محمد آل عيسى
لو عدنا بأذهاننا إلى الماضي إلى يوم الغدير بالتحديد ودرسنا وضع الإسلام والمسلمين آنذاك لرأينا أنه كان هناك معسكران : الأول هو معسكر المسلمين من مهاجرين وأنصار ملتفّين حول نبيهم الكريم الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور .والمعسكر الثاني : هو معسكر المشركين الذين كانوا قد نصبوا العداء للنبي الأعظم منذ اليوم الأول لجهره بالدعوة إلى يومنا هذا يعاضدهم المنافقون الذين أظهروا الإيمان لحقن دمائهم وحفظ اموالهم وأبطنوا الشرك كما ويؤازرهم أهل الكتاب الذين ما برحوا يعادون الإسلام وأهله .ولقد عبّرتُ بلفظ " المعسكر " لأن الحرب بين المعسكرين المذكورين كانت قائمة تظهر على شكل حروب ومعارك وغزوات بين الحين والآخر .أما المعسكر الأول فقد كان معسكراً غضاً طرياً له من العمر ما يقترب أو يربو قليلاً على العشرة أعوام أي منذ تأسيس الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة إلى يوم الغدير, وكان عزم هذا المعسكر من عزم قائده وقوته من قوته فلقد كان يرى بشخص الرسول الأكرم ص المنقذ والمخلص كما ويعيش القلق عندما يفكر أن لا بد لهذا المنقذ المخلص من رحيل إلى ربه في يوم من الايام .أما المعسكر الثاني فلقد كان معسكراً يحركه الحقد والثأر إجتمع فيه أهل الباطل على تفرقهم ليترقبوا الفرصة السانحة للإنقضاض على معسكر المسلمين ليستعيدوا بذلك أمجادهم التي ورثوها من الجاهلية وكانت الفرصة السانحة برأيهم هي موت محمد إبن عبد الله نعم موت الرسول النبي الذي أقض مضاجعهم وأقلق نفوسهم و أسهر لياليهم .كانوا يعلمون أن لا خلف لمحمد بن عبد الله فمحمد ليس له ولد يرثه , محمد أبتر كما صرح القرآن الكريم بقولهم هذا وإذا كان الأمر كذلك فلا وجود للمنقذ المخلص لا وجود للشخصية التي يلتف حولها المسلمون مطمئنين ومتطلعين فالإسلام سينتهي بموت محمد بن عبد الله تلك هي الفرصة التي يترقبوها يوما بعد يوم فينتصروا من جديد .هكذا كانت أحلامهم وأمانيهم لكنهم خابوا وخابت .فلقد نزلت في هذا اليوم آية اليأس والإياس (( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وإخشون)) المائدة 3نزلت هذه الآية المباركة لتقول للمشركين ومن تخندق معهم عليكم أن تيئسوا من دين الله من دين محمد لأن ما تنتظروه لن يجري كما تشتهون وتتمنون .وبالوقت نفسه جاءت مبشرة للمسلمين أن اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فدينكم هو الذي سيبقى وسيظل ولا تخشوا المشركين لأنهم لن يستطيعوا إطفاء نور هذا الدين وأخشوا الله وحده فإنه أحق ان تخشوه.ثم إستمرت الآية المباركة لتعلل للطرفين الموقف وماذا جرى فقالت (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ))في هذا اليوم كمل الدين بأن تحولت مسؤولية حمل الرسالة من شخص النبي الأكرم وحده إلى من يحملها من بعده تحولت إلى شخصية فذة عظيمة جديرة بحمل الأمانة , شخصية تهفو إليها القلوب والأرواح وتشخص إليها الأبصار, ولن يترك الله دينه بعد وفاة نبيه ولن يؤثر كون النبي (ص) لا عقب له لقد تحول الإسلام إلى طور جديد في تنصيب فخر المؤمنين وأميرهم علي بن أبي طالب ع من طور الوحي والتبليغ إلى طور الخلود والإستمرار طور العمومية والشمول والإمتداد المكاني والزماني حيث أن بعد علي ٍ ع سيحمل الأمانة من بعده طيب بعد طيب وصالح بعد صالح ع .فما أعظمه من يوم وأكبره بهجة وسروراً على قلب رسول الله الخاتم ص وعلى قلوب المؤمنين حيث إخبار الله بيأس المشركين وكمال الدين وإتمام النعمة وإرتضاء الإسلام لنا دينا ً فهو عيد الدين الإسلامي وإستمراره وخلوده على أيادٍ أمينة تحمل الدين حمل وعاية ورعاية لا حمل نقل ورواية .فهنيئا لكم أيها المسلمون في عيدكم هذا وما اعظمه من عيد .
https://telegram.me/buratha