المقالات

جامعة عربية جديدة لاصلاح الواقع

656 20:38:00 2011-11-25

عادل الجبوري

للمرة الثانية خلال اسبوعين يدعو زعيم سياسي عراقي بارز هو رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم الى تشكيل جامعة دول عربية جديدة، المرة الاولى كانت في خطبته السياسية بصلاة عيد الاضحى المبارك في السابع من شهر تشرين الثاني-نوفمبر الجاري، حيث قال "ان الاحداث الجارية في عالمنا العربي اليوم تمثل بداية لمرحلة جديدة في حياة الشعوب العربية، اننا امام وطن عربي جديد بكل ما تلك الكلمة من معنى حيث اهتزت عروش الطاووس وقالت الشعوب كلمتها, اننا بحاجة الى جامعة دول عربية جديدة وجدية تكون قادرة على التفاعل مع هذه المتغيرات الكبرى ونحن بحاجة الى اسلوب اعلامي جديد، يكون قادرا على مخاطبة حالة الوعي الجماهيري المتجدد في الوطن العربي، ونحن بحاجة الى مؤسسات قادرة ان تتكامل فيما بينها وتتفاعل مع الوطن العربي الجديد, ان الذي يحدث اليوم في عالمنا العربي هو كسر لقوالب قديمة استمرت لاكثر من خمسين عاما، ومايتبلور اليوم في العالم العربي هو قوالب متحركة ومتجددة قد تبقى بارزة في المشهد السياسي والاجتماعي لاكثر من خمسين سنة قادمة, فنحن نعيش لحظة تاريخية ومفصلية ولابد ان نكون بمستوى الحدث".والمرة الثانية التي دعا فيها الحكيم الى تشكيل جامعة دول عربية جديدة، هي في خطابه يوم الجمعة الماضي امام عشرات الالاف من انصار المجلس الاعلى المشاركين في احتفالات الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لتأسيسه في بغداد وعشر مدن عراقية اخرى، اذ قال "نرى ان الوقت قد حان لانشاء منظمة اقليمية فاعلة وحقيقية تجمع مصالح وتطلعات الامم والشعوب في هذه المنطقة وتكون قادرة على صياغة مبادئ جامعة توفر المصالح الاقليمية لجميع هذه الدول، فأن المشتركات بيننا من التاريخ والحضارة والثقافة والجغرافيا والجيوبولوتيك والدين الحنيف والامن الاقليمي المشترك والاقتصاد المتشابك يشكل الارضية الخصبة لانطلاق هذا التحالف الاقليمي عبر منظمة اقليمية وسيكون العراق القلب النابض لهذا التحالف الذي يجمع المشتركات ويطرد الاختلافات".قد تبدو الدعوة الثانية مختلفة نوعا ما عن الدعوة الثانية، بأعتبار ان الاولى تتعلق بالكيان العربي، واطاره القائم المتمثل بجامعة الدول العربية، والثانية تتعلق بالكيان الاقليمي، الذي لايوجد اطار واحد جامع له وفق حقائق التأريخ وثوابت الجغرافيا والمصالح المتبادلة والقواسم المشتركة، ولكن كلا الدعوتين تشيران بوضوح الى حقيقة ان هناك اشكاليات تحتاج الى حلول ومعالجات، وهناك مخاطر وتحديات ينبغي مواجهتها بعقليات ومنهجيات واساليب جديدة تختلف عن الاساليب التقليدية القائمة، التي ربما عفى عليها الزمن وتجاوزتها التحولات والمتغيرات الكبرى.