احمد عبد الرحمن
واحدة من المهام الرئيسية للبرلمان، والتي حددتها الدساتير وتعارفت عليها الانظمة السياسية الديمقراطية وليس الديكتاتورية، وهي الرقابة على المؤسسات التنفيذية وتشخيص مواطن الضعف والقصور والتقصير والخلل، ومن ثم اتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة التي من شأنها تلافي ومعالجة ذلك الضعف او القصور او التقصير او الخلل، وتصحيح المسارات الخاطئة، وهذه الاجراءات تتمثل بالاستضافة والاستجواب وسحب الثقة وغيرها.ويخطـأ من يتصور او يفترض ان نظاما سياسيا يحمل صفة الديمقراطي يمكن له ان ينجح ويستمر من دون سلطة رقابية فاعلة ومؤثرة لاتكون ذيلا للسلطة التنفيذية او اية سلطة اخرى.وطبيعي ان السلطة التنفيذية بمختلف مفاصلها متى ما استشعرت ان هناك رقابة ومتابعة مستمرة لادائها ، فأنها تحرص على ان تقدم ما افضل للمواطنين في مختلف الجوانب والمجالات، والعكس صحيح، فأنها متى ما استشعرت بضعف السلطة الرقابية-البرلمان-عليها فأن الفساد الاداري والمالي والترهل واللامبالاة وغيرها من المظاهر السلبية تستشري وتستفحل في شتى اعضاء جسدها.ولعل التجربة العراقية الديمقراطية مازالت تعاني الكثير من الاشكاليات الكبيرة والمعقدة، لاسباب عديدة ، من بينها عدم تبلور ورسوخ مبدأ الاستقلال والفصل الحقيقي بين السلطات العليا في الدولة مثلما اقر بذلك الدستور، ومن بينها ايضا اقحام المصالح والحسابات السياسية الحزبية في العمل الحكومي والمصالح الوطنية العامة، التي هي في الواقع مصالح ملايين الناس لامصالح هذه الفئة او ذلك المكون.وجود المسؤولين التنفيذيين تحت قبة البرلمان علامة عافية ومؤشر حسن في اطاره العام لصحة المسارات والتوجهات، فهنا البرلماني يؤدي وظيفته، والمسؤول التنفيذي يشعر ان هناك من يراقب ويتابع ويشخص الخطأ والصواب، وهناك وسائل اعلام تعكس الحقائق الى الرأي العام، والاخير متاح له ان يطلع ويسمع مختلف الاراء ووجهات النظر، وبالتالي تكون له القدرة على التمييز من خلال المصاديق الواقعية المعاشة في أي مجال من المجالات الحياتية.ولكن الامر الخطير-بل ربما الاخطر-هو حينما يتحول البرلمان الى ميدان لتصفية الحسابات السياسية والحزبية الضيقة والدخول في مناكفات ومهاترات وسجالات لايتعدى الهدف منها التسقيط والتشهير السياسي على حساب الوطن والمواطن، من خلال البحث والتفتيش عن الاخطاء والسلبيات، ومحاولة التعتيم على الانجازات والايجابيات حتى وان كانت الاولى قليلة والثانية كثيرة.لاشك ان النجاح الحقيقي سيتحقق وينعكس على جميع ابناء الوطن متى ما احتلت مصلحة المواطن قائمة الاولويات لدى اصحاب الشأن والشركاء السياسيين في هذا البلد، فلا نجاح ومصلحة المواطن ضائعة في متاهات المصالح الفئوية والحزبية الضيقة لهذا الطرف وذاك.
https://telegram.me/buratha