سماحة السيد حسين الصدر
نحو تعميق ثقافة الإحساس بالآخر(1)اصطبغ تاريخ العراق بألوانٍ فريدة من المجد ، والتألق ، والعطاء ، والعراقه الحضارية ، واستطاع ان يتبوأ موقعه المتميّز حين أصبح مركز الاشعاع الفكري والروحي والعلمي ..... وضمَّ مراقد العديد من الانبياء والأوصياء ، ناهيك عن رعيل ضخم من النوابغ والأفذاذ والعظماء ، نثروا عبقهم على ترابه ....ولقد صدق من قال :وَجْهُ العراقِ على المدى مُتَأَلِقُورماله بشذا البطولة تعبقُ فجباله كسهوله وشمالهكجنوبه وهو الاصيل المُعْرِقُ وله بِمُعْتَركِ الجهاد ملاحمٌ عَظُمتْ وجلَّ عطاؤها المتدفقُفي كل يوم للشهادة كوكبٌ في أُفْقِهِ بسنا العقيدة يُشْرقُ (2)ومن جميل صفاته ،التعدد والتنوع في مذاهبه وقومياته وأديانه ولغاته ان التنوع يشكّل واحدة من أهم عوامل الإثراء ، وتأصيل القدرة على التعايش السلمي ، والانفتاح الانساني على الآخر .وبالفعل فانّ ظاهرة التفخيخ والتفجير ، والتقتيل والتنكيل ، والاختطاف، ظاهرة طارئة على المجتمع العراقي النبيل ، المتلاحم النسيج ، المترابط العُرى والاواصر .واننا على يقين ان جهات معادية للعراق ، هي التي غذّت ، وموّلت عمليات التخريب والتفكيك للبُنى العراقية ، وما زالت تمارس أدوارها الخبيثة ، خوفاً من الادوار الكبرى التي يمكن ان يلعبها العراق اقليمياً ودولياً ويغطّي باشعاعه عليها .(3)ومَنْ منّا لم يغمره الأسى ، حين امتدت الأيادي الاثيمه الى الكنائس العراقية والى أعزائنا المسحيين العراقيين ، ففجعتنا بأهوال تلك الجرائم النكراء ، التي استهدفتهم ؟!ان الاعتداء عليهم اعتداء على الشعب العراقي كله ولقد استقبلنا قرارات الكنائس العراقية ، وأبنائها المسحيين العراقيين ، بالغاء احتفالات عيد الميلاد المجيد هذا العام لتزامنها مع مراسم الحداد والعزاء على أبي الاحرار وسيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام ) بتقدير بالغ ،وكان لتلك القرارت صداها الكبير في نفوسنا ، ذلك انها تكشف عن عمق الصلة الوجدانية بين العراقيين ...انّ هذا الموقف يعتبر دليلاً قوّياً على الوئام والانسجام الاجتماعي في العراق ، ويكشف عن الأحاسيس عند كل طرف عراقي ازاء الطرف الاخر .انهم لاشك جسد واحد ، وكيان مترابط الأجزاء ، لن تستطيع قوى الشر والظلام ان تفككه مهما بذلت من جهود وأموال ....وعلى صخرة هذا التلاحم ، ترتد خائبة مكسورة ،فصول التآمر الغادر ، وتخيب آمال القوى التي تتربص بنا الدوائر .....(4)واننا اذ نثّمن هذه المواقف النبيلة ونشكر أعزاءنا المسحيين عليها ، لا يسعنا ان نغفل عن مواقف الاعزاء من الصابئة المندائيين الذين كانت لهم مشاركاتهم الواضحه ايضاً في مراسم العزاء الحسيني بل قد أقاموها بأنفسهم ....وهكذا تجلّت صور الاشتراك الحقيقي في المواقف والمشاعر (5)ان تعميق ثقافة الاحساس بالآخر ، ومشاركته في مناسباته ، يعتبر من أهم ما يجب أن تنصّب عليه عناية الوطنيين العراقيين المخلصين .ان وحدة الصف العراقي وقوة التلاحم بين أبنائه ، على اختلاف مذاهبهم واديانهم وقومياتهم ، يشكلاّن اكبر دعامتين لأجتياز العقبات والمشكلات التي تكتنف طريقنا في العراق الجديد .فإلى الجحيم ، كل الشعارات والممارسات التي تمزّق وحدتنا وتلاحمنا . ومرحباً بكل الخطوات والقرارات والممارسات التي تجمع القلوب ، وترص الصفوف ، وتبتكر الوسائل للوصول الى الغاية المنشودة التي يكون كل عراقي فيها بمثابة النجم المتلالأ في سماء العراق المضيئة .
https://telegram.me/buratha