الكاتب:عمار احمد
يعد اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم واحدا من ابرز الشخصيات الدينية والسياسية التي تبنت مواقف متزنة ومتوازنة وعقلانية حيال قضايا بالغة الحساسية والخطورة والاهمية ومنذ مرحلة المعارضة، لاسيما في الاعوام الاخيرة التي سبقت الاطاحة بنظام صدام.
كان هناك موقفان او توجهان على طرفي نقيض، وفيهما من المزايدات والتشهير والاتهامات الشيء الكثير. فعلى الصعيد المحلي العراقي بدءا من المواطن العادي البسيط وصولا الى اكبر شخصية معارضة، وعلى الاصعدة العربية والاقليمية والدولية كان لابد من الوقوف اما الى جانب الولايات المتحدة الامريكية وبعض حلفائها في مساعيها للاطاحة ببنظام صدام عبر استخدام القوة العسكرية، اي غزو العراق وربما احتلاله، وهذا الموقف نظر اليه البعض من المعارضين له بصرف النظر عن نواياهم بأنه يندرج تحت عنوان العمالة واللاوطنية والانقياد والخضوع للاجنبي.
اما الموقف الاخر المناقض له فهو الوقوف الى جانب نظام صدام الذي كان يقتل ويفتك اشد الفتك بالعراقيين ويسومهم سوء العذاب رغم انه كان محاصرا ومعزولا، ومن كان يقف مع نظام صدام ويدافع عنه حتى وان كان يدعي ويتظاهر بأنه يدافع عن العراق، ينظر اليه على انه يساند الظلم والاستبداد والطغيان ولايتبنى قضايا الشعوب المضطهدة مثل الشعب العراقي.
وكل من الموقفين كان يحتمل التأييد نوعا ما والانتقاد كذلك، وهكذا فأن التأييد والانتقاد يولدان تلقائيا مؤاخذات وملاحظات كثيرة. وكثير من قوى المعارضة العراقية وشخصياتها اما وجدت نفسها تقع في فخ النظام الصدامي او فخ الولايات المتحدة الاميركية، او في افضل الاحوال كانت تقف مترددة حائرة لاتستطيع ان تقدم على اتخاذ اي من الموقفين.
السيد محمد باقر الحكيم الذي كان رئيسا للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق(المجلس الاعلى الاسلامي العراقي حاليا) قرأ الواقع بحكمة وحصافة وبعد نظر وتبنى موقفا صائبا ودقيقا للغاية تمثل في الدعوة الى اسقاط نظام صدام والتأكيد على ان بقائه يمثثل خطرا كبيرا على العراق والمنطقة والمجتمع الدولي برمته، لكنه في ذات الوقت كان يعارض التدخل الاجنبي واللجوء الى القوة العسكرية الخارجية لاسقاطه، بل كان يطالب بتفعيل القرارات الدولية وتفعيل دور الامم المتحدة في محاصرة ذلك النظام وعزله ومنعه من استخدام الته العسكرية لقتل ابناء الشعب العراقي، واذا تم ذلك فأنه سيكون بأمكان الشعب العراقي اسقاط ذلك النظام، وهذا ما لم تتفاعل معه القوى الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة لانه لم يكن يتناسب وينسجم مع مصالحها وحساباتها.
والسيد الحكيم(شهيد المحراب) تنببأ منذ وقت مبكر بالنتائج والاثار السلبية التي يمكن ان يخلفها الغزو والتدخل العسكري الخارجي في العراق، وفعلا فأن اغلبها ان لم يكن جميعها قد ظهرت، ولان الولايات المتحدة الاميركية واطراف دولية اخرى قد ادركت الاخطاء التي ارتكبتها في العراق فأن تجنبت تكرارها في دول اخرى مثل مصر وليبيا واليمن.
اي بعبارة اخرى ان السيد محمد باقر الحكيم كان يؤمن ويعتقد اعتقادا راسخا ان المبدأ الصحيح هو التغيير واسقاط نظام صدام من خلال الشعب العراقي مع وجود المساعدة الدولية له. وهذه الرؤية الصائبة انعكست فيما بعد على الموقف من الوجود الامريكي في العراق والتصور لانهائه بأسرع وقت وبأقل قدر من الخسائر والتبعات على ابناء الشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha