من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
لا شك بأنَّ علم الامام الحسين هو من علم أبيه الامام امير المؤمنين(عليهم السلام)، وأن علم الامام علي من علم رسول الله '؛ الذي علّمه عالم الغيب والشهادة العليم المطلق (جلت عظمته).وهذا العلم مضافاً الى علمهم اللّدني، وهكذا الحال بالنسبة لبقية اهل بيت النبي وعترته الطاهرة (عليهم السلام)، فهم في العلم واحد، وفي العصمة والطهارة كذلك؛ بل في كل شئ في صفاتهم ومقاماتهم وفضائلهم، لهذا يستحيل ان يتخلف عنهم شئ ما من العلم والمعرفة، لئلا يلزم النقص في الرسالة الخاتمة، والمفروض أنهم (صلوات الله عليهم) حفظتها ومبلّغي الشّرع المقدس.كيف لا....؟!وهم عدل الكتاب العزيز؛ الذي هو تبيان لكل شئ، ومن هنا يمكننا الأستدلال على صحة إخباراتهم الغيبية قبل وقوعها وتحققها في وقائعها التي ستقع فيها، وحينئذ لا ريب في ذلك.لهذا كان الإمام الحسين (عليه السلام)ـ عندما كان يُخبر بشهادته ـ على علم سابق، بأنه مقتول بأرض كربلاء لا محالة.
ومن هنا صرح لكل مَنْ أراد أن يثنيه عن خروجه الى العراق قائلا:> كأن أوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء<( )وأنّه على يقين بأنَّ ذلك سيحدث عندما يخرج لمواجهة الطغاة من بني امية؛ الذين يبغون تحرّيف احكام الله في الارض؛ من أجل الوصول الى السلطة، والسيطرة على الناس، للهيمنة عليهم بشكل تام.أما الإمام الحسين (عليه السلام) فقد جسّد روح الحريّة، ومباني الرسالة الحقيقيّة من خلال ثورته الصارمة ضد هؤلاء الطغاة؛ ليسجل بذلك حدثاً تأريخياً في منهج الحق، وكيفية سلوكه من خلال مواجهة الظالمين.اما في زمانه (سلام الله عليه) فقد نهض لينقذ الأمة من زيغ الاعداء وإنحرافاتهم في طريق الضلال؛ بل جسّد قمة العبوديّة في الاخلاص لله الواحد القهار، من خلال الإصرار على مجاهدة الظالمين، والكفاح ضدهم وردعهم، فضرب أروع وارقى المصاديق العمليّة للاخلاص في ميدان التضحية والفداء بشهادته واهل بيته وأصحابه (عليهم السلام).وبذلك استطاع (عليه السلام)أن يروّض اهل بيته واصحابه؛ بل وشيعته من بعده على الاخلاص العملي، عبر الدروس الجهادية في سيرته العمليّة، عندما كان يخبرهم بشهادته، ومن معه من الثابتين على طريق الحق في مواضع عديدة من مراحل حياته الشريفة عندما كان ينعى نفسه الزكية.وسوف نذكر ذلك تبعاً من خلال بيان عدة مقاصد، معزّزين ذلك بالإخبار الواردة عنه (سلام الله عليه) بهذا الخصوص في ازمان وأماكن متعددة، ولموجودات مختلفة في عالم الامكان، وسيتضح من خلال بيان هذا المقاصد مكانه الامام الحسين(عليه السلام)في السموات والارض.وإليكَ بيان تلك المقاصد:ـ
المقصد الاولإخبار الامام الحسين (عليه السلام)الغيبي بشهادتهلأفواج من الملائكةعندما خرج الإمام الحسين(عليه السلام)، وسار من مدينة جده رسول الله'ـ المدينة المنورة ـ الى مكة، متوجهاً الى كربلاء العراق، جلس في اول خروجه، ونعى نفسه لأفواج من الملائكة عندما إلتقى بهم في الطريق.>أنه (عليه السلام)لمّا سار الى المدينة لاقتهُ أفواج من الملائكة المسوّمة في أيديهم حراب على نجب، ونجب الجنة فسلّموا عليه وقالوا:يا حجة الله على خلقه بعد جده وأبيه وأخيه، إنَّ الله سبحانه أمدَّ جدك بنا في مواطن كثيرة وإن أمدّك بنا.فقال لهم: الموعد حفرتي وبقعتي التي أستشهد فيها، هي كربلاء فإذا أوردتها فأتني.فقالوا: يا حجة الله مرنا نسمع ونطيع، فهل تخشى مِن عدوٍ يلقاك فنكون معك؟فقال: لا سبيل لهم عليَّ، ولا يلقوني بكريهة، أُواصل الى بقعتي.
المقصد الثانيإخباره (عليه السلام)لأفواج مسلمي الجنأخبر سيد الشهداء(عليه السلام)أفواج مسلمي الجن، حال خروجه من المدينة بشهادته، ونعى نفسه الطاهرة لهم بعد إخباره لملائكة السماء، وذلك عندما آتوه في الطريق، واعلنوا ولائهم له، واستعدادهم لنصرته، فأبى ذلك تسليماً لأمر الله سبحانه وتعالى، وامتثالاً لأرادته، وشوقاً للقائه وهو مخضّباً بدمائه، دماء الشهادة والجهاد في سبيل الله.> وهو أنّه (عليه السلام)لمّا سار الى المدينة أتته أفواج من مسلمي الجن فقالوا: يا سيدنا نحن شيعتك وأنصارك، فمرنا بأمرك، وما تشاء، ولو أمرتنا بقتل كل عدو لك وانت بمكانك لكفيناك ذلك.فجزاهم الحسين (عليه السلام)خيراً وقال لهم: أوما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله '.{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}( ).وقال سبحانه: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}( ).وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس( )، وبماذا يختبرون، ومَنْ ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء، وقد إختارها الله يوم دحا الارض، وجعلها معقلاً لشيعتنا، ويكون لهم أماناً في الدنيا والآخرة، ولكن تحضرون يوم السبت وهو يوم عاشوراء الذي في آخره أقتل، ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي، وتسبى أخوتي واهل بيتي، ويسار برأسي الى يزيد لعنه الله.فقالت الجن: نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه، لولا أن أمرك طاعة ولا يجوز لنا مخالفتك، قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك.فقال (صلوات الله عليه) لهم: نحن والله أقدر عليهم منكم، ولكن ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من يحيى عن بيّنه.
https://telegram.me/buratha