المقالات

مكانة الامام الحسين(ع) والاخبار الغيبي بشهادته في المجتمع الاسلامي في عصر صدر الاسلام

1400 20:20:00 2011-12-16

من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الشيخ الدكتور عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف

مقدّمة تمهيديّة:بعد ان ثبت إنَّ سيد الشهداء الامام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) هو أحد الانوار الألهية الاوائل ـ الخمسة ـ المخلوقة قبل جميع الممكنات؛ وإنها اول ما صدر عن الصادر الاول (جلت حكمته وعظمة قدرته)، وذلك حينما تجسدت بهيئتها النورانية في عالم الملكوت الاعلى، حيث كانت محدقة حول العرش الألهي تقدس الله تعالى وتسبحه، بل ان جميع في السموات والارض من الموجودات تعلم منهم (عليهم السلام)ذلك.من هنا أخبر العليم الحكيم (سبحانه وتعالى) خواص أوليائه ـ من الانبياء والصالحين ـ بأن هؤلاء الانوار، هم محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم)، ومِنْ ثمَّ أخبرهم بما سوف يكون لهم من المقام في آخر الزمان، وما سيجري عليهم، ومِن أجل تثبيت الرسالة الألهيّة بشكل عام، وما سيحدث للحسين(عليه السلام)بشكل خاص وما يستحقه على ذلك ـ وقد بينا فيما تقدم إخبارت هؤلاء الأولياء بشهادة الحسين (عليه السلام).لهذا، فليس من الغريب أن يخبر بشهادته في العصر الاول لصدر الاسلام، وقد أخبر عنه خاتم الانبياء والرسل |؛ على أن هذا الإخبار كان منطلقاً من بيت إصطفاه الله سبحانه، وجعله مهبطاً لأمين وحيه جبرائيل(عليه السلام)، فهو المُخبِر عن الله تعالى، والمُخبَر هو نبي الاسلام الاعظم'، وحينئذ لا مجال للغرابة او الانكار، بَعْدَ أنْ تم هذا الإخبار عن طريق هؤلاء المعصومين؛ لنزاهتهم، وقداسة ذات المُخبَر عنه؛ وهو الله (عزَّوجل).نعم!،... هذه هي حقيقة الإخبار الغيبيّ بشهادة الامام الحسين (عليه السلام)في صدر الاسلام عن طريق رسول الله 'بوحي من السماء، وكلامه المقدس هو عين الوحي الإلهي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}( ).ثم هل يمكن ان يُرد كلام الموحى اليه ـ النبي 'ـ وقد قال الله تعالى عنه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، مضافاً الى إنّه قد ورد... أنَّ الراد على رسول الله كالراد على الله تعالى.بعد ذلك أخبر عن شهادته (عليه السلام)أبيه الامام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وكذا أُمه الزهراء سيّدة نساء العالمين (سلام الله عليها)، وأخيه الامام الحسن المجتبى(عليه السلام)بل أن الحسين (عليه السلام) نفسه قد نعى نفسه في مواضع عديدة وشتى.ومن هنا حاولنا تفصيل الكلام في الأخبار بشهادة الحسين (عليه السلام)في صدر الاسلام من خلال عدة مباحث:ـ

