حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
يعتبر مفهوم الطاعة من المفاهيم المهمة جدا والضرورية بل وفي حالات معينة واجبة إذا ما أريد لأي قضية ان تنجح وتبقى استمراريتها تتواصل ، وإلا فان هذا المفهوم يصبح بلا فائدة إذا لم يطبق بشكله الصحيح والواقعي .فالإنسان يجب عليه ان يطيع ربه ولا يعصيه ليحضا بمرضاته ( سبحانه وتعالى ) والأبناء يجب ان يطيعوا والديهم ليتمكنوا من الحصول على رضاهم الذي هو مدخل لرضا الله ( جل وعلى ) والزوجة عليها ان تطيع زوجها إذا ما أرادت لزواجها ان ينجح ويستمر ، والعامل يجب ان يطيع رب عمله والموظف يطيع رئيسه وهكذا تعمل هذه المنظومة بشكل متوازن وفق مفهوم الطاعة ليستمر العمل ، وبالتالي تحقيق النجاح . وتطبيق هذا المفهوم لابد ان يكون وفق المنهاج الصحيح اي وفق ما يقره الشرع والمنطق إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وبالتالي فان نجاح اي عملية تكاملية لابد ان يكون مفهوم الطاعة من أولى أولوياتها الأمر الذي يؤكد القول المأثور ( لا أمر لمن لا طاعة له ) ، ومن هنا يمكننا القول ان ما يجري الان في الواقع الحكومي العراقي يبين عكس ما يجب ان تكون عليه الواقعية والمفروض حيث ان الكثير من الأوامر الحكومية باتت غير قابلة للتنفيذ اي أنها لا تخضع لمفهوم الطاعة لان بعض القائمين على الحكومة من المستويات العليا باتوا لا يؤثرون بالشكل الذي يحتم على بعض الأطراف المعينة ان يتقبلوا أوامرهم وينفذوها باعتبارها صادرة من جهات عليا ، والسبب ان تلك الجهات للأسف الشديد هي من كانت وراء تسويف مفهوم الطاعة لان الكثير من الأوامر التي تصدر عنها يتم التنازل عنها بسرعة ، وبالتالي فان قوة التأثير انعدمت مما أعطى مجالا أوسع لرفض مفهوم الطاعة عند البعض ومن ثم فان الأمر سبب مشكلة خطيرة ربما ستزداد تداعياتها في الآونة المقبلة . وعلى سبيل المثال فقد دعا أمير عشائر الدليم ( علي حاتم السليمان )، أهالي محافظة الانبار الى القيام بعصيان مدني بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، فيما دعا حكومة صلاح الدين المحلية وأهاليها بالتريث في إعلان المحافظة إقليماً إلى ما بعد الانسحاب الأميركي من البلاد بحلول نهاية العام الحالي. وقال السليمان إن "محافظة الانبار اتفقت على إيقاف مشروع الفيدرالية في الوقت الحاضر ونبهت الحكومة الاتحادية الى ضرورة إيقاف حملات الاعتقالات العشوائية بحق أبناء الشعب العراقي وقد تمت الدعوة بعد عطلة العيد الى إعلان العصيان المدني في محافظة الانبار. والدستور العراقي أقر إنشاء الأقاليم، والحكومة ملزمة برفع طلبات المحافظات بإنشاء إقليم او الانضمام الى إقليم، الى المفوضية العليا لشؤون الانتخابات في غضون 15 يوماً بهدف تنظيم استفتاء بشأن الطلبات كما لا يمكن السكوت بعد الآن على هذه الأوضاع، لكن على رئيس الحكومة ألا يستغل موقف الشعب " .وتنص المادة (119) من الدستور العراقي الدائم على انه يحق لكل محافظة أو اكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين: أما طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ووفقا للمادة السابعة من الدستور العراقي فأنه يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الإرهاب او التكفير او التطهير الطائفي، او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له، وخاصة حزب البعث المحظور، وتحت اي مسمى كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق.إذن فما يجري الان في محافظة الانبار هو نوع من عدم الطاعة اي بمعنى أخر هو ان ما يصدر من قرارات من قبل الحكومة المركزية فمحافظة الانبار غير ملزمة بالعمل بها حسب وجهة نظر السليمان .؟! الأمر الذي قد يعقد الأمور اكثر لان اي محافظة بالعراق هي بالنهاية خاضعة لسلطة المركز ولا يمكن لأي شخصية مهما كان وزنها ان تدعو لعصيان او تظاهرات منددة إلا بموافقة المركز . ولكن ما يخفف من شدة الموضوع هو ما قلناه أنفا ان حكومة المركز هي من أعطت الضوء الأخضر لبعض الجهات بممارسة ما يريدون رغما عنها وبالتالي فإنها ( اي حكومة المركز ) المسؤولة الأولى عن عدم إطاعة أوامرها .
https://telegram.me/buratha