خليل الفائزي
قبل أيام قلائل من بدء شهر محرم هو الشهر الذي يشد عادة من عزيمة شيعة الإمام علي (ع) و يصعد من إيمانهم بانتصار دم الحق على سيف الباطل خرج علينا النظام الحاكم في البحرين بمسرحية مضحكة و كأن الشعب في البحرين يعيش في دولة حرة وديمقراطية تحترم حقوق الإنسان من خلال تقرير ما سميت بلجنة تقصي الحقائق الذي قرأ بلهجة مصرية أمام الملك وحاشيته وخير ما جاء في هذا التقرير هو الاعتراف بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان والمعتقلين وتعذيبهم وإهانتهم وهو التقرير الذي كان الهدف منه بالاساس تهدئة غضب الشارع الشعبي في البحرين عشية بدء شهر محرم و الإيحاء بان الملك و حاشيته يهتمون كثيرا بملف حقوق الإنسان و الدفاع عن حقوق المعارضة!. و لكن يا ترى لماذا نعتبر هذا التقرير مغالطة ومحاولة لتضييع حقوق الذين قتلوا وعذبوا وسجنوا وقمعوا وأقصوا من وظائفهم قسرا و عنوة والأكثر من ذلك عتمت وسائل الإعلام العربية جميعها دون استثناء على حركتهم و مطالبهم وانتفاضتهم التي استلهمت من ربيع الانتفاضات العربية لكن الانتفاضة في البحرين وشعب البحرين واجها الظلم و التعتيم والتمييز العنصري والمذهبي من جانب كافة الأنظمة العربية الرسمية و أجهزة إعلامها المفلسة أخلاقيا والمجوفة مهنيا، وذلك للأسباب التالية:
من مهازل بعض الأنظمة القمعية وغير الديمقراطية والتي لا تعير للإنسانية و لشعبها اي مكانة وأهمية إنسانية و أخلاقية وتخشى فقط من انتقادات و اعتراضات منظمات حقوق الإنسان و أسيادها في الغرب ان هذه الأنظمة وبعد سلسلة من القمع والتعذيب والإرعاب والإرهاب والقتل للمواطنين على مدى عدة اشهر و ربما أعوام و عقود من الزمن تبادر أحيانا لتقديم الاعتذار او التعبير عن الأسف عما حدث من انتهاكات قانونية سافرة وعمليات إجرامية منظمة قذرة ضد الجماهير والمعترضين وينطق هؤلاء الملوك والزعماء والرؤساء والقادة بكلل وتثاؤب بعد كل هذه العمليات الإجرامية والقمعية وهدر دماء وانتهاك أعراض الناس بكلمة آسف فقط! او سوف أحاسب صغار المسئولين عن هذه الانتهاكات و الجرائم كما كررها ملك البحرين و حاشيته مؤخرا بعد مسرحية تقرير لجنة تقصي الحقائق.و نقول لهؤلاء يا ترى كيف يضع ملك البحرين وحاشيته المفروضة قسرا على رقاب وكاهل سكان البحرين الأصليين كل الانتصارات القومية وغيرها من المفاخر والمنجزات الوطنية في حسابهم ومكانتهم اذا حقق مثلا اي مواطن بحريني نصرا رياضيا او حاز على شهادة دولية او منح جائزة معروفة، فإذا تحققت مثل هذه الانتصارات فان ملك البحرين وحاشيته يباركون وينهوّن بعضهم البعض على تحقيق هذه الإنجازات القيّمة و يصادروها بكل صلافة و يدسوها في جيوبهم وكأنهم هم الذين حققوا هذه الانتصارات الوطنية و حازوا على الشهادات والجوائز الدولية، و لكن اذا تم قتل العشرات و المئات من أبناء الشعب البحريني و تعذيب و إهانة الآلاف منهم وحرمان غالبية الشعب (على الأقل 90%) من ابسط حقوق المواطنة ومنعهم من تعيين مصيرهم بيدهم و ترجيح المتجنسين والوافدين والغرباء عليهم فان الملك وحاشيته يعتبرون هذه الأمور قد نفذها بعض الخارجين عن القانون من صغار المسئولين وسوف تتم محاسبتهم بشدة لاحقا! (باللسان وعلى الورق بالطبع).و يتصور الملك و حاشيته انهم قادرون على شراء الذمم و إسكات الشعب من خلال تقديمه للمواطنين العلكة والمصاصة في غلاف براق ضمن ما سمي بتقرير لجنة تقصي الحقائق المزعومة.
