بقلم:الكاتب عمار احمد
تتعدد وتتنوع اثار ونتائج الفساد الاداري والمالي وكذلك الاخلاقي السلبية على المجتمع، وهي تتجاوز ما قد يتصوره البعض بأنها تتحدد وتقتصر على تلاعب بجزء قليل من المال العام يضيع في زحمة كثرة المؤسسات وكثرة الاسخاص وكثرة المشاكل والتحديات.القضية اكبر من ذلك بكثير وهي تبدأ مثل ما يظهر التسوس في احد الاضراس قليلا وغير مرئي ولايشكل اي اهتمام من قبل الشخص، لينتهي الى الم ومعاناة وجلسات عديدة على كرسي الطبيب، قد لاتؤدي الى نتيجة ايجابية، وربما ينتهي الامر الى قلع الضرس.. استنادا الى مبدأ (اخر الدواء الكي).الفساد الاداري والمالي، يبدأ صغيرا تحت عنوان رشوة او هدية اكرامية ليتسع ويمتد ويكبر ويكون بعد ذلك على شكل صفقات وعمولات وهدايا ومتاجرة بالمناصب بملايين الدولارات ومليارات الدنانير.والفساد الاداري والمالي يجعل من اناس بسطاء محدودي المال والحال وفي نفس الوقت ضعاف نفوس وليس لديهم اي وازع اخلاقي او ديني، يجعلهم يتمتعون بأوضاع مالية قد تكون خيالية ولايحلمون بها.. من بيوت فارهة وسيارات اخر موديل يستبدلونها بأستمرار وسفرات متواصلة، واجواء بهرجة وصخب ووجاهات اجتماعية زائفة ومفتعلة.وهذا يكون طريقا ومدخلا مختصرا للفساد الاخلاقي حيث الليالي الحمراء التي يتخللها تناول ارقى المشروبات وتناول افضل المأكولات والاستمتاع بأجمل فتيات الليل.. وهذه الاجواء تحتم وتتطلب دائما المزيد من الاموال التي لايمكن لها ان تتوفر الى عبر المزيد من النصب والاحتيال وموت او غياب الضمير وكل مبدأ اخلاقي او ديني.وتوفير المزيد من الاموال لايأتي من فراغ، بل انه يأتي من خزائن اموال الدولة، اي المال العام، وهذا يعني اموال الناس الذين مازالوا محرومين ومهملين ومهمشين ومغيبين، والاموال التي ينبغي ان تصرف على قطاع الكهرباء والمستشفيات والمدارس والخدمات الاساسية.فالغنى الفاحش لعدد قليل من ابناء المجتمع وبصورة غير طبيعية وسريعة يقابله فقر مدقع لعدد هائل من ابناء المجتمع ليس سببه قلة امكانيات الدولة ومواردها، وانما سوء التصرف والتدبير والسرقات وموت وفقدان الضمير. والدولة عندما تعجز عن ردع السيئين في المجتمع وانصاف المظلومين، ورد الاعتبار ان عاجلا ام اجلا.فالدولة التي لاتستطيع ان تحقق العدالة الاجتماعية بين مواطنيها ورعاياها بمقدار معقول لايمكن ان ننتظر منها ان تنجح في المهام الاكبر والاخطر، اذا كانت هناك مهمام اكبر واخطر واهم من مهمة ترسيخ العدالة الاجتماعية بين الناس واعطاء كل ذي حق حقه. وكما يقول احد كبار الزعماء السياسيين في البلاد "ان واحدة من اهم حقوق العراقيين بعد الحرية والاستقلال هو العدالة الاجتماعية وهو حق منقوص للعراقيين في الوقت الراهن مع الاسف الشديد، ويحتاج الى وقفة طويلة ومعمقة في كيفية تعزيز هذه العدالة، حفاظا على النظام الديمقراطي والتعددي في بلادنا، فقد اصبح الاغنياء يزدادون غنا والفقراء يزدادون فقرا وهناك تلكؤ واضح في ملف الخدمات على اكثر من صعيد، ومعاناة العراقيين معاناة عظيمة جراء نقص الخدمات حتى اصبح البعض منهم يتمنى ان يجد العراق بظروف الخدمات المتوفرة في دول فقيرة في المنطقة.ان الشعب في اليوم الذي يستوفي فيه حقوقه ويحقق عزته وكرامته, سيلتف بقوة حول الحكومة والمسؤولين ويعينهم على امرهم في ادارة البلاد وفي تحقيق الرفاه الاجتماعي والعيش الرغيد للمواطنين".والحقيقة الدامغة ،هي ان المجتمع متى ما وجد من الدولة الاهتمام الكافي به سيلتف حولها ويساندها ويؤازرها، ولكنه اذا لم يجد سوى الاهمال واللامبالاة والمحاباة والفساد بكل اشكاله، سوف يحقد ويستاء ويتذمر ويتيحين الفرصة المناسبة للانقضاض عليها.وما يحصل في ظل ثورات الربيع العربي هذا هو بالفعل، وربيع العراق الديمقراطي الذي جاء مبكرا جدا مقارنة بالربيع العربي لايجوز الزهد والتفريط به تحت وطأة مغريات السلطة والمال وملذات الحياة الاخرى مع موت الضمير وانحراف السلوك، وضياع الاخلاق.
https://telegram.me/buratha