المقالات

المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من الريادة الى القيادة

1445 00:24:00 2011-11-21

كريم الوائلي

 ينفرد المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من بين كل القوى الفاعلة في الساحة السياسة العراقية بأمتلاكه اسس وركائز صلده وعميقة في المجتمع العراقي وهي ركائز سبقت تأسيس المجلس الاعلى نفسه وكانت سببا محفزا ومباشرا لانشاء تنظيم اسلامي سياسي عراقي يلبي حاجات الامة في التحرر من متوالية الاستبداد التاريخي وبناء دولة العدالة المستقلة والمساوات والاخاء ، والى تلك الركائز والاسس تعود الهوية المجلسية ويعود التأصيل المتفردة للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي . ان ما نعنيه بالركائز والاسس التي سبقت مرحلة تأسيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والتي شكلت الاعمدة الرئيسية لهيكلية المجلس الاعلى الجهادية والعقائدية والسياسية والتنظيمية هي بالتحديد العقيدة الاسلامية برسالتها الانسانية وبأصالتها وتاريخها ومبادئها التي جسدتها المدرسة الرسالية لأيمة اهل البيت المعصومين عليهم السلام وما وصل إلينا منهم من سجايا ومثل جهادية ثرية وغنية بالتجارب العملية والنظرية وفي مقدمة هذه المآثر نهضة الحسين عليه السلام وما توارثته الجماعة الصالحة من مريدي اهل البيت واتباعهم وانصارهم الى اليوم وما انجبته المرجعية والحركة الاسلامية العراقية من رموز دينية وطنية تصدت للغزات الاجانب وللموجات الالحادية مثل امام الطائفة الامام السيد محسن الحكيم (قدس) ومنهم من تصدى للدكتاتورية والاستبداد مثل السيد محمد باقدر الصدر (رض) والسيد شهيد المحراب محمد باقر الحكيم وعزيز العراق السيد عبد العزيز الحكيم (رض) ومن عاصرهم وسار معهم على طريق الجهاد وماتلاهم ممن وضعوا انفسهم مشاريع للشهادة والبناء . ومن اهم الركائز والاسس الاخرى التي منحت المجلس الاعلى القوة والمتانة والعمق والتأصيل والقدرة على التحمل والصبر على مكاره الاستبداد والظلم هي ما مدخر ومحفوظ من جهادية المرجعية الدينية بوصفها مؤسسة اصيلة عملت على ترسيخ وتجذير القيم الاسلامي في المجتمع العراقي واشاعة روح التضحية والايثار والتآخي بين مختلف مكونات الشعب العراقي وبوصفها الجهة الموثوق فيها والامينة على مصالح الشعب والوطن والدين وقد تزوّد المجلس الاعلى بتجارب المرجعية الدينية في قيادتها وتوجيهاتها للثوار العراقيين في معارك الاستقلال وهزيمة الغزات ودحرهم في كل زمان وفي الانتفاضات والتظاهرات الشعبية كما تزوّد المجلس الاعلى بحكمة المرجعية في تدابيرها ازاء المعضلات الناتجة من الاستبداد الحكومي المتوارث فكانت علاقة الرعيل الاول من مؤسسي المجلس الاعلى بالمرجعية الدينية استراتيجية ثابتة ومتواصلة ليس لانها تمثل الشرعية في عمل المجلس الاعلى فقط وانما لكونها مؤسسة مؤثرة في ضمير ووجدان الشعب العراقي وتمثل جوهر القيمة التمثيلية له وإليها يعود الفضل - تاريخيا - في حفظ وصيانة حقوق المسلمين في العراق وفي العالم ولها الفضل في تأسيس الدولة العراقية وكونها صمام أمان في المنعطفات والمنحدرات التي تعرض لها الشعب العراقي في المحن التي ألمت به آبان تسلط الحكومات القهرية والاحتلالات الاجنبية وعلى ذلك فقد جعل المجلس الاعلى من علاقته بالمرجعية الدينية من الثوابت التي لا تراجع عنها ولا خلاف عليها ومنها تؤخذ المواقف والحلول الشرعية للمجلس شانه في ذلك شأن الشعب العراقي والامة الاسلامية جمعاء . وكان للنسغ الجاري في جسم الحركة الاسلامية العراقية من دماء شهداء العراق ومن الاسر الاسلامية العريقة يمثابة المدد الذي يأجج لظى شعلة الحرية التي تنير للمجاهدين دروب الخلاص في الليل الاليل ولا سيما دماء شهداء اسرة آل الحكيم ، هذه الاسرة الشريفة التي شكلت بدماء شهداءها النسغ الاكثر فاعلية والاشد تأثيرا على تصاعد اوار لهب الحرية التي اوقدها امام الطائفة السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه ورفعها من بعده اولاده واحفاده ، وما كان بمقدور شعلة الحرية في العراق ان يستمر لهيبها الى الآن لولا تواصل النزف الحكيمي الذي شكل مددا لا ينفد لتواصل الجهاد من شكله المسلح آبان النظام الدكتاتوري الى شكله السلمي بعد التحرير وتحوله الى معاول بنا واعمار لكل العراق ، واليوم فان دماء شهداء آل الحكيم ما زالت تمثل الاكسير الفاعل في الاسس التي ابتنى عليها المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كيانه ، وهي ذاتها التي تشتعل بكفاحية عالية في قيادته الشابة المتمثلة بشخص سماحة السيد القائد عمار الحكيم وصحبته من الرجال والنساء الافذاذ ، وهي ذاتها التي تغذي تنظيمات المجلس الاعلى المنتشرة على ارض العراق وهي التي يتباهى بها