نقولها شرعا وقانونا لهؤلاء ان اي مسئول او حاكم اذا قبل المسئولية فهو مسئول عن كافة الأمور و الأحداث و تقع عليه الحسنة و السيئة على حد سواء و يجب ان يحاسب على الصغيرة و الكبيرة، فمن غير المعقول ان يضع حسنات البلاد لصالحه و يملأ جيوبه من ثروات و خيرات الوطن دون حدود و يدفع بالسيئات عنه و يتخلى عن المسئولية و يضعها في رقاب صغار المسئولين الذين لا نعرفهم او انهم في نهاية الأمر بيادق و مرتزقة وعبيد ينفذون أوامر السلطة العليا.ومن غير المنطق ان يحاسب الحكام مسئولين نفذوا أوامرهم بكل دقة و طبقوا القول المشهور: المأمور معذور!. و من ثم ينقلبوا فجأة اذا اشتد عليهم الأيام و رفع الشعب قبضته بوجوههم يطلبوا فورا العفو والمغفرة و لكن مع بقاء الاستمرار بالحكم و نهب البلاد و قمع الشعب بالحديد و النار الى آخر الزمان!.و بعبارات قد يفهما هؤلاء الجهلة من الحكام والمسئولين نقول: ان الجندي لا يطلق النار الا بعد تلقيه أوامر فتح النار من الذي أعلى منه والأعلى منه يتلقى الأوامر من السلطة العليا وهكذا، و ان المعترضين لا يزجون في السجون و لا يعذبون و يقتلون المعتقلات و لا يدهسون بالمصفحات العسكرية الا بأمر من المسئول الأعلى و ان عمليات الإقصاء للموظفين و قرارات الفصل العنصري (المذهبي) لا تنفذ الا بقرار من القيادة العليا و أصحاب البطون والذقون التقدمية و الدشاديش القصيرة و العقول الفارغة في دول المنطقة.
و عليه نقولها شرعا و قانونا ان كل قطرة دم سالت و تسيل من دماء الشهداء الأبرار في البحرين هي برقبة الملك و حاشيته و يجب ان يحاكموا على كل جريمة صغيرة وكبيرة اقترفوها ضد اي من أبناء الشعب البحريني و اذا كان من المقرر محاسبة المقصرين والمنتهكين للشرع و لحقوق الإنسان فان أول شخص يجب ان يقدم للمحاكمة و المسائلة هو ملك البحرين و من ثم جلاوزته و حاشيته من الذين اقترفوا و نفذوا هذه الجرائم و سائر الانتهاكات .ويجب ايضا محاكمة كافة الذين الحكام و المسئولين في المنطقة و العالم خاصة الملك عبدالله و حاكم الإمارات و أمير قطر من الذين شاركوا في جرائم القتل و الإرهاب المنظم و أرسلوا قواتهم العسكرية والأمنية القمعية لاقتراف المجازر الوحشية ضد الأبرياء و العزل في البحرين.قد يتصور البعض اننا نقول كلاما غير معقول او نهذي مع تقدم سننا الا ان هذه هي الحقيقة و لا شئ سواها و نقول بالفم المليان:
* اذا كان ملك البحرين والحكام الذين شاركوا في عمليات قتل الشعب البحريني لهم ذرة من الدين و يؤمنون بشرع الله فان الدين يقول: حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا والفتنة اشد من القتل و حساب كل الحكام و الولاة اعسر عند الله من حساب العامة. و نحن نعتبر أنفسنا اتباع دين يقول إذا انتهكت حقوق عبد او أمة في أقصى بقاع الأرض فان الحاكم مسئول عن هذا الانتهاك مباشرة و ان حكامنا و ولاتنا السابقين كانوا يحاسبون أنفسهم قبل ان يحاسبهم الله و يرون المسئولية عبأ ثقيلا عليهم و ليس مثل الان يقتل الابن أباه او يعزله قسرا لتولي الحكم كما حدث في دولة قطر او يقتل الحاكم أبناء شعبه ليبني من جماجمهم مزيدا من القصور له و لحاشيته كما يحدث الان في البحرين و شبه الجزيرة العربية.
و الفرق الشاسع بين أئمتنا و الحكام الحالين هو ان الإمام علي (ع) مثلا ظل مظلوما و صامتا و مبعدا عن الحكم الذي كان من حقه 25 عاما بينما الحكام في وقتنا الراهن مستعدون و جاهزون لقتل ثلثي أبناء شعبهم للبقاء في السلطة لمدة أطول والتلذذ بالمال و الجاه و القدرة الزائلة.
* و أما اذا كان الحكام الحاليون يؤمنون بالقوانين والدساتير التي سنّوها بأنفسهم فإنها تؤكد على معاقبة المجرم والمذنب بقانون العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم، وجميع القضاة العادلين يحاكمون أولا المحرضين على القتل و مصدري قرارات الجرائم و بعد ذلك يأتي دور منفذي الجرائم و عمليات القتل والتعذيب و قطعا عقاب مصدري أوامر القتل اعسر و اشد من العبيد المنفذين.
