حافظ آل بشارة
/ قالت الحكومة قبل سنوات انها ستبدأ معركة مكافحة الفساد بعد الانتهاء من معركة الارهاب ، اتضح ان الحكومة مهما اعدت العدة لمواجهة الفساد يبقى مجلس النواب هو الخندق المتقدم لهذه المعركة العسيرة ، لدى المجلس لجنة نزاهة من الداخل اما من الخارج فترتبط به هيئة النزاهة الوطنية ، وهو قادر على التنسيق مع المفتشيات وديوان الرقابة المالية لتشكيل منظومة قتال ضد الفساد ، المهمة الرقابية تشكل نصف واجب مجلس النواب والنصف الآخر هو التشريع ، ومعلوم ان التشريع بلا رقابة هواء في شبك او صرخة في واد ، مهمة النائب ليست نزهة رئاسية ولا هي فرصة لاكتساب الجاه والمال كما يعتقد الجهلة بل هي معركة بكل المعايير قد يدفع النائب حياته ثمنا لها ، الفساد في العراق يعمل بنظام معقد ، للفساد حكومة ظل اقوى من الحكومة القائمة ، بعض كبار المسؤولين لديه وجهان وجه رسمي يتعامل به علنا ويلوك الكلمات الجميلة ويتصرف كحمامة سلام ووجه ثان هو وجه اللص المحترف الذي لا يتراجع عن قتل خصومه بالكاتم بمنتهى القسوة ، هناك توافقات بين بعض الكتل لتمشية حالات فساد متبادلة ، هناك تنظيمات جميلة المظهر تمول عن طريق الفساد المتواصل واختلاسات الاموال العامة ، هناك موظفون يتخذون من الفساد وسيلة لتكوين راتب ثان غير راتب الدائرة وقد اعتادوا عليه فشب عليه الصغير وهرم الكبير ، تعاني بعض اوساط المجتمع من انهيار العصمة الفطرية في مواجهة الفساد فلا يثير استنكارا ولا يقابله رفض اجتماعي ، اي انهيار المنظومة الاخلاقية التي تحصن الناس من الفساد ، لذا فالمسؤول الحكومي الشريف مقاتل في هذا الخندق ويتلقى السهام من كل جانب ، لذا فمن المتوقع ان يواجه الشرفاء هجمات قاسية من كل جهة ، هناك ظاهرة الخذلان من الاقرب ، والعداء من الابعد ، فمن الطبيعي ان تتخلى كتل واحزاب عن رجال منها يحاربون الفساد ويفتحون ملفاته فيتركونهم في المعركة بلا ناصر ولا معين ، ومن الطبيعي ان يجلس خبراء الحرب الاعلامية والنفسية ساعات ليلفقوا التهم لهذا الوزير او النائب او المدير الذي يحارب الفساد ويكشف خفاياه ، اصدقاء الشدائد قليلون . اذا ارادت الدولة العراقية مكافحة الفساد بشكل جدي فعليها دعم رقابة مجلس النواب ، وتقوية لجنة النزاهة فيه ، واعادة بناء فروع المفتشيات الرسمية والرقابة المالية واخراج اللصوص المختبئين فيها ، واعطاء صلاحيات كبيرة لهيئة النزاهة لا يعلو عليها أحد ، وان تكون هي السلطة الاولى في هذا البلد فوق الرئاسة والبرلمان والقوات المسلحة مع توفير الحماية الامنية والقانونية لها ، ومعالجة فقر موظفي الدولة لكف ايديهم الطويلة عن الامتداد الى المال العام ، واعادة تثقيف المجتمع على استنكار السرقة والاختلاس وكشف دور المال الحرام وآثاره الروحية في افساد الفرد والمجتمع وتهديد الاعراض والكرامة الشخصية للانسان .
https://telegram.me/buratha