علي الذهبي
الإعتذار الذي قدمه السفير الأمريكي في بغداد جيمس جفري إلى الشعب العراقي لعدم وقوف الإدارة الأمريكية آنذاك إلى جانب الشعب العراقي في إنتفاضته ضد الطاغية صدام عام1991، أخذ ردود أفعال كثيرة بعضها وصفه بالمتأخر وبعضها وصفه بالإقرار وبعضها وصفه بتأنيب الضمير والتكفير عن الخطيئة، ولو رجعنا إلى المسوغات والحافز والأسباب التي دعت السفير الأمريكي إلى تقديم هذا الإعتذار بنص التقرير الذي نشرته (النيويورك تايمز) لوجدنا إنه قدمه إلى السيد عادل عبدالمهدي نائب رئيس الجمهورية السابق ومنه إلى الشعب العراقي والعشائر العراقية بسبب إن السيد عادل عبدالمهدي عندما دار الحديث بينه وبين السفير الأمريكي حول مجريات الأحداث في المنطقة وربيع الثورات العربية وإعجاب السفير بما قامت به الشعوب العربية أشار السيد عادل عبدالمهدي إلى الموقف الأمريكي المتناقض ومتسائلاً لماذا وقفت أمريكا مع ثورات الشعوب ضد حكامها ولاسيما في ليبيا وساندت الثوار في حين وقفت بالضد من ذلك تجاه ثورة الشعب العراقي عام 1991 ولم تقف إلى جانب الشعب، ولو وقفت إلى جانبه لتم الإطاحة بنظام صدام ولما كلّف ذلك أمريكا الأموال الطائلة وسقوط ضحايا من جنودها وتدمير البلاد قبل عام 2003 .فأقر السفير بذلك الخطأ الستراتيجي الجسيم الذي أتخذه بوش الأب الذي كان رئيساً للولايات المتحدة آنذاك، وقدم إعتذاراً إلى السيد عادل عبدالمهدي عن ذلك الخطأ ومنه إلى الشعب العراقي وهو إعتذار طال إنتظاره، وعلى الرغم من إنه جاء متأخراً فإن ذلك بحسب ما نشر يمثل الإعتراف الرسمي بأن بداية الربيع الذي كان منذ عام 1991 ،الذي نريد أن نؤكده إن هذا الإعتذار ليس بالسهولة أن يأتي من الإدارة الأمريكية لولا الجهد الكبير الذي بذله السيد عادل عبدالمهدي في بيان مظلومية الشعب العراقي وتنكر الدول العظمى لثوراته وللوضع الذي كان يعيشه أبان النظام البائد، وإن لقاءاته التي كان يجريها مع المسؤولين الأجانب كانت تحمل الهم العراقي فلم تكن لقاءات ثنائية لتبادل المجاملات أو إنها جلسات سمر بل جلسات شرح وتوضيح وإستقطاب مواقف لصالح الشعب العراقي.وعلى الرغم من إن العراق الجديد يعد صديقاً لأمريكا فإن الدبلوماسية العراقية ولقاءات المسؤولين العراقيين على مختلف مشاربهم وقربهم من الإدارة الأمريكية والندوات والإجتماعات لم تفلح بأخذ ولو مضمون أو إشارة لمثل هذا الإعتذار الذي يعد عملاً دبلوماسياً كبيراً لا يستطيع شخص أو مسؤول أن يأخذه ببساطة من دون قوة شخصية وقوة حجة ودليل، فقد أنتصف السيد عادل عبدالمهدي لدماء شهداء الإنتفاضة وأعاد رسم التاريخ من جديد وأرجع عقارب زمن الربيع العربي إلى 1991 رسمياً وهذا ديدن عبدالمهدي في الإنتصاف والإنتصار لقضايا الشعب، وطالما كان يؤكد على ذلك في كل لقاءاته وكتاباته ولاسيما إفتتاحياته في صحيفة (العدالة) التي وقفت دائماً مع الشعوب العربية في سعيها ومسيرتها نحو كسب حريتها مهما تنوعت في عرقها وطائفتها وجنسها ولونها، فما بالك بالقضية العراقية، وهذا ليس الموقف الوطني الوحيد له فمواقفه كثيرة ومتعددة ومنها ملف المديونية التي وقف الكثير ضده فحمل الملف أبان كان وزيراً للمالية في حكومة الدكتور أياد علاوي وأستطاع بعد مفاوضات شاقة أن يحسم هذا الملف لصالح العراق ويطفئ (80%) من المديونية وينقذ الأموال العراقية في الخارح من قبضة الدائنين إذا ما رفعت الحماية الدولية عن أموال العراق.. ومثل ذلك وقوفه بقوة إلى جانب منح الصلاحيات الواسعة للمحافظات وتخفيف القبضة المركزية عليها، ناهيك عن أعمال ومواقف كثيرة يعجز القلم عن ذكرها.فعادل عبدالمهدي يمتلك قوّة إقناع عجيبة وفكر وقاد وثاقب يستمع للرأي والرأي الاخر ويدحض الحجة بالحجة وكسب مواقف دولية كثيرة لصالح الشعب العراقي فجزاه الله خيراً عن الشهداء الذي ناموا قريري العين يوم أنتصف لهم وأنتزع إعترافاً بثورتهم وإعتذاراً من لم يساندهم ،ظلت الإدارة الأمريكية (22سنة) تخفيه وتتنصل منه وشكل هاجساً يؤرق دعواتها للشعوب بالتحرر حتى أستطاع عبد المهدي أن يأتي بما عجزت عنه الدبلوماسية العراقية واللقاءات الأمريكية العراقية وعلى مختلف مستوياتها.
https://telegram.me/buratha