قلم : سامي جواد كاظم
ان الائمة عليهم السلام هم مدرسة العلوم القرانية بكل تفرعاته واختصاصاته وحصرنا عنواننا بالامام الحسين عليه السلام لانني وجدت هنالك جفاء من قبل بعض الباحثين في دراسة الخطاب الاسلامي في عصر امامة الحسين عليه السلام والتاكيد على واقعة الطف والتي هي بحد ذاتها مدرسة متكاملة الاختصاصات والفروع العلمية والتشريعية التي تخص البشرية الا ان هذا لا يعني ان نركز على جانب واهمال جوانب متعددة ، وسندنا ومعتمدنا في بحثنا هذا هو حديث الثقلين كتاب الله وعترة نبيه اللذان لم يفترقا ، فما هي طبيعة العلاقة بين القران والعترة ؟ اعتقد ان البحوث والدراسات كثيرة بهذا الخصوص ولكن حصرا على دور الامام الحسين عليه السلام والقران هذا هو مبتغانا ومقصدنا .من بين العلوم التي تتحدث عنها كتب التفاسير والمختصون بعلوم القران هو المحكم والمتشابه ولكثرة الاقوال والتعريفات فاننا نذكر الزبدة التي ذكرها صاحب تفسير الميزان الا وهي "فالمحكم من الآيات ما يدل على مفهوم معين لا نجد صعوبة او تردداً في تجسيد صورته او تشخيصه في مصداق معين. والمتشابه ما يدل على مفهوم معين تختلط علينا صورته الواقعية ومصداقه الخارج".من خلال تتبع سيرة الامام الحسين عليه السلام والمواقف التي اعترضته وذكره لبعض الايات القرانية نستدل منها على كثير من المفاهيم والنكات التي تدلنا على مسلك الحق .لقد ذكر اكثر من ستة عشر راي بالمحكم والمتشابه وكلها خلت من راي للامام المعصوم او الاستشهاد بقول للمعصوم لمن يدعي رايا معينا وقد تطرق علماؤنا ومن له اهتمام بهذا المجال الى الحديث عن اللفظ والمعنى والقرينة والتشابه والاحكام وما الى ذلك من مباحث لغوية ومناطقية .ركن اساسي يعتمد عليه اعجاز القران هي الايات المتشابه والمتشابه هي التي لها اكثر من مصداق على ارض الواقع تختلف مع اختلاف الزمان والمكان والتي تثبت فاعلية القران الى يوم الدين واما المحكم فانها لا يتغير معنى الاية مهما تغير الزمان والمكان مثال ذلك ( اقيموا الصلاة ) تبقى بنفس المعنى الى يوم الدين .المحور المهم هو الايات المتشابهة فالكلمات التي تتضمنها الاية يكون معاناها بعيدا عن البعد التاريخي واحد وحسب طبيعة الجملة والاستخدامات البلاغية فيها ولكن اذا ما اردنا ربط المعنى اللغوي للكلمة مع الواقع الذي نعيشه هنا يكون دور المعصوم في اختيار المصداق الصحيح للمعنى المشابه لمعنى الاية ومنها تظهر لنا دلائل وابحاث وحجج متينة رصينة تدعم حديث الثقلين ومحل استشهادنا هنا بالايات التي ذكرها الامام الحسين عليه السلام في بعض المواقف التي تعرض لها وهو في طريقه الى كربلاء .عند ما التقى الامام الحسين عليه السلام مجمع بن عبد الله العائذي ساله عن قيس بن مسهر الصيداوي فقال: أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى ابن زياد ، فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك ، فصلى عليك وعلى أبيك ، ولعن ابن زياد وأباه ، ودعا إلى نصرتك وأخبرهم بقدومك ، فأمر به ابن زياد فألقي من طمار القصر ! .فترقرقت عينا حسين ولم يملك دمعه ، ثم قال : ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ورغائب مذ خور ثوابك .هذه الاية من سورة الاحزاب برقم 23 نزلت بحق صحابة رسول الله صلى الله عليه واله الذين بذلوا نفوسهم في سبيل نصرة الرسول ورسالته فكانت المهمة الموكلة بهم هي رسالة السماء التي انزلها الله عز وجل على رسوله للبشرية .المعنى اللغوى لقضى نحبه وما بدلوا تبديلا بعيدا عن البعد التاريخي هو الذي مضى لتحقيق نذر معين او هدف معين مع الاخذ بنظر الاعتبار البدائل والمعوقات وجعلها ضمن اهدافه ولا يغير هذا الهدف مهما كان وان لا يتاثر بما يتعرض له اقرانه ممن سار على نفس دربه ، تاريخيا معنى الاية هي المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه واله لرفع راية الاسلام عاليا ونشر الرسالة الالهية في ارجاء المعمورة والتي يكون طريقها معبد بالتضحية ومنها الشهادة ، فالمعنى التاريخي يكون له مصداق في اي زمان ومكان تتوفر فيه نفس الابعاد للبعد التاريخي الاصلي لهذا نجد ان الاية نزلت بعد الحدث اما الاستشهاد بها يكون بعد وقوع حدث مشابه لحدث سبب النزول كما استشهد بها الامام الحسين عليه السلام ليظهر ماهية نهضته وان الذين معه في القتال كالذين مع رسول الله صلى الله عليه واله وان نهضته هي رسالة السماء بعينها لهذا فالشهداء الذين استشهدوا معه في الواقعة منزلتهم كالذين استشهدوا في معارك رسول الله صلى الله عليه واله نصرة للدين .والجانب الاخر الا وهو الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه من الايات ابتغاء الفتنة فان مصداقها يكون برواية ابن زياد مع شبث بن ربعي عندما استبطأه في الخروج مع ابن سعد الى كربلاء فقال له مستشهدا باية ( اذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم ) فالمعنى اللغوي للاية هي ان يكون للمرء وجهين الايمان والشيطان يتقلب بينهما حيث ما يشاء ، ولكن المعنى التاريخي الذي من اجله نزلت الاية فانها تخص المنافقين في زمن الرسول الذين يظهرون الايمان ويخفون الشرك وعندما يخلون الى شياطينهم يقولون لهم انا معكم ، استخدمها ابن زياد زائغ القلب ابتغاء للفتنة بشكل مغاير لمفردات مصداق الاية.وللبحث بقية
https://telegram.me/buratha