كاظم الجابري
الكل يترقب ماوراء نهاية العام 2011 وهو الموعد المقرر ضمن الاتفاقية الامنية بين العراق وامريكا لخروج قواتها من العراق بعد احتلال دام اكثر من ثمان سنوات ,,, وتثار مجموعة أسئلة في ذهن المواطن العراقي ,, ماذا بعد خروج القوات الامريكية من العراق ؟هل ستعود الايام المشئومة التي مرت على الشعب العراقيين وفيها سالت دماء بريئة وباعداد كبيرة عندما هجم الارهاب الاسود واحرق الاخضر واليابس وحاول تفتيت لحمة الشعب العراقي بالضرب على وتر الطائفية البغيضة ومحاولة اجهاض العملية السياسية بالقوة المفرطة لارضاخ الشعب العراقي للعودة الى المربع الاول الى ماقبل9/4/ 2033؟ وهل ستعود المليشيات المسلحة الى ارعاب المواطن العراقي من اجل اعلان هيمنتها على الشارع بالقوة ؟وهل ستتفق الكتل السياسية على تسوية خلافاتها من جل النهوض بالعراق الجديد الى ماهو صالح المواطن ورفع الحيف عنه بعد سنين عجاف مرت عليه في حقبتين زمنيتين متقاربتين ,, جكم البعث البعيض ,, وصراع الارادات والقوى مابعد التغيير ؟ وهل ستعود الدكتاتورية للعراق من جديد ولكن بوجه وعملة اخرى ؟ ان هذه التسائلات هي صلب معانات الشعب العراقي وشغله الشاغل وتبدو نظرة المواطن متشائمة الى المستقبل ولا يرى بالافق من حل للازمة السياسية في العراق ,, ولعل الحل الوحيد هو ان يكون العراقيون على مستوى عالي من الوعي السياسي لمايدور حولهم وان يكونوا دقيقين وحذرين هذه المرة في اختيار ممثليهم في المجالس التشريعية وان لاتخدعهم الشعارات الرنانة والوعود الكاذبة وانصاف الحلول ,,ان الامل في احداث تغيير في واقع العملية السياسية في العراق لازال ممكناً خصوصا وان تجربة العراق الجديد انجبت قيادات لها القدرة على تشخيص المصلحة وايجاد الحلول ولكن هذه القيادات تحتاج الى الادوات التي تمكنها من تغيير الواقع وهذا الامر بيد الموطن , فهو الذي يستطيع ان يشخص من خلال وعيه السياسي لما يدور حوله ,, كما ذكرت في مطلع البحث ,, عندها سوف يتمكن من اختيار القيادة الحكيمة التي تمتلك مفاتيح الحل للازمة السياسية في العراق . ومن الاحتمالات الواردة للتنبأ بصورة مستقبل العراق بعد خروج القوات الاجنبية ,, عودة الارهاب الاسود الذي فتك بالعراقيين في 2005 _2006_2007 وقام باعمال يندى لها جبين الانسانية ,, ولكن هذه المرة سوف تكون المبررات ضعيفة او معدومة ولايبقى سوى مبرر واحد فقط وهو ان يكون الامريكان هم وراء تلك المجاميع الإرهابية وهم من كان يوفر لهم الغطاء الامني واللوجستي ... ان التغير الجذري الذي حصل في قناعات المكون السني في الانخراط بالعملية السياسية واصبح لهم واضح وجلي ان العراق الجديد يسير الى الامام وان عودة المعادلة الظالمة السابقة مستحيلة وان صناديق الاقتراع هي السبيل الوحيد للوصول الى دفة الحكم مما دفعهم للمشاركة في الانتخابات والحصول على مقاعد برلمانية تؤهلهم للمنافسة على الوصول الى دفة الحكم وتشكيلة الحكومة خير دليل على تغيير قناعاتهم وهذا يعني انهيار حاضنة الارهاب وعدم وجود مناطق محمية يتخذها قاعدة للتخطيط والاختفاء من عيون الاجهزة الامنية . وخروج القوات الاجنبية من العراق وحده يعني ارتفاع الشرعية والذريعة التي كان يستخدمها الإرهابيين تحت شعار مقاومة المحتل ,, فاذا خرج المحتل فما هي موجبات المقاومة ؟؟ .وكذلك يأس الدول العربية من اعادة العراق الى المربع الاول وهيمنة عملائهم في العراق على الموقف السياسي على أساس طائفي ,, ولربيع الثورات العربية اثر كبير في تراجع مواقف هذه الدول مما سوف يساعد على غلق المنافذ والملاذات والدعم اللوجستي الذي كانت تحصل عليه المجاميع الارهابية من الانظمة الفاسدة سواءاً التي هوت عروشها او التي لازالت تترنح وتقاوم رياح التغيير .