المبحث الأوّلإخبار رسول الله' الغيبيّ بشهادة سبطه الحسين(عليه السلام)لسابق علم رسول الله 'بشهادة سبطه الحسين(عليه السلام)، حيث اخبره الله سبحانه بوحي من السماء، وقد نزل عليه أمين الوحي جبرائيل(عليه السلام)بهذا الخبر مرات عديدة؛ ومنذ ذلك الحين أخذ رسول الله'ينعى ولده الحسين(عليه السلام) في فتراتٍ زمنيّةٍ مختلفة من حياته الشريفة.ومن اجل ذلك عاش النبي الاعظم'حزيناً لمصيبة سبطه الحسين(عليه السلام)، لما سوف يلاقي من المحن والمصائب؛ والتي ستنتهي الى القتل بصورةٍ بشعةٍ على يد أشرِّ الخلق في فتنة بني أمية (لعنة الله عليهم).وقد كان النبي'يصف ما يحل بالحسين وأهل بيته وأصحابه(عليهم السلام)، وكأنه يرى ذلك أمامه بأم عينيه؛ لذلك كان يوضح منزلة الحسين وفضيلته، بل يؤكد عليها في مواضع شتى أمام مختلف الطبقات من الناس، ويصوّر مظلوميّته بصورتها الحيّة امام خاصة أصحابه.. كما كان يبيّن لهم أَنّه إمام الهدى الذي سوف ينقذ البشرية من تيه الضلالة الى نور الهداية، وستبقى ثورته تفيض العبر والدروس في كيفية مواجهة الطغاة، وتضرب أروع أمثلة المواقف البطولية الشجاعة في الصمود عند وقوع ملاحم التضحية والفداء من أجل نصرة دين الله تعالى والحفاظ عليه.كما كان النبي يصرح بأنَّ الحسين هو مصباح الهدى الذي يضيء طريق الحق، وسفينة نجاة الفئة المحقة عندما تغرق الامة في طوفان المحنة والضلال التي يختلقها حكام الجور، لهذا كان 'يقول:> إنَّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة <.فمن تخلف عنها هلك، ومن ركبها يوم لا نجاة فيه، إلا من والى أهل البيت (عليهم السلام)بصدق وإخلاص على ظهر سفينة النجاة فار ونجا، فأركبوا فيها أيها المؤمنون بالحسين وأهل بيته (عليهم السلام)، لتسير بكم في بحر الخلود، ولترسى بكم الى جنات عدن أعدت للمتقين {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}( )، واقتبسوا من نور الحسين العزم على الوصول الى القرب الألهي، لتفلحوا يوم الفلاح في الحياة الاخرى.ولكن بقيَّ أن نعرف كيف كان جده رسول الله 'يتعامل مع مظلوميته آنذاك؟لقد كان 'على يقين بأن أمته لم تحفظ عهده إليها بالحسين، وسوف تقدم على قتله، وتقصيه عن مقامه الحق ورتبته التي رتّبها الله فيها، ـ الامامةـ كما رتّب جده المصطفى وابيه وأخيه (صلوات الله عليهم) وقد حصل لهم ما حصل من المعانات والشدائد في سبيل تثبيت الرسالة الحقّة، بل سوف لاتكتفي بقتله، وإنّما ستتعدى الى سفك دماء اهل بيته واصحابه، وتسبي الباقي من ذريته وعياله، وتنتهك ستر نسائه، فلا يراعون لهم حقاً ولا حرمة.وفعلاً... ، وبالرغم من تحذيراته 'لأمته من هذه الافعال الشنيعة، وعلى كثرة وصاياه بأهل بيته، وبالحسين خاصة، فقد حدث ما حدث من نقض العهد، وعدم حفظ الامانة التي خلّفها رسول الله في امته، وقد أكد على حفظها، وجرى لهم مالم يجري مثيلاً له في تاريخ البشرية مع أولياء الله واحبائه، وهو على علم من ذلك، وكان 'يدرك حقيقة هذا الامر، وما سوف تؤول إليه عاقبة الامور من بعد، لكنه أراد بذلك أن يُلقي الحجة أمام الله تعالى على أمته؛ ولكي ينقذهم من التورط مع الظلمة في ارتكاب هذه الجريمة بحق اهل بيته (عليهم السلام)، وعندها.. فلا عذر لمن أنذر.