من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
بسم الله الرحمن الرحيمحرصت اللجنة العلمية في مركز البحوث والدراسات الإنسانية التابع للمجمع العلمي للدراسات والثقافة الإسلامية ، على الجمع بين الثقافة المعاصرة والتراث الإسلامي ، في نتاجها العلمي ، ونشاطها الفكري ، وعلى أساس ذلك نتقدّم إلى قرائنا الكرام بـ (سلسلة من المعارف الثقافية ) ، والتي تجمع بين تراث العقيدة الحقة ، والثقافة الحديثة في ضوء المنهج الديني القويم ، بطرح جديد ينسجم ومتطلبات العصر العلمية0وهذه السلسلة تستلهم مادتها من هدي القرآن الكريم ، والسنة المطهرة ، وتستشهد بنصوصهما التربوية ، وقد تضمنت بحوث ودراسات متنوعة ، وزعت على أجزاء ، وقُسِمت أجزائها على أقسام تضنمت في طياتها حلقات متعددة ، ومن الجدير بالذكر هذه السلسلة هي عبارة عن مختارات من أبحاث الباحث الشيخ عباس الأنصاري ، وعليه فانّ أهميّتها ستتضح من خلال موضوعاتها ، واعتمادها على النّصوص الّشرعيّة المستفاد من نبع الثقلين0والجهد العلمي الذّي نضعه بين يدي القارئ الكريم هو القسم (الرابع) من الجزء (الخامس)0آملين أن ينتفع شبابنا الأعزاء بهذه السلسلة الثقافية ، سائلين المولى عزَ وجلَّ أن يوفّقنا وجميع العاملين في نشر ثقافة مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، ونحن نعمل بجوار المرقد الطاهر ، لمولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وفي ظل رعاية ولي نعمتنا الإمام صاحب العصر والزمان ، أنّه ولي التوفيق0
المراحل العمرانية والإصلاحية للحرم الحسيني المطهّرمقدمة تمهيدية : بعد أن فصّلنا الكلام في الأحداث التاريخية المتعاقبة على الحائر المطهّر لسيّد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) إتضح أنّ هذا الصرح الشامخ بوجوده السامي على وجه الأرض قد أرعب الطغاة في كل زمان؛ بل كان سبباً في إنهيار حكوماتهم؛ ولازال كذلك؛ لانه رمزاً لوحدة الولاء، وشعاراً لاستمرار الخط الرساليّ الأصيل لائمة أهل البيت (عليهم السلام)، .. الأمر الذي أدى الى أنْ يعمد هؤلاء الظالمون لتخريبه، وسحقه من الأساس؛ لكي يتفرّق صف الشيعة وتتستت وحدتهم الرساليّة.فقد كان الهمُّ الوحيد للطغاة من بني أمية وبني العباس وأمثالهم.. أنْ تنطمس مظلوميّة الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) في مضاجع ومهملات التاريخ حتى تموت في مقابر الظالمين، وهذا ما لايمكن تحققه مع وجود الضريح المقدّس لسيّد الشهداء (عليه السلام)، والاضرحة المشرّفة الاخرى.ومن هنا حاول هؤلاء الطغاة أن يمحو آثار هذه العتبات الشريفة، لتندرس في جوف الأرض؛ لكي لايبقى لها أي تاريخ، لكن كربلاء الحسين بالخصوص أبت أن يكون لهم ذلك، وبقيت شامخة بوجود المرقد الشريف للحسين (عليه السلام).لقد زهت كربلاء، وفرضت وجودها على التاريخ؛ لأنها تغذت ورويت من الدم الطاهر لسيد الشهداء الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه البررة (سلام الله عليهم)، ثم تشرّفت بحرمه المطهّر.وكان ذلك هو كرامة إلهية ، ورفعة في المنزلة النورانيّة التي أرادها الله (تبارك وتعالى) للحسين وآله وأصحابه (عليهم السلام)، حيث أراد (جلّت قدرته) أن يكون للنبي وعترته الطاهرة (صلوات الله عليهم) بيوت وعتبات مقدسة، وأذِنَ أنْ ترفع ويذكر فيها إسمه، وأراد من الناس زيارتهم تكريماً لهم وإجلالاً لتضحاتهم، وجعل لزوّارهم الأجر العظيم والثواب الجزيل.ففي الوقت الذي حارب الطغاة حرم الحسين، باعتباره رمز الثورة الذي يتلألأ في سماء العالمين، ويرهب الظالمين أينما كانوا ومتى حلّوا، ففعلوا ما فعلوا به من التخرّيب والنهب والسلب لما فيه ـ كما تقدم ـ( ) ، وشملت أفعالهم الارهابية تشريد زوّاره والحاق الاذى والتعذيب بهم؛ خصوصاً مَنْ كان يسير على مواصلة مسيره في الولاء والمواظبة على زيارة الحسين (عليه السلام).لكن بما أن خلق الله (سبحانه وتعالى) لايخلو ممّنْ فقد يبادر لفعل الخير سُخِّرَ لحرم الحسين رجالاً لاعادته، وعمرانه، وإصلاحه، وحينئذ لايكون أثراً لتدمير هؤلاء البغاة مهما كان شديداً، بما فيهم حكام الجور الذين كانوا يرون أن حكوماتهم لن تستقم، إلاّ بالمبادرة لتعمير مادُمِّرَ من حرم الحسين؛ ليمتصّوا نقمة الشعب، وكسب الرأي العام في الأكثر من عوام الناس، وإن كان أهل البصيرة على علم بحقيقة الأمر وواقعه.ومن هنا جاءت أهمية بيان هذه الأحداث في فصل مستقل على مراحل
https://telegram.me/buratha