* و اذا كان الحكام طائعين ومنقادين للأوامر أسيادهم في الغرب فان في الغرب اذا قتل تلميذ او طالب طيرا او اي مخلوقا او حتى قطع غصن شجرة يقدم وزير التربية والتعليم استقالته فورا و يعرّف نفسه للمحاكم القضائية لانه لم يتمكن من تربية التلاميذ والطلاب بشكل مطلوب ولم ينّم تربيتهم و يصقل أخلاقهم حتى ولو بشكل غير مباشر. و اذا وقع حادث صدام قطارين او اي حادث مروري مروع يهرع وزير المواصلات او حتى رئيس الوزراء بتقديم استقالته و اعتبار نفسه مسئولا امام القانون و يقر علانية بالتقصير و المسئولية عما حدث وعدم تهيئة الظروف الآمنة للمواطنين. وهناك عشرات مثل هذه الأمثلة التي تؤكد لنا ان الحاكم و المسئول هو المقصر الأول والأبرز في اي حادث او طارئ يؤدي الى موت أناس أبرياء فما بالك ان هذا الحاكم و المسئول هو الموقع على قرارات القتل و الإجرام والقمع و الإرعاب لمواطنيه و أبناء البلد الذي يتولى الحكم و السلطة المطلقة فيه.
قطعا ان هناك عدة محاكم تنتظر هؤلاء الحكام المجرمين، أولها و أهمها محكمة الله العزيز ذو انتقام ونحن نؤمن كثيرا بها و هي ستتحقق قطعا على الأرض قبل السماء وندرك ان الله الجبار المنتقم سوف يقتص من هؤلاء قريبا ولا مصير لهم سوى الذل و الخضوع لارادة الناس او السقوط و الاندثار في مزبلة التاريخ العفنة الخاصة بالحكام الفاسقين و الفاسدين.
المحكمة الأخرى هي محكمة الشعب الثائر والمنادي بحقوقه و هذه المحكمة سوف تقام قريبا لكافة الحكام القمعيين والمستبدين على غرار محاكم القادة العرب الذين أهينوا و أذلوا و اعدموا على ما اقترفوه من جرائم بشعة ضد الإنسانية.
و عليه من الأفضل للحكام المستبدين الاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها و عزل أنفسهم و الاستغفار لربهم و طلب السماح من الجماهير و ذوي الشهداء و المتضررين و التعويض لهم و ليس الاكتفاء بجملة: آسفون عما حدث و سنحاسب صغار المقصرين قريبا! لان هذا القول لا يرضي اي طرف و لا يقنع اي عاقل و مطالب بحقه.فإذا كان التعبير عن الأسف وإلقاء المسئولية على الآخرين هو الحل الأفضل و المثول أمام الأمر الواقع هو الخيار الأوحد حسب تصور هؤلاء الحكام فليأتوا الحكام بأولادهم الجهلة والأغبياء و يضعوهم أمامي و انا سأطلق النار عليهم او أحرض آخرين ليقتلوهم و يقطعوهم إربا (صدقا اعترف للجميع انا شخصيا لا أستطيع ان اذبح دجاجة و لا دهس نملة!) ثم أقول للحكام: انا آسف عما بدر مني من خطأ بقتل أولادكم و سوف أعاقب الآخرين لاحقا!.فهل يرضى الحكام بذريعتي و قولي هذا و يكتفون عن ملاحقتي و الانتقام مني أم سيطالبون بقتلي انا وأسرتي و كل من مر و يمر بجانبي؟!.
* المحكمة التي قد لا يتوقع الكثيرون منها اي ناتج إنساني او حصيلة ملموسة هي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وهي محكمة دولية مختصة بمحاكمة المسئولين عن جرائم و إبادة جماعية و جرائم ضد الإنسانية و قطعا ان مثل هذه الاتهامات و التوثيق تنطبق على ملك البحرين وعاهل السعودية و حاكم الإمارات و أمير قطر باعتبارهم قتلة و مصدري أوامر الإبادة الجماعية و جرائم ضد الإنسانية فهؤلاء وفقا للوثائق التي نمتلكها وقد يمتلكها آخرون. فهم من أبرز داعمي الإرهاب المنظم في العراق ودول أخرى و من اكثر ممولي و محرضي الجماعات الإرهابية المعرفة بالقتل و التفجيرات و إثارة النعرات الطائفية و تنطبق عليهم الكثير من مواد قانون محاكمة مجرمي الحرب في المحكمة الجنائية الدولية و انا شخصيا وانطلاقا من مهنتي سوف اقدم شكوى دولية ضد هؤلاء قريبا و اتهمهم بارتكاب عمليات إبادة و جرائم ضد الإنسانية وأطالب كافة الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان و المختصين بالملفات الدولية التعاون معا لتقديم هؤلاء الجناة الى المحكمة الجنائية الدولية والاقتصاص منهم باللغة التي يفهمها الغرب و الأسلوب ذاته الذي يتعامل به الغرب مع ما يصفهم بالقتلة ومنتهكي حقوق الإنسان في العالم ، و قطعا ان هروب او نجاة هؤلاء الحكام من اي من المحاكم التي أشرنا لها لا يجعلهم ينجون من محكمة الله المنتقم و الذي يمهل و لا يهمل و لا محكمة الجماهير التي ستقام أعمدتها وتسدل حبالها على هامات الرجال والنساء الصامدين والمناضلين والمطالبين بحقهم والمدافعين عن عقيدتهم والساقين بدمائهم شجرة الحرية والهادرين بأصواتهم رياح عاصفة الانتفاضات العربية.
https://telegram.me/buratha