بقلم: محمد باسم
كثيرة هي الامور التي تعلمها العراقيون واحترفوها في سنين الحروب التي عاصروها منذ نشأة الدولة العراقية والى يومنا هذا لتضطرهم وفي الغالب الى ركوب الظروف الصعبة وتجاوزها ببدائل قد لا تخطر على بال حتى المفكرين والمبتكرين لكنهم وصلوا اليها بفعل ضغط الحاجة فأصبحوا يتقنون العديد من الاشياء وفي مقدمتها هو التحليل السياسي وقراءة واقع حال الساحة السياسية، وكثيراً ما سمعنا في الاونة الاخيرة وخصوصا مع بداية انسحاب القوات الامريكية ان هناك تخوفاً كبيراً في الشارع من موعد رحيل هذه القوات وحالة الترقب الحاصلة خوفاً من الوقوع في مطبات كبيرة تأخذ البلاد الى منزلق خطير قد لاتستطيع الحكومة الخروج منه.وبالفعل ما شهدناه وعلى مدى الايام الماضية من عملية شد وجذب سياسية لازالت مستمرة بين اطراف فاعلة ومهمة في الحكومة وكذلك التصعيد الامني الملاحظ في عدد من مدن العراق يدل على ان هذه التخوفات لم تأتي من فراغ وانما بنيت على اساس كبير من الصحة، فتلويح الحكومة بعرض اعترافات لارهابيين على صلة بمسؤول كبير في الدولة تكاد تكون معيبة جداً نظرا لتوقيتها الذي جاء مع تنفيذ انسحاب القوات الامريكية من على الارض ونقول هنا بأنها معيبة لسبب مهم ورئيسي يكاد لايختلف عليه اثنان، فأذا كانت الحكومة تمتلك مثل هكذا اعترافات وملفات اجرامية وتعلم صلتها بمسؤول يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية فلماذا التلويح بعرض الاعترافات؟ ولماذا هذا التباطئ في عملية كشف الحقائق للشعب العراقي؟ الذي انتخب حكومة من المفترض ان تكون امينة عليه قبل ان تكون امينة على نفسها؟ فتهديد الحكومة بعرض اعترافات الارهابيين ماهو الا دليل على المساومة والتي تكاد تكون من اسوء انواع المساومات السياسية بأعتبارها جاءت على حساب الدم العراقي الزكي، واذا كانت الحكومة تساوم اناس متورطين في عمليات قتل لمواطنين عراقيين لاذنب لهم ولاجريرة سوى انهم حلموا بغد افضل لهم ولابنائهم، فأنها بذلك قد تكون على علم بملفات فساد مالي واداري اخرى كثيرة ولاتنوي التصريح بها وكشفها للشعب الان وانما تحتفظ بهذه الملفات لتوظفها فيما بعد كل حسب اهميته وحاجتها له، ودليل هذا ان الكثير من الخروقات الامنية الكبيرة وعمليات التصفية الجسدية والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين والمسؤولين على حد سواء تم تشكيل لجان للتحقيق فيها لم تعلن ولا لجنة لغاية اليوم ماتوصلت اليه من نتائج قد تكون كارثية نظراً لتورط اسماء كبيرة ومفاصل مهمة فيها.وكان من الاجدر بالحكومة عرض نتائج التحقيقات وكذلك اعترافات الارهابيين التي تشير بأصابع الاتهام الى اي شخص مهما كانت درجته الوظيفية ومن دون ادنى تردد او مهادنة او مساومة رخيصة من الممكن ان تعود عليها ببعض المكاسب السياسية لكنها تبقى تقض مضاجع المواطن البسيط الذي اصبح لاينشد سوى امنه، حتى تنال الحكومة ثقة الشارع وكي يستطيع المواطن ان يغمض جفنه وهو مطمئن على حياته وحياة عائلته لا بل ويسهم وبشكل كبير وفاعل في القبض على من تلوثت ايديهم بدماء العراقيين.
https://telegram.me/buratha