الشعب العراقي وكل المناضلين من بناة الاوطان و منهم المجلسييون الغيارى حملت الراية وسمار الشهادة . وتاتي جهادية الشعب العراقي كمرتكز آخر معنوي واعتباري ومصدر لخزين متراكم من التجارب والعبر والانتفاضات والوثبات التي شكلت بمجموعها قوة دافعة تضخ في تنظيمات المجلس الاعلى عوامل الثبات والمواصلة والمطاولة ، فالشعب العراقي العتيق في الجهاد العنيد والسخي في التضحية بالثمين والنفيس من الدماء والاموال والانفس على طريق الحرية كان وما زال مصدر ألهام جهادي لا ينضب يمد المجلسيون بالعزيمة والجلد والتحدي وعلى ذلك فأن المجلس الاعلى يقف على رأس الوارثين لتاريخ وجهادية الشعب العراقي ، بل ، ان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اليوم هو الوريث الحقيقي للسجل الجهادي الطويل للشيعة وللشعب العراق عموما كونه هو الوحيد الذي وقف صامدا موحدا متماسكا امام المتغيرات التي عصفت في العراق بعد التحرير في وقت تفككت فيه تنظيمات واحزاب لها تاريخ وحظور لا يتكر في مسيرة الجهاد اما بسبب عوز مناعي ازاء مغريات العصر والسلطة واما بسبب عوز عقائدي ثابت حال دون مسايرت التحولات وافقدها القدرة على التكيّف مع مستجدات المفاعيل الصاعدة فأنكفأت على نفسها واكلت تاريخها وبدلا من ان تتماسك وتتوحد مع نظيراتها راحت تستنسخ ذاتها بأشكال والوان متعددة وتعيد انتاج عوامل تفككها مع مرور الوقت . ان الاسس التي تأسس عليها المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في الاول من صفر عام 1403 الموافق للسابع عشر من تشرين ثاني 1982 منحت المجلس خصائص - هي الاخرى - كانت متفردة على صعيد التنظيم ورسم السياسات والبرامج و الادبيات والعلاقة مع القاعدة الشعبية والعلاقات مع القوى الوطنية الاخرى . لقد اولى المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اهمية كبرى لعراقيته بوصفه تنظيم وطني عراقي فتجنب الحرث والاستزراع في ارض الغير فكان حرثه في ارضه وفي ترابه الوطني فأنتج اجيال من الشبيبة الوطنية المترعة بالايمان والجهادية والتقوى والاخلاص وهي التي تقود اليوم الفيالق المنخرطة في تنظيماته التي تعاهدت على المضي في خدمة شعبهم حتى اتمام مرحلة الاعداد لبناء دولة العدالة والمساوات والرفاهية ومن ثم الشروع في ترصين وتجذير معالم الدولة العراقية الحديثة التي تضاهي كبريات الدول في هذا العصر ، بل ، ان المجلس الاعلى وبهذا الانحياز الشبابي الى تنظيماته تعهد وعلى لسان قائده سماحة السيد عمار الحكيم ان يأخذ على عاتقه خروج العراق من ازمات مرحلة الاعداد والتأهيل الحالية وقيادة التحولات الوطنية وصولا الى استكمال كامل المؤسسات الدستورية لدولة معاصرة ومتحضرة تحترم شعبها وتوفر له مستلزمات العيش الكريم والتمتع بثروات العراق ووضعها في خدمة الشعب بوصفه المالك الحقيقي لمقدرات بلده وصاحب المصلحة في المشروع الوطني والمعوّل عليه في مسيرة البناء والاعمار وتحقيق الامن . ولم يكن المجلس الاعلى تنظيما اديولوجيا يضع وصفات جاهزة لمراحل خيالية ويرسم مشهدا فنطازيا لعالم غير متصل مع الواقع ولم يصنع قوالب فكرية فولاذية تضع خطوط حمر امام الرؤى والافكار التي يفرزها الواقع المعيش كما كان يحصل في الاحزاب النمطية كالشيوعية والبعثية بل عمد المجلس الاعلى الى اعتماد الرؤية الاسلامية الاكثر اشراقا ونعني بها رؤية وفقه مدرسة اهل بيت النبوة عليهم السلام وركن الى المنظومة الثقافية الوطنية وما تتضمنه من قيم واعراف وتقاليد ، كما عمد الى اعتماد عقل الانسان وما ينتجه من اجتهاد وعلم وتخطيط وعلى ذلك فقد غرف المجلس الاعلى من واقع المحيط ادوات تفكيره وعليها رسم سياساته وبرامجه وفق ما تمليه مصلحة المواطن العراقي وحاجات الواقع المعيش وما يكتنفه من ازمات . ولم يكن المجلس الاعلى حزبا يكرس (( المركزية الحزبية)) بمزاياها العسكرتارية التي ترسم وتخطط للتمسك بالوسائل العابرة الى مسك السلطة ، كما ان المجلس الاعلى لم يكن حزبا طبقيا يكرس مصالح طبقة بعينها ويمنحها امتبازات وينسب لها مهام مصطنعة ، ولم يكن حزبا طليعيا يدعي لنفسه النخبوية والواحدية . . انما المجلس الاعلى الاسلامي العراقي تيارا يساير مستجدات الواقع ويتماهى مع المعاصرة ويتلائم مع التطلعات الحداثوية المشروعة للشعب العراقي كله . ان ما تفرد به المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من موجبات تأسيسه واسس ومرتكزات بناءه وما منحته من خصائص ومواصفات قيادية وما اعتمده من صفات العمل السياسي التياري . . ان ذلك كل جعل من المجلس الاعلى تيارا متصاعدا ومستمرا ومؤهلا لقيادة البلاد وهو بذلك غير مرهون بعقبة من الزمن او مرحلة من المراحل وهذا ما يتعين على الآخرين معرفته .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك