من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
عندما وَلَدت سيدة نساء العالمين فاطمة البتول (سلام الله عليها) الحسين (عليه السلام)، اخبر أمين الوحي جبرائيل (عليه السلام) النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بشهادة سبطه الإمام الحسين (عليه السلام)؛ وذلك لسابق علمه بها ايحاءاً من الله تعالى لملائكته وسكان سماواته؛ وعندها بكى النبيّ بكاءاً شديداً لتلك المصيبة، ودعا على قاتله بالحرمان من الشفاعة، ولمّا صار عمر الحسين(عليه السلام) سنة واحدة، هبط ملائكة السماء بوجوه شاحبة وعيون باكية يعزّون جده المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، ويخبرونه بما سوف يجري على ولده الحسين (عليه السلام)؛ لانهم كانوا يعلمون بذلك أيضاً.ففي رواية لما أخبر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بأنًّ فاطمة ÷ - لمّا آن حملها - ستلد الحسين (عليه السلام) اُخبرَ أيضاً بشهادته فبكى، ثمّ لما حملت، ووضعته، وأُتي به إليه في تلك الساعة وهو ملفوف في خرقة من صوف بيضاء فأذن في اُذنه اليمنى وأقام باليسرى ثمّ وضعه في حجره ونظر إليه ورثاه وبكى، وهو يقول:«سيكون لك حديث.. اللّهُمَّ العن قاتله»، ثمّ لمّا أتى عليه سبعة أيام عق عنه كبشاً أملح وحلق رأسه، وتصدق بوزن الشعر ورقاً، وحلق رأسه بالخلوق( )، ثمّ وضعه في حجره ورثاه وبكى هو يقول:«يا أبا عبد الله عزيز عليَّ، ثمّ قال: اللّهُمَّ اسألك فيما سألك إبراهيم (عليه السلام) في ذريته اللّهُمَّ إني أحبهما وأحب مَنْ يحبهما».ثمّ لمّا أتت عليه سنة كاملة أخذت الملائكة بالهبوط إليه للتعزية.فأوّل من هبط إثنا عشر ملكاً على صور مختلفة، أحدهم على صورة بني آدم، فهم منشورة أجنحتهم، وهم يرثون ويعزّونه، نزل ملك القطر وعزّاه، وبعد ذلك كانوا ينزلون حتّى لم يبق ملك إلا ونزل إليه يعزّيه بالحسين (عليه السلام) ويذكر قتله»( ).هذا وقد ورد الكثير من الروايات المعتبرة التي دلت على علم أهل السماء وإخبارهم للنبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله) بشهادة الحسين (عليه السلام) وتعزيته بذلك، بغيت الفوز بثواب التعزية لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) على حد تعبير الشيخ الشتري (قده).قال علي (عليه السلام):«دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعيناه تفيضان، فقلت:بأبي أنت واُمي يارسول الله ما لعينيك تفيضان أغضبك أحدٌ؟قال: لا، ولكن أخبرني جبرائيل أن ولدي الحسين يقتل في أرض كربلاء وأشمني من تربته، ولم أملك عينيَّ أن فاضتا واسم الأرض كربلاء»( ).وفي رواية اخرى:لمّا أتت عليه - يعني الحسين (عليه السلام) - سنتان خرج النبيّ | إلى سفر فوقف في بعض الطريق وأسترجع ودمعت عيناه وسُئل عن ذلك فقال:«هذا جبرائيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها، وكأني أنظر إلى السبايا على أقتاب المطايا وقد أهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه الله فوالله ما ينظر أحد إلى رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه وعذبه عذاباً أليماً»( ).وهكذا تواردت إخبارات أهل السماء الغيبية على رسول الله | بمصيبة ولده الحسين وشهادته، فكان يُكثر من الدعاء على قتلته بالخيبة والخذلان والخزي في الحياة الدنيا ومحو الأثر، والعذاب الأبدي المهين في الآخرة، ويدعو للحسين بالبركة في الشهادة الميمونة والنصر الخالد، وقد حصل، كما روى عنه (صلّى الله عليه وآله) إنه قال: «اللّهُمَّ فبارك لـه في قتله واجعله في سادات الشهداء، اللّهُمَّ ولا تبارك في قاتله وخاذله وأصله حرَّ نارك وأحشره في اسفل درك من الجحيم»
https://telegram.me/buratha