حافظ آل بشارة
على هامش الانسحاب الامريكي هناك كثير من المواضيع تحتاج الى مناقشة ، لم يفرح الشعب العراقي بالانسحاب وهو حدث تأريخي لأن المواطن العراقي يعتقد ان القوات الامريكية جاءت سنة 2003 لانقاذ العراقي من العراقي ، ولم تأت لانقاذ العراقي من الاجنبي ، واذا انسحبت الآن فقد يعود العراقي الى الاشتباك مع العراقي مجددا ، الخطر يأتي من داخل البيت لذا لم يفرح أحد بهذا الانسحاب ، يتحدث الجميع عن كيفية اعادة بناء القوات المسلحة لاملاء الفراغ الأمني ، صحيح هذه قضية مهمة ولكن ليس لها الاولوية ، بل الاولوية هي تصفية خلافات من هم فوق القوات المسلحة ، اذا بقي التشتت السياسي قائما فلا فائدة من بناء قوات مسلحة حديثة ، العراق مريض بمرض العدو الداخلي او الافعى المنزلي ، مثلا ، عراقي يجلس في بلد آخر وينشغل في حياكة المؤامرات ضد بلده وهو مستعد لقتل الملايين بدون اي شفقة لتحقيق اهداف تافهة وآلاف المواطنين مستعدون للتعاون معه لتفليش بلدهم ! مثل ملك الري الوهمي بالنسبة الى عمر بن سعد مقابل قتل الامام الحسين (ع) فخسر آخرته ولم يربح دنياه ، عراقي ثان يشبهك في العمل ويشاركك في الشعارات لكنه يخالفك في النوايا ، وهو بؤرة للنفاق والازدواجية ويعيش سكرة دائمة فان اعطاه شركاؤه لم يشكر بل يعد تفضلهم ضعفا ، وان منعوه انتقم بوحشية من الناس السائرين في الشارع لانه اجبن من ان ينتقم من الاقوياء ، عراقي ثالث لا يعرف الا مصالحه الشخصية فان حدثته عن الايثار والخير والدين والوطن والنزاهة شاركك الحديث وهو يبكي متأسفا على رحيل القيم العليا لكنه في سره يضحك منك لانه لا يعترف بكل هذه المفردات ، ويعتبر نفسه الذكي وانت (الكمش) ، الشراكة السياسية الحالية مضحكة ومخيفة لانها تتم في هذه الأجواء ، والغريب ان الجميع يعرف هذه الحقيقة ولا يحرك ساكنا . قبل بناء القوات المسلحة المطلوب طرد جميع المنافقين والازدواجيين واصحاب المشاريع السرية والفاسدين والمحكومين من العملية السياسية ، واعطاء القضاء العراقي سلطة وحماية كافية واستقلالا حقيقيا للقيام بمهمة التطهير ، ثم تشكيل فريق وطني متجانس في عقيدته السياسية ورؤيته ومشروعه ليشكل اغلبية نيابية وحكومية لادارة البلاد وبنمو مفهوم الاغلبية ستفقد الاتجاهات الفاسدة غطاءها يوما بعد آخر ، قبل بناء القوات المسلحة يجب الاتفاق على وحدة العراق ، واحترام الدستور ، واحترام الانتخابات ، وانصهار كل القوى في اطار دولة عراقية معترف بها ، ومنع اي اتصال بين الاطراف السياسية واي دولة اجنبية خارج اطار علاقات الدولة الرسمية ، هذه الاولويات السياسية والاخلاقية والقانونية اذا لم تنجز اولا فان بناء قوات مسلحة عراقية في هذه الأجواء المسمومة سيحولها الى اداة للقمع والارهاب والفساد والانقلابات عندها سوف نتمنى البقاء بلا قوات مسلحة او الترحم على ايام الاحتلال وذكرياتها الجميلة .
https://telegram.me/buratha