السيد حميد الموسوي
ليس باستطاعة كل قوانين الارض -ومهما تسلحت بقوة تنفيذية "تعسفية وترويعية"- ان تحل محل الضمير أو ترقى الى مستوى تأثيره في سلوك البشر كوازع لفعل الخير وممارسة كل ماهو جميل وحسن، أو رادع لتجنب افعال الشر واجتناب موارد الرذيلة ومهاوي السوء. ومن هنا جاء تاكيد الشرائع السماوية وتركيز الوصايا الربانية على لسان الانبياء والمرسلين في التعويل على بناء الاخلاق لما لها من اهمية في مسار حياة البشرية وتطبيقات ممارساتها اليومية:-"اثقل الاعمال في الميزان: حسن الخلق"!."بعثت لأتمم مكارم الاخلاق"معنى هذا ان حسن الخلق افضل العبادات على الاطلاق.ولا يخفى ان حسن الخلق أو سوءه هما نتاج صحوة الضمير وسموه أو سقوطه واضمحلاله!. إذ ان الاخلاق تمثل الوجه المشرق للضمير وذلك لان جميع الممارسات والسلوكيات اليومية والتصرفات بخيرها وشرها صالحها وطالحها، طيبها وخبيثها.. تعزى الى اخلاق الفاعل وتنسب الى ضميره.مضطرن ومجبرون للعودة الى "شماعة ابليس"! وعليه فلابد أن نذكر بممارسات السلطة السابقة وادواتها القمعية التي دفعت ببعض -"بعض كثير"- من العراقيين الى ممارسة الكثير من السلوكيات الخاطئة المنحرفة: من تحايل، ونصب،واختلاس، وتزوير، وارتشاء، وغش، وتقارير كيدية، ونفاق، ووشايات، وخيانة الامانات، وتسلق على اكتاف الاخرين، وسرقة جهود الطيبين"الغافلين"، والقائمة تعرض وتطول بما لذ وطاب من ظواهر مخزية ساهمت في تفشيها سنوات الحصار المقصود!.طبعا ليس من المعقول زوال تلك الظواهر السرطانية بجرة قلم حتى وان زالت اسباب ودواعي تفشيها آخذين بعين الاعتبار انها ثقافة اربعة عقود ذهبية "ونعم الثقافة".لكننا حين سلمنا بهذا الرأي -مرغمين- على امل ان توجهات العهد الجديد وتعداته بغسل وتطهير ادران ومخلفات الحقب السابقة كفيلة بعودة الضمائر الى فطرتها السليمة -وجدنا ان التسليم وحده لا يكفي ولا بد من "التضخيم" والردع الحازم فقد تسرب الفساد الى الملح، وشوه معظم الاشياء الجميلة، ولاث اكثر الخصال النقية وضرب اروع السجايا الاصيلة، ودمر اطيب الخلال الحميدة!. فبدلا من المبادرة الجادة الى محو مفردات قائمة الخراب الشامل والبدء بترميم ما تهدم من ضمائر، وتنقية ما تكدر من اخلاق، دبت روح الانشطار الاميبية والنووية وراحت تنجب مفردات فساد طارئة واجيال خراب متطورة.. تضخمت وتعملقت واستعصت على الحلول. ظواهراستجدت كردة فعل لركام الحقب السود وتفاقمت مع الفوضى الخلاقة وتفشت بغياب العقاب الرادع:-* ظاهرة الموظفين الاشباح من تقاضى ويتقاضى رواتبهم؟!.* ظاهرة المصدرين البحارة العتاة التقاة من يجهزهم؟!.* ظاهرة طلبات التعيين التي تختفي بعد اتمام الاجراءات فييأس اصحابها ويتركوا المراجعة ثم تتحول الى توظيف دائم يتقاسم المتلاعبون رواتبها شهريا!!.*ظاهرة منتسبي الجيش والشرطة تاركي العمل لسبب او لاخر الذين ترقن قيودهم واستمرار صرف رواتبهم.. لمن؟!.*ظاهرة الاجنحة الخاصة للعوائل في معظم الدوائر والمؤسسات والوزارات !.* ظاهرة تهريب المجرمين المدانين من سجون محصنة وتسجيل العملية ضد مجهول كحادثة عابرة!.*ظاهرة اختلاس المال العام بارقام خرافية والتي لا تكتشف الا بعد فرار "بطل الفلم" بالجمل بما حمل!.* ظاهرة التعاقد على صفقات وهمية واخرى على مواد تالفة وسلع مستهلكة واسلحة حرب البسوس بمليارات "الدولارات واليوروات"!.* ظاهرة الفرار بشاحنات المواد التمونية وصهاريج النفط لبيعها في دول الجوار والعودة ظافرين!.* ظاهرة الموفدين للتفاوض او للدراسة والذين يتخلفون عن العودة انتهازا لفرصة وجودهم خارج العراق دون احساس بانتماء وطني مع ما صرف على ايفادهم من ميزانية فقراء الوطن!.* ظاهرة المسكوت عنه خشية من زعل المتنفذين!.ظواهر... وظواهر.. ارحم من طعناتها الخناجر!!وما بين دولة الاجهزة القمعية ودولة الاجهزة المرتخية وقرارات ترك الحبل على الغارب نشأ وتفشى وباء الظواهر وموت الضمائر، وتحول سقوط الحياء والخلق الى حالة مألوفة وممارسة عادية افلت زمامها واستعصت على المصلحين وعلماء الاخلاق والوعاظ.نفذت علامات التعجب والاستفهام بكل انواعها هل عندكم المزيد؟.اكيد انتم تعرفون الكثير من هذه الظواهر والنجوم التحف وساكتين لسبب ولأخر!.
https://telegram.me/buratha