ان الضربات الموجعة التي تعرض لها تنظيم القاعدة الارهابي في العراق وخارجه وتفكيك قياداته الميدانية وقتل رؤوس الشر فيه من امثال الزرقاوي وابو ايوب المصري واسامة بن لادن وافتقار تنظيم القاعدة الى البديل الذي يمتلك نفس مواصفات هؤلاء المجرمين يعد سببا اخر من اسباب عدم عودة الارهاب الى العراق . ان سلاح الارهاب استخدمته بعض القوى السياسية العراقية للضغط على منافسيها من اجل الحصول على المكتسبات وفرض هيمنتها بالقوة وكانت ذريعتهم مقاومة المحتل فاذا خرج المحتل فماهي الذريعة التي يستخدمون بها مثل هكذا ورقة محترقة .ان الاحتمال الوحيد لعودة الارهاب بعد خروج القوات الاجنبية ضعيف جداً ولا يوجد له غطاء مناسب سوى الخوف من المخابرات الاجنبية التي ستجند تنظيم القاعدة لتنفيذ أجندتها في العراق وهذا الامر يحتاج الى وعي مشترك بين ابناء الشعب العراقي وبين الاجهزة الأمنية لمراقبة ومكافحة هذه المساحة التي سوف يكون تأثيرها ليس كبيراً ولكن مؤثراً ,,ان القضاء على الارهاب في العراق والوقوف بوجه قوى الظلام بعد خروج القوات الاجبية سوف يكون على يدي وحدة الصف العراقي وتلاحم مكوناته ونبذ الخلافات واللجوء الى تسويتها عبر الحوار الهادف والبنّاء عندها ستستطيع القوى السياسية العراقية التغلب على هذه العقبة وستنطلق بسرعة لبلوغ الهدف وهو خدمة المواطن العراقي الذي وضع ثقته بها .ومن الاحتمالات الواردة للتنبأ بصورة مستقبل العراق بعد خروج القوات الاجنبية عودة المليشيات المسلحة الى ممارسة اعمالها الاجرامية لفرض هيمنتها على الشارع العراقي ..ان الفترة التي اعقبت سقوط النظام المقبور ظهرت فيها ميليشيات مسلحة قامت باعمال اجرامية طالت المدنيين العزل وكل من يخالف المنهج المنحرف للجهات الداعمة لتلك الميليشيات ,, وأنجبت هذه المليشيات مجموعة من العصابات المتداخلة بعضها بعض .ان احتمال عودة الميليشيات الى الشارع العراقي مقرون بمستوى اداء القوات الامنية فاذا كانت القوات قوية وفاعلة وتفرض سيطرتها على الامن في العراق كلما كانت فرص عودة هذه الميليشيات ضعيفة ,, وكلما كان التمثيل السياسي في الحكومة والبرلمان للتيارات التي تدعم مثل هكذا مليشيات قوياً كلما قل تاثيرها او المبررات والاغطية التي تتحرك من خلالها مما يجعلها هدفاً سهلاً للاجهزة الامنية .ان المشكلة الحقيقية التي ستبرز في احتمال عودة المليشيات الى الشارع بعد خروج القوات الاجنبية هي تدخل الاجندة الحزبية للمكونات ذات النفوذ في السلطتين التشريعية والتنفيذية وخصوصا الكتل السياسية المعروفة بوجود جناح عسكري لها قسم منها معلن والاخر مخفي من اجل فرض سيطرتها على الشارع بالقوة واسغلال امكانات الاجهزة الامنية او التاثير عليها تحت سلطة النفوذ ذاخل المؤسسة الحكومية مما قد يتسبب في ارباك الوضع الامني وقد تستغل مثل هكذا حالات من قجندة اقليمية ودولية تريد لها موطئ قدم في العراق .ان عودة ميليشيا ت المسلحة واردة اذا توفرت لها مناخات مناسبة وسوف لن يردعها الا وعي ابناء العراق وبالخصوص في الوقوف بوجه هؤلاء الذين سفكوا دماء الشعب بدون وجه حق وبدون اي واعز من الضمير الانساني او الالتزام الشرعي وكذلك وقوف القوات الامنية بحزم بوجه هؤلاء ولعل القلق الاكثر هو من الاجهزة الامنية لان بنائها تم على اساس المحسوبية والمنسوبية وتسلق الى سلم القيادة فيها اغلب ازلام النظام الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين ,, اذاً الاعتماد الاساسي في الوقوف بوجه الميليشيات بعد خروج القوات الاجنبية هو وعي ابناء الشعب العراقي وتصديهم الشجاع للقضاء على الطموحات غير شرعية لجهات سياسية لم تجد الا اساليب النظام السابق اداة لاثبات وجودها . ومن الاحتمالات الواردة للتنبأ بصورة مستقبل العراق بعد خروج القوات الاجنبية التفرد بالسلطة من قبل الاحزاب الحاكمة ,, وعودة الدكتاتورية والحكم الشمولي بثوبه الجديد ,, وهذا الاحتمال قد يكون وارداً اذا كانت الظروف غير الظروف والوعي غير الوعي والشعب غير الشعب .