من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
كانت الزهراء ÷الأم المحتسبة الصابرة التي توالت عليها المصائب والمحن والشدائد المنقطعت النظير في التاريخ البشري، لكنها ÷وقفت بكل صلابة بالرغم من تعاقب الكثير من تلك الاحداث عليها بشكل متواصل واحدة تلو الاخرى.وهكذا يُحدثنا التاريخ عن المواقف الشجاعة للسيّدة الصامدة، والفاضلة في تعاملها مع الظروف على جمّت صعوباتها، وسخونة احداثها في حدوثها، فتارة ترى معاناة أبيها رسول الله' في تبلغ الرسالة الألهيّة، وهو يتحمّل الاذى، وقد صبر على ما يواجه من منحرفي قريش، وأخرى تُخبر بمولودها، وسوف يقتله المارقون من أمة ابيها محمد، وثالثة تُفجعُ برحيل ابيها المصطفى '، وبعد ذلك تواردت عليها الاعتداءات المباشرة، فَصُدِمت بمداهمة بيت الوحي والنبوة من قبل مغتصبي الخلافة ـ الاول والثاني ـ ، اللذان إغتصباها طلباً للجاه والسلطان بمساعدة اعوانهم، ثم واجهة محنة الاعتداء على زوجها الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وهكذا استمرت المصائب... حتى بلغت الى شخصها .. فَكُسِرَ ضِلعُها وأُسقِطَ جنينها..
> فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت ÷من ذلك شهيدة <( ).وهكذا تحملت الزهراء المصائب والآلآم، وهي تشكو ذلك لأبيها رسول الله '، عندما كانت تأتي بين فترة وأخرى الى مرقده.( )ولكن الزهراء ÷ مع كل ما تُعانيه من الألم ، لا تأخذها في الله تعالى لومة لائم أبدا.. إنها تراه بعين الله عز وجل فلا تبالي بما يجري عليها.إلاّ أَنّها (سلام الله عليها) كانت تتوجع كثيراً، عندما تذكر مصيبة ولدها الحسين(عليه السلام)بعد ما أُخبرت بذلك من قبل أبيها المصطفى '، فكانت هذه الفاجعة من أشد المصائب على قلبها..؛ لهذا كانت تتوجّع لذكرها، وتزيد شجونها، وتهيج آلآمها؛ لذلك كانت ترثي ولدها الحسين(عليه السلام)، وتكثر البكاء لمصابه ولما يجري عليه، لعلمها به.فكلما سُئلت عن سبب حزنها وبكائها، أخبرت بأن ذلك على شهادة الحسين(عليه السلام)؛ بل كانت كلما أخبرها أبوها رسول الله 'أقامة العزاء رثاءاً لفلذة كبدها وولدها العزيز عليها، حتى روي ذلك بعد رحيلها..إنها تقيم مجالس العزاء، وتبكي ولدها الحسين (عليه السلام)في السموات كل يوم الى يوم القيامة، وذلك عندما يعرض أمامها مصرعه يوم عاشوراء، فتشهق شهقة تضطرب منها الكائنات وجميع الموجودات.روى الشيخ جعفر التستري (اعلى الله مقامه):> انها تنظر كل يوم الى مصرع الحسين (عليه السلام) فتشهق شهقة تضطرب بها اركان الموجودات من السموات، والارض، والبحار والملائكة، حتى يجئ النبي ' فيسكتها، ثم تدعو بعد ذلك لزوار ولدها <( ).وأخرج ابن حنبل في مسنده من حديث لأبن عباس (رضوان الله عليه).. من جملة حديث ذكر فيه... بكاء النبي'على الحسين (عليه السلام)في مواطن كثيرة، منها قبل ولادته، وذلك:> لما هبط جبرائيل قال: يا محمد يولد لك ولد تقتله شرار أمتك فبكى وقال: >لا حاجة لي فيه <.فقال جبرائيل: يا رسول الله أن الإمامة تكون فيه وفي ولده.فسكت 'وبكى عند ولادته، ذلك لمّا جاءت به صفية بنت عبد المطلب تحمله أخذه وشمه ثم بكى، فقالت له صفية: يا رسول الله وما هذا البكاء.فقال: إنَّ ولدي هذا تقتله شرار امتي، لا تخبري أبنتي فاطمة فأنها جديدة عهدٍ بولادته....وفي رواية: إنه 'لما دخل على فاطمة ورأى الحسين (عليه السلام) يبكي في المهد فقال: بنيه سكتيه فإنَّ بكاؤه يؤذيني ثم بكاه.وكان 'كلما نظر اليه يبكي، وإذا رآه في يوم عيد يبكي، وإذا رآه يلعب يبكي، وكان يقول (عليه السلام):> حسين وي حسين طمئنينتي حسين، حسين روحي التي بين جنبي، حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا ً<.*قال: ودخلا الحسن، وأخوه الحسين على النبي 'يوماً فشمَّ الحسن (عليه السلام)في فمه، وشم الحسين (عليه السلام)في نحره.( )فقال: وأقبل الحسين الى أمه ، فقال لها: > اماه شمي فمي هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدي رسول الله '، فشمته في فمه فأذا هو أطيب من المسك، ثم جاءت به الى أبيها، فقالت له: > أبه لم كسرت قلب ولدي الحسين (عليه السلام)؟فقال ':ممَّ؟قالت: تشم أخاه في فمه، وتشمه في نحره، فلما سمع ' بكى، وقال: بنيه أما ولدي الحسن فإني شممته في فمه؛ لأنه يسقى السم فيموت مسموماً، وأما الحسين (عليه السلام) فإني شممته في نحره؛ لأنه يذبح من الوريد الى الوريد <.فلما سمعت فاطمة ÷بكت بكاءاً شديداً وقالت:أبه متى يكون ذلك؟فقال: بنيه في زمان خال مني ومنك ومن أبيه وأخيه.فأشتد بكاؤها، ثم قالت: أبه فمن يبكي عليه، ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه؟فقال لها: بنية فاطمة إنَّ نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على ولدي الحسين وأهل بيته، ويجدّدون عليه العزاء جيلاً بعد جيل، فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء، وانا أشفع للرجال، وكل من يبكي على ولدك الحسين (عليه السلام) اخذنا بيده وأدخلناه الجنة.*( )
https://telegram.me/buratha