حميد الموسوي
صار الفساد أمرا عاديا مألوفا، واتسعت حلقاته، وتنوعت صفقاته المشبوهة في عمليات مفضوحة لهدر المال العام وتعطيل المشاريع الهامة، ولم ترق قرارات الإدانة التي صدرت بحق المفسدين الى ما يتناسب وعدد وحجم القضايا التي اكتشفتها وحددتها "هيئة النزاهة" مما أثار حالة من الاستياء العام، وولد احباطا وخيبة أمل في نفوس المواطنين، واحراجا للحركات والقوى السياسية وللحكومة والبرلمان بنفس الوقت، ويظل المراقب والمتتبع في حيرة من امره على من يلقي المسؤولية، ويحمل من تبعات هذا الداء؟!، فحسب رأي أحد مسؤولي هيئة النزاهة: "إن مجلس الوزراء لا يشكل فريق عمل متجانس خاضع لإدارة رئيس مجلس الوزراء بل إن اختيار الوزراء جاء حسب تنسيب كياناتهم وعليه فرئيس الوزراء لا يملك إقالة أو محاسبة الوزير غير الفعال". أما البرلمان فإن الكتل المكونة له ستنبري للدفاع عن الوزير المقصر لهذه الكتلة أو تلك وحمايته. كما إن بعض الأطراف فيها تعيق تنفيذ القانون واتخاذ الاجراءات بحق بعض المتورطين في قضايا الفساد وامتنعت عن رفع الحصانة عنهم. كذلك فإن ديوان الرقابة المالية يتبنى آلية التدقيق اللاحق للصرف وذلك بعد سنة على حصول الصرف ومتابعة الديوان تقوم على تكليف الدوائر بتصفية حساباتها والتي لا يضمن أن تكون دقيقة واكثرها تأتي كاجراءات شكلية. أما هيئة النزاهة فقد اعتمدت اسلوب التلويح والتهديد بدل الانقضاض المفاجئ وبهذا منحت المطلوبين فرصة للاختفاء أو الفرار خارج العراق. كذلك فإن عددا كبيرا من المفتشين العاملين غير فعالين أما بسبب عدم توفر المواصفات المهنية أو الشخصية أو لأن بعضهم يسعى الى الحرص على الوظيفة والموقع ويتجنبون الوقوع في خلاف مع رؤسائهم.إن مشكلة الفساد الإداري والمالي، كارثة بحجم معضلة الإرهاب وفقدان الأمن فكلتاهما تنخران في جسد هذا الوطن الجريح، وتخربان بناه التحتية وتبددان ثرواته وتدمران اقتصاده وتحيلان حياة شعبه بؤسا وجحيما وعليه فلابد من تفعيل قانون مكافحة الفساد الإداري والمالي، والتصدي الحازم من قبل مجلس النواب ومجلس الوزراء لكل من تثبت إدانته ورفع الحصانة البرلمانية عن المتورطين الكبار وفضح الكتل والجهات المادفعة عنهم ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والدينة والأخلاقية والقانونية.كما أن لمنظمات المجتمع المدني، ورجال الدين، والصحافة دور مهم وفعال في التوجيه والمتابعة والرقابة، فإن هذه ا لمشكلة من السعة والخطورة بحيث لايمكن حصر معالجتها بجهة من الجهات، أو احتوائها بأقل التدابير. أو تعليق تبعاتها على إحدى الشماعات!!.
https://telegram.me/buratha