حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
اعتقد ان الدستور العراقي الموجود الان ، والذي يستخدمه العراقيون في إدارة شؤونهم واتخاذ قراراتهم والضابط للتعامل بينهم ، قد كتب بأيدي عراقية وتم الاستفتاء الشعبي عليه في تجربة ربما هي من أروع التجارب التي مورست في المنطقة إذا لم نقل في العالم بأسره . كون الشعب العراقي خرج من حكم دكتاتوري متسلط لم يمنح العراقيين اي حق في ممارسة اي عمل ديمقراطي يعبرون به عن أرائهم وتوجهاتهم .. الأمر الذي ميز تجربة الاستفتاء على الدستور عن باقي التجارب .وعند اكتمال هذا الاستفتاء بدأ العراقيون مرحلة جديدة في إدارة شؤون الدولة لان القوانين راحت تشرع وفق الإلية الجديدة ولكن ما لم يحسب له حساب ان هناك من يتلاعب بالدستور العراقي ويحاول ان يقفز على فقراته ، وكأن الدستور جاء لتحجيم عمل جهة او فائدة جهة أخرى وبالتالي فان بعض الجهات الحكومية تحاول ان تمارس نوعا من الخروقات ( اللاقانونية ) على فقرات الدستور العراقي وتجعلها اكثر مطاطية خدمة لمصلحة معينة ، الأمر الذي يؤثر بشكل او بأخر على طبيعة العلاقات بين الكتل السياسية من جهة وبين من يتلاعب بالدستور العراقي ويحاول القفز على فقراته وبين المواطن العراقي من جهة أخرى .هذا المواطن الذي وضع كامل ثقته بحكومته . فالمطالبون بأن تكون هناك تعديلات على الدستور العراقي لهم أسبابهم وقد تكون هذه الأسباب لغاية ما ، ولكن ما لا يمكن فهمه هو لماذا تكون التصريحات بضرورة تعديل الدستور فقط عندما تشتد الأزمات وتزداد الخلافات والتقاطعات وتكثر التشنجات بين بعض الكتل السياسية..؟ أليس من المفروض ان يقر تعديل الدستور بشكل يلائم وضع العراق والعراقيين ككل .. أم ان الموضوع لا يتعدى كونه مصلحة شخصية او حزبية ..؟! وهل إذا ما تم تعديل الدستور العراقي وفق الرؤى الجديدة فان ذلك يضمن عدم التلاعب به والقفز على فقراته من جديد ارضاءا لمصلحة أخرى .؟ ، من يعلم فقد يأتي يوم أخر على العراقيين يجدون أنفسهم أمام ( دستور عجيني ) يشكله السياسيون كيفما شاؤوا ، وهم بذلك لا يختلفون عما كان يقوم به النظام البائد من مصادرة الحقوق ووضع القوانين حسب الأهواء ، كما يصرح بذلك بعض السياسيين بان عملية إجراء تعديلات في بنود ومواد الدستور في الوقت الحاضر هو أمر قانوني ومتاح، لان الدستور قد منح الحق في تغييره وفق ما تتطلبه المرحلة، وبما يخدم العراق وشعبه ، وأن عملية تغير الدستور متاحة من الناحية القانونية والعملية لكنها صعبة في نفس الوقت، لأنها تحتاج إلى موافقة الرئاسات الثلاث وإلى استفتاء شعبي . وكلا الأمرين يمكن لهما ان يحدثا إذا ما توفرت المصلحة ( الشخصية او الحزبية ) فان التنازلات والوعود والصفقات سوف تكون هي من يؤثر على اي قرار وبالتالي يمكن التغيير او القفز على فقرات الدستور العراقي .
https://telegram.me/buratha