ان الظروف الصعبة التي مرّت على العراقيين قبل وبعد سقوط الطاغوت اعطتهم المناعة من فايروس الدكتاتورية والحكم الشمولي وهذا الامر له ارتباط وثيق بالوعي السياسي الذي اكتسبه العراقيون من تلك الظروف المريرة وخصوصاً الشباب بعد مرور اكثر من سبعة سنوات وهم يراقبون الاحداث والوقائع ,, .ان الممارسات الديمقراطية المتعددة التي جعلت من المواطن العراقي يختبر قياداته السياسية وفعالياتها المختلفة وعلى جميع المستويات بحيث اصبح يعرف جيداً الحقيقة واصبح يميز المشاريع التي هي عبارة عن شعارات .ان تفرد الحاكم بالسلطة وتحويل العراق الجديد الى دولة حزب بوادره موجودة على ارض الواقع وهناك شواهد عديدة تدل على ان الشراكة الوطنية التي يراد بها توحيد الموقف وبناء لحمة الشعب الواحد بغض النظر عن الانتماء الطائفي والعرقي والمذهبي والديني والقومي لم تتحقق بشكل صحيح وهو انذار خطر يهدد العملية السياسية وقد لاحت بوادره في مواقف الفرقاء السياسيين من قضية الاقاليم وغيرها من القضايا المصيرية التي يتم معالجتها باتباع اسلوب المحاصصة على حساب مصلحة الوطن والمواطن .الشعب العراقي اصبح يعي جيداً ويفرق بين ماهو شعارات وماهو عملي ميدني محسوس وللاسف لم تقدم الحكومات التي تعاقبت بعد سقوط المظام ماهو عملي ومحسوس له مساس بحياة المواطن ولعل من اضعف الملفات التي لم تجد طرقها للمعالجة ملف الخدمات .لعل بعض الكتل السياسية تراهن على السلطة كي تجذب جمهورها في الانتخابات القادمة ,, الا اننا نعتقد وبما لايقبل الشك ان هذه الكتل رهانها خاسر لان التطور الحاصل في ذهنية الشارع العراقي وخصوصا الشباب سوف يقف عائقاً دون تحقيق طموحات الكتل السياسية الانتهازية ,, وبات العراقيين يعرفون جيداً ان مشاريع من يفكر ويخطط بهذه الطريقة مجرد كلام لم يرقى الى الواقع الميداني ولم يتحول الى فعل ,, وأنّا له التحول الى فعل وقيمة والمواطن العراقي لايزال يعيش حالة الفقر والعوز ونقص الخدمات رغم خيرات البلاد الوفيرة. ان عمر مثل هكذا حكومات سوف لن يدوم طويلا وقد حدد الدستور نهايتها ولن ولم يستطيع ان تتجاوز تلك الفترة وسوف تكون صناديق الاقتراع هي الحد الفاصل بين بقاءها او زوالها .ان الديمقراطية في العراق هي السترة الواقية من مثل هكذا ممارسات , فكما اطاحت الديمقراطية بنظام صدام سوف تطيح بكل من تسول له نفسه ان يجعل من العراق ضيعة له ولابنائه وذوية واتباعه وستشهد الايام يوما بعد يوم تهاوي عروش الانتهازيين كما تهاوت عروش اعتى طغات العرب .ان محنة الشعب العراقي ليست بوجود وخروج القوات الاجنبية من العراق لان هذه القوات تحكمها القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات والتي ستٌنهي وجودها عاجلا ام اجلا واهدافها واضحة ومحدودة فاذا تحققت مصالحها في العراق فسوف لن يطول بقائها ,, ان محنة الشعب العراقي في عدم ادراك الخطر الحقيقي وهو الوقوف بوجه الذين يريدون مصادرة الجهود وتسويف القضايا والمقايضة على حساب مصالح المواطنين من اجل البقاء في السلطة وهذه المحنة نامل ان يتجاوزها العراقيين في الالتفاف حول قيادة سياسية معروفة الاصول وبرنامجها واضح وتنطلق من منطلق مصلحة المواطن والوطن لا من منطلق الحزبية والفئوية ولعل الفترة التي اعقبت زوال الطاغوت كافية كي يعرف العراقيون اين يضعون اقدامهم ويتجنبون المواطئ الهشة التي كلفتهم الكثير وان لا يتاثروا بالاقوال بل بالافعال .ان الشيء الايجابي المهم هو ان العراق سيحصل على استقلاله والخروج من البند السابع كي تكتمل فرحة الاستقلال عندها سنطلق على ذلك اليوم يوم الاستقلال والسيادة ويتحرر العراق بعد سنين عجاف من تسلط الانتهازيين والعملاء والاجراء على مقدرات هذا البلد الحر لينطلق ابناءه الغيارة في مساندة القوى السياسية المخلصة لبناء العراق الجديد وهم احرار اسياد على بلدهم وحريصون على بناء علاقات وطيدة اقليمية ودولية من منطلق مصلحة العامة مع امريكا او مع غيرها المهم ان تصب في مصلحة الشعب العراقي .
https://telegram.me/buratha