خضير العواد
إن البرنامج النووي الإيراني أثار الكثير من الإشكالات ما بين الغرب وإيران ومحاولة الغرب عرقلة حصول إيران على الطاقة النووي بكل أشكالها , ولكن السياسة الإيرانية الناجحة لتي عرفت التعامل مع الغرب قد أحرجتهم وجعلتهم يقفون أمام الأمر الواقع , ولكن إسرائيل لايمكن أن تستوعب حصول إيران على الطاقة النووية لعل هذا سيدفعها للأنتقال الى التسلح النووي وهذا إن حصل سيؤدي الى تغير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط , لهذا تسعى إسرائيل الى دفع الغرب لتوجيه ضربة سريعة وفعالة الى المفاعل النووي الإيراني ومن ثم تعطيله الى الابد كما حدث مع العراق وسوريا , ولكن هناك الكثير من العوامل التي تجعل أمريكا والغرب أن لا يخطون هذه الخطوة ويجبرون إسرائيل على عدم التهور وإدخال العالم بأسره في أزمة حقيقية لا يمكن معرفة نتائجها , ومن أهم هذه العوامل التي تدفع أمريكا والغرب لهذا التصرف هو الموقع الإستراتيجي لإيران التي تتمتع بساحل بحري على الخليج يتراوح طوله 635 ميلاً بحرياً والذي يبدأ من رأس الخليج العربي المحاذي للفاو وحتى نهاية الخليج المتمثل بمضيق هرمز الذي يعتبر من أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن إذ تعبر ناقلة نفطية كل ست دقائق في ساعة الذروة وعرضه لا يتراوح سوى ( 20,52 ميلاً بحرياً) , هذه المنطقة تجهز العالم بحوالي 40% من المنتوج العالمي من النفط وتمتلك على محيط نفطي لاحدود له يحوي 730 مليار برميل , ونقل هذا النفط يتم من خلال مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران بشكل فعلي إذ الممر المائي الذي تخرج من خلاله ناقلات النفط الى العالم يكون على الجانب الإيراني ويتراوح عرضه 5,1 ميل بحري ولا يبعد عن الأراضي الإيرانية سوى 8 ميلا بحرياً, بالإضافة الى الجزر الكثيرة المنتشرة على الجانبين الإيراني والعماني فالجزر القريبة من الجانب الإيراني كقشم ولاراك وهنجام لها دور مهم في مثل هذا الصراعات لأن بعض هذه الجزر تعد منصات إستراتيجية مهمة في أي مواجهة محتملة حول المضيق أو بسببه لقربها من الممر المائي , مصادر هذا النفط من أبار وطرق نقله لاتبعد كثيراً عن الأراضي الإيرانية , إمتلاك إيران لجيش مجهز بأسلحة متطورة ويمكن إستعمالها لمسافات بعيدة قد تصل الى إسرائيل وقد أثبت الأيرانيون هذا للعالم من خلال مختلف المناورات التي أجروًها والتي أظهروا فيها قدراتهم التسليحية , وجود القواعد الأمريكية في منطقة الخليج بالإضافة الى قاعدة الأسطول الخامس الأمريكي المرابط بالقرب من البحرين ستكون صيداً سهلاً للقوات الإيرانية التي تمتلك السلاح الجيد بالإضافة الى إمتلاكها لعناصر إستشهادية جاهزة في كل لحظة , فوجود هذه القواعد والأسطول الأمريكي يجعل الأمريكان يدخلون في حرب وقواعدهم تحت مرمى السلاح الإيراني وهذا الذي لم يحدث مطلقاً , لأن الأمريكان دوماً يدخلون الحروب من مسافات بعيدة وليس لعدوهم القدرة على ضربهم , أي يستعملون السلاح الجوي الذي يقلع من قواعد بعيدة عن جبهات القتال أو صواريخ تنطلق من منصات بعيدة أيضاً , إمتلاك إيران لبعض الوسائل الضاغطة خارج أراضيها مما يزيدها قوة كحزب الله في لبنان وباقي فصائل المقاومة التي تتلقى دعمها من إيران وهؤلاء لايبقون مكتوفي الايدي وهم يشاهدون أهم مصدر لدعمهم وهو يضرب لهذا ستكون إسرائيل تحت نيران الجميع إن كان من إيران مباشرةً أو الفصائل المقاومة والمواجهة هذه المرة تختلف عن كل المرات السابقة لأنها تتعلق بالوجود , لأن نجاح ضرب المفاعل النووي الإيراني يعني الضربات ستستمر حتى يضعف النظام الإيراني ومن ثم نهاية المقاومة إن كانت في فلسطين أو لبنان , وهذا مايبتغه كل أعداء إيران وخصوصاً أمريكا وإسرائيل والسعودية بالإضافة لدول الخليج , وبسبب هذه العوامل المهمة والحساسة فأن التفكير بضرب إيران يصبح شبه المستحيل وإن أصرت إسرائيل على هذا الأمر , لأن المصلحة العالمية تتطلب التوجه الى التهديدات والضغوط على إيران حتى تقدم بعض التنازلات ومن ثم التوصل الى إتفاق يرضي الغرب وإيران في نفس الوقت .
https://telegram.me/buratha