فقد روي.. أنَّه لما كان يحمله ورأسه متكئاً على كتفه، كان يذكر رأسه الذي سوفَ يُحمل على رأس الرمح، فيبكي، ويقول لأصحابه: «كأني أنظر الى السبايا على أفتاب المطايا، وقد أُهدي رأس ولدي الى يزيد».ولما كان يقعده في حجره ينظر الى وجهه، فيبكي، ويقول:> يا أبن عباس كأني به وقد خضب شيبه من دمه، فيدعو فلا يجاب، ويستنصر فلا ينصر <.وكان يراه في العيد لابساً جديداً، فيبكي؛ لأنه يتذكر عراءه في طف كربلاء، وكان يراه جالساً معه، ومع أبيه وامه، وأخيه، وقد أكل معهم طعاماً لذيذاً فيسره ذلك ثم يأخذ في البكاء؛ لأنه يتذكر ـ أيذكّر جبرائيل بقاءه وأطفاله عطاشى قد إسودت الدنيا بأعينهم ثم تفرّقهم بعد ذلك قتلى وأسرى.ولما كان يُقبل نحره يبكي، وكان يقول لعلي (عليه السلام):> إمسكه يا علي، فيمسكه، فيكشف جسده، ويقبله ويبكي<.فكان يقول 'ـ عندما يُسئل عن ذلك ـ :> أُقبل موضع السيوف وأبكي<.قال الشيخ جعفر التستري معلقاً على هذا:> يعني أنَّ نحرك هذا تنزل عليه السيوف، وجسدك تقطعه السيوف، أذكر ذلك فأبكي<.وكان 'يقبل شفتيه وأسنانه ويبكي؛ لانه يتذكر قرع الخيزان لتلك الشفاه والثنايا الطاهرات، في مجلس ابن زياد ويزيد (لعنهما الله)، وقد كان رأي ذلك زيد بن أرقم وحضر يوم الكوفة، ورأى ابن زياد يقرع ثنايا الحسين(عليه السلام)ويطعن في فمه وأنفه، فقام وقال:> إرفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فو الله الذي لا إله إلا هو، لقد رأيت ثنايا رسول الله 'ترشف ثناياه <.وكان يوماُ جالساً في المسجد، فدخله جماعة من قريش معهم عمر ين سعد فتغيّر وجهه '، فقالوا: يا رسول الله ما اصابك؟فقال: إني ذكرت ما يلقي اهل بيتي من قتل، وضرب، وشتم وتطريد، وتشريد، وإنَّ أول رأس يُحمل على الرمح رأس ولدي الحسين».كل هذا حصل من رسول الله 'في رثاء ولده سيّد الشهداء (عليه السلام) والبكاء على مصيبته لان الحكيم (سبحانه وتعالى) أوحى اليه بذلك.قال المسور بن مُحرّمه: لقد اتى النبي'ملك من ملائكة الصفيح الاعلى، لم ينزل الى الأرض منذ خلق الله الدنيا، أستأذن الملك ربه ونزل شوقا منه الى رسول الله '، فلما نزل الى الارض اوحى الله عزّ وجلّ اليه:> أيها الملك إخبر محمداً بأنَّ رجلاً من أمته يقال له (يزيد) يقتل فرخك الطاهر وابن الطاهرة نظيرة البتول مريم إبنة عمران <.فقال الملك: الهي وسيدي، لقد نزلت وأنا مسرور بنزولي لِمْا أُمرت، فجاء وقد نشر أجنحته حتى وقف بين يديه، فقال:> السلام عليك يا حبيب الله، إني إستأذنت ربي في النزول اليك، فليت ربي دق جناحي ولم آتك بهذا الخبر، ولكني مأمور يا نبي الله، إعلم إنَّ رجلاً من أمتك يقال له (يزيد) يقتل فرخك الطاهر بن فرختك الطاهرة نظيرة مريم إبنة عمران، ولم يمتع من بعد ولدك، وسيأخذه الله معاقبة على أسوء عمله، فيكون من أصحاب النار <( ).ولم يكتف رسول الله 'بالاخبار عن شهادة سبطه وحبيبه الحسين(عليه السلام)وإلقاء الحجة على الأمة فقط، بل أمر بنصرته وكثيراً ما أكد على ذلك.وروى أنس بن الحارث بن نبيه عن أبيه الحارث بن نبيه، وكان من اصحاب النبي 'من أهل الصفة، قال: سمعت رسول الله 'والحسين في حجره يقول:> إبني هذا يًقتل بأرض من أرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره، فقتل مع الحسين (عليه السلام)<( ).وفي رواية: > يقتل بأرض يقال لها: كربلاء<( ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك