سعد البصري
هناك اشياء نتعلمها في مجتمعاتنا تفيدنا من حيث نشعر او لا نشعر بأنه سيأتي اليوم الذي يمكن لهذه الأشياء ان تكون خزينا مهما يعيننا لما نقع في من تجارب .فـ( المراوحة ) او الحركة المستمرة في مكان واحد وعدم التقدم خطوة واحدة للأمام كما يحلو للبعض ان يسميها هي حالة استخدمتها الجيوش في العالم عندما يقومون بتدريب القوات المسلحة على إطاعة الأوامر العسكرية ، فتكون المراوحة تمهيدا للقيام بعمل معين .. اي أنها تعتبر بعبارة اكثر دقة ( تسخين ) للفرد لكي يُهيئ للعمل اللاحق .على كل حال فما أريد ان أقوله ان الملف الأمني في العراق بات حاله ينطبق تماما على موضوع المراوحة حيث ان هذا الملف ومنذ فترة طويلة لم يتحرك من مكانه ؟! ، ولكنه يعمل وفق آلية ثابتة وظل يراوح في بنفس الاتجاه دون ان يحرز اي نوع من التقدم الملحوظ بالمقارنة مع ما يقوم به الجانب الأخر الذي يسعى للقضاء على الملف الأمني في العراق نهائيا بواسطة ابتكار وتطوير أعماله ونشاطاته بشكل اكثر تطورا وتمويها . بينما الملف الأمني العراقي والمسؤولين عليه باقين في أماكنهم لا يعرفون ماذا يفعلون أمام النقلات الخطيرة والمتنوعة في ملف الإرهاب والإجرام .فتنظيم القاعدة الان ووفق مصادر موثقة بدأ بإتباع إستراتيجية جديدة لتمويل عملياته تعتمد على شراء مساحات من الأراضي والبحيرات لتمويل عملياته في بعض المحافظات العراقية وتشير هذه المصادر الى أن منطقة البحيرات في مدينة بابل أصبحت تحت سيطرة التنظيم بشكل كامل. وان هناك معلومات وردت من الجهات الإدارية في إحدى نواحي بابل تشير الى قيام مجموعة من الإرهابيين بشراء عدد كبير من الأراضي الزراعية لاستغلالها كمصادر لتمويل عملياتها. ويرى باحثون ومراقبون تخصصوا في تعقب الأموال التي يحصل عليها تنظيم القاعدة في العراق، أن التنظيم كان يجني خلال الفترة 2003 - 2008 عن طريق الابتزاز او ممارسة الأعمال التجارية، مبالغ طائلة تتجاوز الـ60 مليون دولار سنويا في كل محافظة من المحافظات التي كانت خاضعة لنفوذه مثل الانبار ونينوى وديالى وبعض مناطق شمال بابل وجنوب العاصمة بغداد ، فيما كان يحصل على مبالغ موازية من خلال الدعم الخارجي الذي يتلقاه من بعض دول الجوار او الجهات الداعمة لعمليات العنف والإرهاب والقتل التي ينفذها تنظيم القاعدة وغيره من مجموعات إرهابية في العراق . وبحسب هؤلاء الباحثين اندفع تنظيم القاعدة الى زيادة موارده من داخل العراق عن طريق المتاجرة بالأراضي وممارسة الأعمال التجارية، بعد أن فقد جزءا كبيرا من التمويل الذي كان يحصل عليه من الخارج، بسبب سيطرة القوات الحكومية على اغلب المناطق الحدودية المحاذية لدول الجوار بعد عمليات نفذتها أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009 لملاحقة عناصر التنظيم في العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها . فما يجري في المحافظات العراقية الان لابد ان يتابع بشكل كبير وواقعي ولابد على السادة القائمين على الملف الأمني ان يطوروا تقنيتهم وإستراتيجيتهم وفق التغيرات التي تحدث في الملف الأمني وان لا يستمروا كما اشرنا بمراوحتهم في مكانهم وكل واحد منهم يلعن الأخر. فمسؤولية محاربة واجتثاث هذه الأعمال التي راحت تشكل خطرا كبيرا على مجمل الوضع بالعراق تقع على عاتق الجميع ، والحكومة على وجه الخصوص الأمر الذي ان لم تتم معالجته سريعا ، فان عودة العمليات الإرهابية الطائفية ( المبتكرة ) قادمة من جديد .
https://telegram.me/buratha