بقلم .. رضا السيد
اعتقد بان الكثير من المفاهيم التي دخلت الى العراق بعد سقوط النظام البائد في نيسان 2003 لم يكن يعلم عنها الشعب العراقي الذي كان موجودا في الداخل الكثير ، او ربما لا يعلم عنها شيئا ..؟ لان الماكينة الإعلامية المظللة للنظام البائد كانت مسيطرة تماما على ما يجري آنذاك ، الأمر الذي لم يعطي مجالا للشعب العراقي لمعرفة ما يدور حولهم من تطورات ، وخصوصا إذا ما علمنا ان المنطقة العربية كانت هي الأخرى تعيش الحالة التي كان يعيشها العراقيون بسبب السياسات الدكتاتورية التي مارستها ضدهم الأنظمة العربية .وبعد سقوط الدكتاتورية في العراق بدا الشعب العراقي يطٌلع على الكثير من هذه المفاهيم حاله بذلك حال اي شعب متحضر في العالم . فـ( الديمقراطية والتعددية والفيدرالية ) وغيرها من المفاهيم الحديثة ــ على العراقيين ــ راح الشعب العراقي يتداولها بشكل يومي .. وربما ان من هذه المفاهيم ما طبق أصلا على ارض الواقع وكان العراقيون أنفسهم هم من اقرها كما حدث بالنسبة لمفهوم الديمقراطية حينما مارس العراقيون حقهم في تقرير المصير كما في الانتخابات النيابية او انتخابات مجالس المحافظات او الاستفتاء على الدستور او التظاهرات وغير ذلك من الممارسات الديمقراطية . ولكن هناك من المفاهيم التي لم يألفها الشعب العراقي ( اي بمعنى أدق لم يفهم فلسفتها ) وخصوصا إذا ما أخرجنا الإخوة في كردستان العراق من هذا الطرح . حيث ان الدستور العراقي يقر بأن من حق المحافظة الواحدة او عدة محافظات ان تكون إقليما مستقلا إداريا واقتصاديا ، ولكن هذا المفهوم الذي ربما يعتبر من أهم المفاهيم التي لابد على العراقيين ان يعيشوها ويمارسوها كونه يحقق الازدهار والتطور وفق نظام ديمقراطي واقعي يسمح باستثمار الطاقات والموارد والإمكانات بشكل يسهل ويطور عمل الأقاليم ، ولابد من إقامة الأقاليم ان تكون وفق الأسس الصحيحة والمنطقية والعادلة إذ لا يمكن ان يكون هناك إقليما من محافظة واحدة ، ربما يؤثر سلبا على طبيعة العلاقة مع باقي المحافظات او مع حكومة المركز حيث يجب ان يكون الإقليم إذا ما تم وأعلن ـ يجب ـ ان يكون من اكثر من محافظة ، كالأقاليم التي دعا لها بعيد سقوط النظام البائد سماحة السيد عبد العزيز الحكيم ( رحمه الله ) في ضرورة إقامة الأقاليم على غرار ما قام في كردستان العراق ، كإقليم الوسط والجنوب مما يحقق حالة من التوازن المالي والإداري في العراق ولكن هذه الدعوة للأسف جوبهت بالكثير من الاعتراضات والاتهامات بان هناك مشروعا لتقسيم العراق ، ولكن ما قاله سماحة السيد عبد العزيز الحكيم في ما مضى باتت نفس القوى التي رفضت المقترح هي من تدعو له وتحاول تنفيذه بشتى الطرق ولكن وفق ما تريده هي لا ما يريده الدستور والواقع العراقي بحيث ان مفهوم الأقاليم بات كاللعبة السياسية بين القوى السياسية العراقية تديره كيفما شاءت ، ومتى ما تطلبت المصلحة ذلك ؟! .فما أريد ان أصل إليه هو ان يكون موضوع إقامة الأقاليم ( الفيدرالية ) وفق ما ينفع الشعب العراق ككتلة واحدة وليس مجموعة من الأفراد في محافظة دون غيرهم بحيث ان بعض القائمين على تلك المحافظة التي تريد ان تشكل الإقليم غير مقتنعين بالأمر مما قد يسبب إرباكا واضحا في تطبيق هذا المفهوم وبالتالي التأثير كما قلنا على المنظومة العراقية ككل ، حيث ان الأقاليم لا يجب ان تخضع للأهواء او المساومات او تتكون نتيجة انفعال من حالة معينة بل لابد في إقامتها من دراسة مدى نجاحها وتأثيراتها المستقبلية على الوضع العراقي وفقا للدستور ومقرراته .
https://telegram.me/buratha