والديمقراطية التي لا تملك أنياب قد لا تستطيع حماية نفسها من المجرمين والإرهابيين والمفلسين والمفسدين ، ولذا لابد لها أن تتمتع بذاكرة قوية تستطيع من خلالها تحقيق العدالة والحرية والكرامة .
https://telegram.me/buratha