ثورات الربيع العربي اكبر واوضح وابلغ مؤشر على ان الواقع السياسي -وما يرتبط به من معطيات-سائر وبأيقاعات سريعة نحو تحولات ومتغيرات على قدر كبير من الحساسية والخطورة والاهمية، فسقوط وانهيار انظمة سياسية ديكتاتورية واستبدادية بأدوات ووسائل تختلف كثيرا عن الادوات والوسائل التي اوصلت -وصلت عبرها-تلك الانظمة الى سدة الحكم في النصف الثاني من القرن الماضي، يعني كسر للقوالب التقليدية ومنظومة العلاقات السياسية، وحتى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لان سقوط وانهيار تلك الانظمة الاستبدادية، يؤذن بمرحلة -او حقبة-جديدة، بشعارات وممارسات وعلاقات وادوات حكم وادارة مختلفة تمام الاختلاف عن سابقتها.وعناصر الحماس والتفاؤل لدى الجماهير تقابلها هواجس قلق وفزع من قبل الانظمة التي لم تصلها بعد رياح وعواصف ثورات الربيع العربي.في ذات الوقت هناك قدرا كبيرا من الازدواجية والكيل بمكيالين حيال ثورات الربيع العربي، تحكمها اعتبارات طائفية واجندات سياسية تتجاوز حدود الجغرافيا العربية. ومواقف جامعة الدول العربية ازاء مايجري في بقاع مختلفة من العالم العربي يمثل مصداقا للازدواجية والنفاق والكيل بمكيالين، فهي بدت غير معنية تماما بثورة البحرين، والتدخل الخارجي لصالح النظام الحاكم هناك، وما حصل فيها من انتهاكات مروعة لحقوق الانسان، بيد انها تعاطت مع احداث سوريا التي لاتختلف في اطارها العام عن احداث البحرين وتونس ومصر وليبيا واليمن، بطريقة انفعالية غير مسبوقة الى الحد الذي خالفت فيه ميثاقها الذي ينص على ان قراراتها لابد ان تصدر بالاجماع، ومعروف ان قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة تم رفضه من قبل لبنان واليمن وسوريا ذاتها، مع امتناع العراق عن التصويت. هذا التوجه يعني ان جامعة الدول العربية اثبتت انها عامل للتأزيم والتعقيد والعرقلة، اكثر منها اداة لحل ومعالجة المشاكل والازمات، بعبارة اخرى انها جزء من المشكلة وليس الحل، ومثلما يقولون "اذا لم تكن جزءا من الحل فأنت جزءا من المشكلة".فلو كانت تمثل اطارا عربيا محايدا وموضوعيا لما تعاطت مع الوضع البحريني بمنطق مختلف تماما عن التعاطي مع الوضع السوري، وذلك الاختلاف اثبت ان الجامعة عبارة عن ورقة او اداة سياسية توجهها قوى اخرى من خلال سطوة المال والاعلام والارتباطات والتحالفات الدولية.لم يذهب بعيدا حينما وصف الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل مايجري في سوريا بالمؤامرة الكبيرة التي تتعدى اسقاط نظام الحكم هناك لتستهدف ايران. واذا كان الامر كذلك فكيف يمكن لجامعة الدول العربية ان تحظى بالقبول وتتمتع بالمصداقية من قبل القوى الجديدة التي تمخضت عن الربيع العربي، او بتعبير اخر تلك التي ساهمت في صنعه؟... وكيف لها ان تنجح في مواجهة الكثير من المخاطر والتحديات والاستحقاقات التي لابد ان تبرز في المرحلة المقبلة في بلدان ومجتمعات الربيع العربي، كما برزت في العراق بعد الاطاحة بنظام صدام؟. تبدو صورة الجامعة في هذا الوقت الاسوأ من اي وقت اخر، لانها عاجزة بكل معنى الكلمة عن التعاطي مع حقائق الواقع الجديد بأيجابية وموضوعية...انها تبدو ممثلية لطرف عربي او تكتل عربي ذي اتجاه واحد، اكثر مما هي اطارا جامعا للعالم العربي بمكوناته الاثنين والعشرين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي
2011-11-28
يجب أن تسمى (جامعة حكام ووهابيوا الدول العربيه)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك