حكمت مهدي جبار
لا يمكن للمؤسسة التربوية أن تحقق غاياتها بشكلها ألأمثل في تحديد غاياتها التربوية وتنفيذ مفردات المنهج الدراسي وطرق التدريس وأوجه النشاطات الصفية واللاصفية وضبط جدول الحصص والدروس مالم تلتفت لتأسيس (مجتمع مدرسي) رصين ومتضامن يقوم على قواعد أنسانية نقية.ماذا نقصد بالمجتمع المدرسي السليم؟هو أن يتم العمل على خلق تنظيمات مدرسية وضبط لحركة العمل برؤية أدارية وجمالية وفنية تراعي كل الظروف والحالات لعناصر (المدرسة) بأعتبارها مجتمع يتألف من أفراد ووسائل عمل.ذلك لأن أكثر المشاكل والمعضلات التي تحدث داخل المدرسة سببها هو عدم وجود دراية في العمل الأداري القيادي السليم.وأغفال أهمية تنسيق عناصرذلك العمل بدون أهمال أي منها.ولكن ..هل يتم تأسيس مجتمع مدرسي سليم بدون جهد وتعب؟ بالتأكيد ..كلا..ذلك لأن التعامل مع ألأفراد وخاصة في أعمار الطفولة والمراهقة ليس بالأمر الهين.الى جانب التعامل مع الكادر التعليمي والتدريسي وبقية الموظفين الذي يتطلب توفرخصائص فن قيادة الرجال والناس.فأذا ارادت أدارة المدرسة أن تهيء لخلق جو مدرسي سليم لابد لها من بذل جهود كبيرة داخل المدرسة وخارجها.وعلى أسس ديمقراطية غير منفلتة تضمن تكافؤ الفرص أمام الجميع وتحقق لكل فرد ذاتيته وتضمن له الكفاية والعمل بأمن وسلامة ونجاح..ويغفل الغالب الأعم من أدارات المدارس مديرا ومعاونين وهيئة تدريسية موضوعة الجو السليم داخل المدرسة.فتراهم منشغلين بأمور أدارية روتينية تقليدية مما يؤدي بهم للشعور بالضجر والضيق من العمل. أن عناصر التعليم من تلميذ ومنهج وأهداف وطرق تدريس وأوجه النشاطات الصفية واللاصفية هي عناصر هامة جدا في تحقيق الغايات التربوية.ولكنها تبقى (عرجاء) مالم يتهيأ لها الجو المريح والمهيء لتمارس حياتها الطبيعية.فالجو الأجتماعي المدرسي هو المجال الذي تنظم فيه كل تلك العناصر .وعليه يتوقف نجاح المدرسة أو فشلها.فأذا كانت العلاقات متشنجة وأمتلاك بعض المعلمين والمدرسين لنزعة التسلط والدكتاتورية مع الطلبة وعدم أنتظام الدوام وسوء العلاقات مع المجتمع خارج المدرسة فماذا سيكون مصير عناصر العملية التربوية.؟حدد الدكتور(1)(محمد أحمد الغنام مؤلف) كتاب (المدرس) ثلاثة انماط أجتماعية منهجية تتخذها أدارات المدارس وهي:النمط الدكتاتوري - نمط الحرية السائبة - النمط الديمقراطي السليم .وبالتأكيد واضح مضمون النمطين الأوليين ,بما يتصفان به من مساويء وسلبيات.ومن الطبيعي يبقى النمط الديمقراطي هو النمط الأمثل الذي يأمل منه التربويون تحقيق الغايات المرجوة.ونأمل أن تسلك جميع ادارات مدارسنا النمط الديمقراطي الحر لاسيما ونحن نعيش في عهد نظام جديد يصبو للديمقراطية . يقوم النمط الديمقراطي كما هو معروف ,على أن الفرد هو الغاية والقيمة الأساسية فالتلميذ بحكم كونه انسانا له وجوده في المجتمع وله شخصية خاصة به وقدرات وأمكانات على قدر ما يمتلك في التمييز والأبتكار والتفكير وطبعا بدرجات متفاوتة مما يؤهله اذا توفر له الأعداد الصحيح لتصريف نفسه بنفسه وألأشتراك بمقدار في تحديد أهداف الجماعة ورسم الخطة لتحقيق هذه الأهداف.ويقوم النمط الديمقراطي على أليمان بمدأي تكافؤ الفرص والحرية لجميع افراد المجتمع .وليس المقصود بالتكافؤ المساواة المطلقة ,لأن ذلك غير ممكن عمليا,مادامت قدرات التلاميذ متفاوتة .