قلم : سامي جواد كاظم
ان الحال المزري الذي كان عليه المسلمون يتجسد في تصرفات معاوية وابنه يزيد فانهما لا يتورعان من الاقدام على اي منكر مهما كان قبحه وسخط الله عليه ، في مثل هذه الظروف كان لهم الحسين عليه السلام بالمرصاد والذي امر بالمعروف ونهى عن المنكر بكل ما هو متاح لديه ، ولعل قصة ارينب زوجة عبد الله بن سلام هي واحدة من تلك الماثر التي سطرها الحسين عليه السلام لتكون درس للحاكم قبل المحكوم ، وقد نمر عليها بشكل سطحي او على اقل تقدير نهتم الى كيف استطاع الحسين عليه السلام رد كيد يزيد وابيه في عبد الله بن سلام وهذا ما يبدو للوهلة الاولى ولكننا لو تمعنا جيدا في القصة ومفرداتها ستظهر لنا نكات جميلة وحكيمة ورائعة .التاريخ يعيد نفسه والطواغيت يقتدون باسلافهم ممن هم على شاكلتهم ، وقصة ارينب فيها الكثير من تلك المفارقات ، تبدأ الرواية ان معاوية تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة فجاء ولاته ورجال خلافته لتهنئته بالسلامة ومن بين هؤلاء كان عبد الله بن سلام الذي اصطحب زوجته معه ، هذه اول مفارقة الم يعلم عبد الله بان معاوية فاسق ؟ ومن ثم لم اصطحب معه زوجته في هذه الزيارة؟ اليست هذه صورة طبق الاصل مما يحدث اليوم ؟ الم يعبث طاغية العراق وابنه بنساء وزرائه وازلامه بنفس طريقة معاوية ؟ومرت المؤامرة المعروفة حيث ان معاوية واعد عبد الله بن سلام بان يزوجه ابنته وشرطت ابنته ان يطلق سلام ارينب وفعل ذلك وبالثلاث ومن ثم رفضته بنت معاوية والوسيط في كل هذا هما ابو هريرة وابو الدرداء، هذه الخدعة قام بها معاوية تلبية لرغبة يزيد لانه شغف بجمال ارينب ،وارسل معاوية ابا الدرداء ليخطب ارينب في المدينة بعد انقضاء عدتها ، وهذا الرجل يحمل في قلبه محبة ال بيت النبي عليهم السلام المتمثلة بالحسين فمر عليه في المدينة لكي يسلم عليه قبل الذهاب الى دار ارينب ولان قصة ارينب انتشرت في كل ارجاء المعمورة والناس تتحدث عن خدعة معاوية فكان الدرس الحسيني في الصميم ، وعندها عرض الحسين على ابي الدرداء ان يخطب ارينب ويترك لها الخيار فيما تختار ؟ وكانت هذه الصفعة احد الاسباب لحقد يزيد على الحسين عليه السلام ، وقال الحسين لابي الدرداء انه سيدفع نفس المهر المدفوع لها من قبل معاوية ، اذا اهل البيت ليسوا بفقراء بل انهم يبذلون المال للفقراء ويقسمونه على استحقاقاته الضرورية ،وتعلمون ماكان من القصة فان ارينب تركت الامر لابي الدرداء ان يفاضل بينهما فقال لها ان الحسين لا يقارن باحد وهو خير البشر في هذا الزمان وكان ما كان فاجهضت مؤامرة معاوية الدنيئة واحتقن حقدا يزيد .وبعد ما خدع عبد الله بن سلام وذهاب ماله تذكر كانت له امانة عند ارينب فجاء المدينة يترخص من الحسين عليه السلام ان تعيد له امانته ، طبعا تخلل الحديث ندم عبد الله عن ما صنع وامتدح ارينب بما تستحق ، فدخل الحسين على ارينب وقال لها ان عبد الله ذكرك بالخير والثناء وذكر ان عندك امانة له ، فقالت نعم وهاهي امانته مختومة بمهره تفضل اعيدها اليه ، فقال لها الحسين بل انت تعطيها بيده وتبرئين ذمتك ، وبالفعل ما ان دخل عبد الله على ارينب حتى تركهما الحسين لوحدهما فتذكرا الماضي وبكيا طويلا وكان حديثهم حديث اسف وحزن فدخل عليهما الحسين عليه السلام فقال : اشهد الله انها طالق اللهم انك تعلم اني لم استنكحها رغبة في مالها ولا جمالها ولكني اردت ارجاعها لبعلها فاوجب لي بذلك الاجر ، ولم ياخذ شيئا مما ساقه لها من مهرها ، وطلب عبد الله من زوجته اعادة المهر فاجابته لذلك شكرا لما صنعه بها فلم يقبله الحسين عليه السلام وقال الذي ارجو عليه من الثواب خير واولى يظهر مما اقدم عليه الحسين عليه السلام بانه يرجع الامانة انه يعلم بان معاوية سيغدر بابن سلام ، والامر الاخر عندما رفض اعادة مهرها فهذا يدل على انه لم يدخل بها ولم يطمع بجمالها لان المعلوم ان المهر لا يعاد في مثل هذه الحالة بل حتى ان نصف المهر استحقاقه ولكنه وهبه لهما ، هل يستطيع القلم ان يصف موقف الحسين هذا ؟ هل تستطيع المشاعر ان تكبح جماحها وهي تعيش هذه الحكاية ؟ هل تمتنع الدموع من الانهمار عندما تقرا هذه الحكاية ؟ هل مثل هذه الحكاية لا تكون ضمن الاسباب التي يحقد بها يزيد على الحسين عليه السلام ؟ هل رايتم حاكم اليوم يفكر في اصلاح البين بين زوج وزوجة من ابناء شعبه ؟ هل رايتم حاكم يبذل المال من اجل الثواب ؟ امراة طلقت فكان هم الحسين عليه السلام ارجاعها الى بعلها وفي العراق النساء تطلق وترمل ولا من معين لهم !!!!
https://telegram.me/buratha