خضير العواد
إن الطريقة التي أستعملت في تغير نظام الحكم في ليبيا لها أسبابها , منها خروج الشعب بأكمله ضد النظام القذافي مما أعطى تصور على عدم إمتلاك هذا النظام القاعدة الشعبية الداخلية التي ستدعمه وتدافع عنه , وعدم تواجد الدعم الدولي للنظام الليبي بل الجميع تخلى عنه وخصوصاً دول الجوار سوى بعض المرتزقة التي تلهث وراء المال , وعدم إمتلاكه لأي وسيلة يهدد أو يضغط بها على الدول الغربية لكي تمتنع من ضربه أو إسقاطه , كل هذه الاسباب أدت الى إستعمال العنف بقوة في ليبيا من أجل تغيير نظام القذافي . أما الوضع في سوريا فألأجواء تختلف تماماً فالذين يعارضون النظام أو يريدون تغييره بالقوة فهم قلة قليلة وينتشرون في عدد قليل من المدن السورية كحماة وحمص ودرعة أما معظم الشعب فلايميل الى التغير بالقوة أو تدخل القوى الكبرى في التغيير وقد ثبت ذلك من خلال المظاهرات المليونية التي خرجت في سوريا مؤيدة للنظام الحكم هناك , مع وجود الدعم الدولي المتمثل بروسيا والصين وإيران بالإضافة الى لبنان والعراق وهذا الدعم نتجة عنه إستخدام حق الفيتو من قبل روسيا في مجلس الأمن , بالإضافة الى وجود العلاقات الأستراتيجية المهمة مابين سوريا وبعض دول الجوار كلبنان المتمثل بحزب الله و القوى الوطنية المتحالفة معه والعراق وإيران , وهذه الدول تتأثر بشكل مباشر بما يحدث في سوريا لوجود القواسم مشتركة مابينها , بالإضافة الى إمتلاك الحكومة السورية لأدوات ضغط مهمة تجعل الغرب يفكر ألف مرة قبل أن يخطوا أي خطوة وأهم هذه الأدوات هو الموقف السوري الداعم للمقاومة والذي بسببه تعاني الحكومة هذا الضغط من المجتمع الدولي والعربي المتمثل بالسعودية وقطر , لأنها الدولة العربية الوحيدة التي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني والداعمة للمقاومة بشكل عام (الإسلامية أو العلمانية) , فأي تحرك عسكري غربي على سوريا ستتجه الأسلحة الى الطفل المدلل للغرب إسرائيل وهذا التوجه سوف يشمل جميع الدول المحيطة بإسرائيل عدا صديقهم الحميم الأردن المتمثل بالحكومة , أي الجيش السوري وحزب الله بالإضافة الى المقاومة الفلسطينية لانه تقرير مصير وليس تغير مؤقت بل هو الحياة أو الموت لكل الأطراف المرتبطة بالمقاومة مما سيؤدي الى أشعال منطقة الشرق الأوسط , والدول الغربية وأمريكا تعي خطورة أي تحرك عسكري غربي , لهذا السبب جعلت التحرك العربي (الخليجي) والتركي بديل للتحرك الغربي لكي يبعدوا إسرائيل عن ردود الفعل من قبل سوريا وحلفائها لأن الذي يحمل راية التغير الأن هم العرب وتركيا , لهذا نلاحظ التحرك العربي المتخاذل الذي ينفذ القرارات الأمريكية والإسرائيلية بكل حذافيرها من خلال إبعاد أو توقيف عضوية سوريا في الجامعة العربية وسحب السفراء من دمشق بالإضافة للمقاطعة السياسية والإقتصادية , أما الجانب التركي فهو الأخر يحاول التهديد والضغط على الحكومة السورية , وبسبب هذه الظروف التي تحيط بالحالة السورية فأن أدوات التغيير سوف تكون مختلفة كلياً عن التغير في ليبيا , فالضغوط العربية والتركية الغاية منها دفع الشارع السوري الى التحرك المسلح الذي سيلاقي كل الترحيب والمساندة العالمية من ناحية التغطية الإعلامية والدعم المادي والمعنوي وإذا لم ينجح هذا التحرك فألخطوة القادمة هي تهيئت الأجواء لإنقلاب عسكري , وحتى هاتين الخطوتين نجاحهما قليل جداً لأن الشعب السوري يرفض الدخول في مواجهة مسلحة مع الحكومة والتغيير الذي يناشد به يأمل أن يصل إليه من خلال الإصلاحات التي قدمتها الحكومة وأما المؤسسة العسكرية السورية فإنها متراصة ومتماسكة وليس من السهولة إختراقها وجعلها تشترك في إنقلاب عسكري يؤدي الى تغير النظام , لهذا فأن السيناريوا في الحالة السورية تختلف كلياً عن الوضع الليبي بل نجاح عملية تغيير الحكم في سوريا قليلة جداً بسبب قوة أدوات الضغط التي تمتلكها الحكومة السورية على أمريكا والغرب .
https://telegram.me/buratha