اذ أن تكافؤ الفرص يقصد به أتاحة فرص متكافئة لجميع التلاميذ في النمو والحياة والعمل ,ومساواتهم أمام القانون والنظام وفي الحقوق والواجبات .وكذلك لايقصد بالحرية هنا أطلاق الحبل على الغارب للتلاميذ بذريعة (الديمقراطية) وأزالة كافة الضوابط الأجتماعية وألأخلاقية الضرورية والمطلوبة لصناعة الأنسان.فتتحول الديمقراطية حينذاك الى فوضى وليست تربية وتعليم...أننا نقصد بالديمقراطية والحرية التي نريدها في عملية أدارة المدرسة هو أن يخلق جو أجتماعي سليم ومجتمع مدرسي من شأنه أن يوفر لكل فرد نموه الشخصي والأجتماعي والنفسي فضلا عن التربوي والتعليمي الصحيح,وضمن أطار الجماعة وأطار الغايات التربوية والتعليمية الناجحة.وذلك لايتأتى الا اذا وجدت الضوابط الأجتماعية التي توقف الفرد عند الحد الذي يتفق والصالح العام .وبذلك لاتتعارض الديمقراطية التاي نريد مع النظام.وهنا يمكن ترجمة تلك العوامل والعناصر على النحو التالي:-1 - الأعتماد على التفكير العلمي والموضوعي في حل المشكلات داخل المدرسة وليس بطريقة المزاج والحماس الذي يأخذ بعض التربويين.وهنا يكمن الدور الكبير للمرشد التربوي,والذي لازال ضعيفا في قسم كبير من مدارسنا.2 - عدم ألألتجاء الى العنف ,ومعاقبة الطالب في حالة التهور وفقدان الأعصاب مما قد يؤدي الى وقوع مشاكل خارجة عن ارادة المدرسة.3 - التعاون بين مدير المدرسة ومعاونيه من جهة والهيئة التدريسية من جهة أخرى.بما يستهدف الصالح العام دون أنانية أو تفرد في التصرف من قبل شخص وهو ينطلق من كونه مسؤولا أداريا .4 - تقدير قيمة كل فرد سواء كان تلميذ أو مدرسا أو موظفا ,حسب ما يقدمه من انتاج متميز .على أن يكون تقديرا واضحا أمام الجميع لكي يشعر بالأهتمام .ولانقصد التقدير بالتكريم المادي أنما التكريم المعنوي وتأشير المتميزين بالعمل .5 - اذا لم يكن هنالك أحترام للزمن من قبل رب العمل ومعيته ,فسوف يكون التنفيذ مرتبك ومضطرب.6 - ألأهتمام الكبير بالنشاطات الصفية واللاصفية المتمثلة بدروس التربية الفنية والرياضية والأسرية وألأجتماعية ,بأعتبارها من أخطر ما يهدد سير التدريسات داخل المدرسة اذا ما أهملت .فضلا عن ذلك لابد من وجود علاقة قوية وعملية وصحيحية بين الأدارة ومدرسي تلك المواد.اذ أننا كثيرا ما نجد بعض الأدارات تعتبر مدرس التربية الفنية أو الرياضية أشخاص ثانويين (زائدين عن الحاجة) مع الأعتذار لهذه المفردة.أو وجود نظرة بعض معاوني الأدارات وبعض المدرسين ألآخرين بهامشية وثانوية أولئك المدرسين.فهم ليسوا الا اشخاص يسدون الشواغر أو قد يتحول بعضهم الى معتمدين (سعاة بريد) أو (كتبة)ومالا شابه ذلك.وألأنكى من ذلك هو قبول بعض زملائنا المدرسين من تلك الأختصاصات بتلك (المهمة) بما يسيء الى سمعته (كمدرس) مع جل احترامنا لساعي البريد وللكاتب .أن الوضع الديمقراطي داخل المدرسة اذا ما احسن أستخدامه فهو أفضل صورة للمجتمع المدرسي المتسم بالنشاط والحركة والحيوية والأيجابية والعمل المثمر.حيث تكون المدرسة كخلية نحل تعمل على بصيرة في تناسق وألفة وتعاون نحو تحقيق الأهداف ,وليس تحويل المدرسة الى ميدان (عسكري) بلباس مدني يجول فيه المدير الدكتاتوري ويتسلط فيه المدرس المخيف ويقضي فيه التلاميذ وقتهم بالسكون والجمود والى ما يشبه المقبرة بحجة أنها (مدرسة هادئة). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1 - (كتاب المدرس) - د - محمد أحمد الغنام - القاهرة - 1973
https://telegram.me/buratha