حافظ آل بشارة
قرأ مجلس النواب مشروع قانون حظر حزب البعث تمهيدا لاقراره ، بعض النواب اعترضوا على مشروع القانون بذريعة عدم تمييزه بين البعثي المجرم وغير المجرم ، وهذه ليست مهمة القانون فالقانون يحضر تنظيما خطيرا ، ماذا بعد ؟ قالوا ان وزارة الداخلية لم تقدم ادلة كافية لاثبات وجود مؤامرة بعثية ضد النظام ، ماذا بعد ؟ قالوا لا يجوز حظر حزب البعث فكرا ، بصراحة مشكلة البعث في العراق ليست مشكلة تشريعات في مجلس النواب ولا شحة ادلة لدى الداخلية ولا قضية قمع فكر بعثي محترم ومسالم ، هذه وامثالها من الاعتراضات هي لجلجات ساخنة في صدور رجال وغصة قاسية في نفوسهم ترمز الى الحقيقة ولا تظهرها ، القضية يا سادة يا كرام هي وجود بعثيين اقحاح حاليا في الحكومة والبرلمان ما زالوا يوالون البعث المحظور ويتغنون بأمجاده وقد لعبت التوازنات والصفقات دورها لزرعهم في هذه المواقع ، هم يعانون من ضغوط نفسية قاسية ، فالبعث بالنسبة لهم يمثل تأريخا شخصيا وذكريات سلطوية وترفا غابرا وامتيازات قديمة وعادات وتقاليد وشكلا معينا للشخصية واهتماماتها ونقاط تفوقها ، البعث بالنسبة للبعض يمثل كرامته الشخصية وعنوان احترامه وتقديره الاجتماعي وتوازنه النفسي ، بعضهم اصبح محترما ومهابا وثريا ومترفا واصبحت له قيمة في عهد صدام لانه بعثي من ازلام السلطة يأمر وينهى ويرعب الناس ، وعندما يرمى خارج اطار البعث لن تبقى له اي قيمة ولا احترام ولا ثروة ولا سطوة ، خاصة وان قيادة الحزب اعتمدت خطة تصعيد الاراذل والفاشلين والمحتقرين اجتماعيا الى مواقع القيادة ، وبعضهم موجود الآن في منصب كبير في الدولة الجديدة لأنه بعثي وليس لانه مناضل ضد البعث ! فهو محترم في الماضي والحاضر وهو جزء من صفقة ، تحريم تنظيم البعث في العراق اجراء عادي جدا ، وتشريع القانون اكمال لمادة دستورية مقرة مسبقا ، حزب البعث ينتج منظومة قمعية في تطبيقاته الحزبية ، اما من ناحية الفكر فلا يوجد لديه فكر بل هو مقولات ملفقة من اليساري والقومي واللبرالي ، اما تمييز البعثي المجرم عن غير المجرم فهو أمر مختلف تماما لان القضية جنائية وقد تكفل قانون المسائلة والعدالة بها ، الحظر التنظيمي اوسع معنى من الحظر الجنائي وهو يمنع اعادة تشكيل حزب البعث بنفس المضمون الذي ادى الى ظهور الحكم المتوحش في العراق ، الساسة المخضرمون الذين ما زالوا يدافعون عن البعث عليهم مراجعة انفسهم والتخلي عن تاريخهم الخاطئ والخروج من أسر الذكريات بما فيها من زيتوني ونص اخمس وكشخة ولهو ولعب وقمع ، وبناء تاريخ جديد لانفسهم في ايام شيخوختهم واعتناق فكر جديد اكثر رحمة وواقعية وانفتاحا وتحضرا ، وفهم الامور ببساطة وعدم النظر الى الشركاء على انهم اعداء ، المطلوب محاولة جادة للعيش في هواء نقي بعيدا عن عقد الماضي ، ستبدو الامور طبيعية في بلد يحاول الخروج من تحت رماد الحريق ليعيد بناء الحياة .
https://telegram.me/buratha