الكاتب والأعلامي قاسم العجرش
ربما أغفل المشرع العراقي حين كتب الدستور موضوع الجرائم السياسية عمدا، ولا نحمل سوء النية هذا ألأغفال، لكننا نعتقد أن كثرة العقد التي جابهت من أعدوا الدستور، جعلتهم يتغاضون عن الجرائم السياسية، بيد أن تعقد الوضع العام وأرتباك المشهد السياسي، وكثرة الخروقات للدستور، وكثرة الجرائم المرتبطة بخيانة وتدمير ثوابتنا الوطنية التي تعهدها الدستور، تجعل الحاجة ماسة لملامسة هذه المشكلة قانونيا ومقاربتها تشريعيا، سيما بعد مرور وقت ليس بالقصير على أقرار الدستور، و بعد ظهور مشكلات كبرى نجمت عن التغاضي عن الجرائم السياسية، ومع أن ثمة الكثير من الفقرات الدستورية التي تجرم من يتخابر مع الأجنبي، أو يخون الأسرار العليا للدولة، أو يحرض على العنف، أو يدعوا الى الأفكار الهدامة لبنية المجتمع وأسس بقاءه حيا، لكن معظم هذه الفقرات بقيت حبرا على ورق، ولم تجد طريقها للتنفيذ بسبب أن الفقرة ذاتها تحمل ما يعطلها، فجميع الفقرات التي أشرنا أليها ربط وضعها قيد التنفيذ بتشريع قانون خاص بها، ونتيجة للتعقيد الذي أسلفنا الأشارة اليه، ونتيجة لأصابة العملية السياسية بمرضها الوبيل وأعني به "التوافقات السياسية"، جرى تعطيل فقرات مهمة من الدستور، ومصاديق ما نطرحه كثيرة، فالدستور أشار صراحة الى دور المرجعية الدينية في رسم مستقبل العراق، ومعنى هذا أن هذا الدور مقر دستوريا، وواجب الأحترام من "كافة" القوى السياسية، في حين نقرأ هنا وهناك آراءا سفيهة تعبر عن قدر كبير من عدم أحترام المرجعية الدينية، وتسفيه والأنتقاص من دورها الحيوي، وهي آراء لم تقف عند حد التنظير، بل عبرت خطوط العقلانية والموضوعية الى مهاوي الأسفاف، ومصداق آخر أثبتته الجرائم التي أرتكبتها المجموعة العاملة في مكتب نائب رئيس جمهوريتنا وأعترافهم بعلاقته وتوجيهه لهم، فهذا دليل على أن الشريك السياسي أرتكب تلك الجرائم أو حرض عليها لدوافع سياسية، وهي جرائم برائحة وطعم سياسيين بأمتياز، ولا يتوقفان عند حد التوصيف الجنائي، إذ لم ترتكب بدوافع السرقة أو التسليب أو غيرها من الدوافع المجتمعية، بل أنها قد أرتكبت بسبب دوافع سياسية وتحريض طائفي ممنهج، مما يلزم أن ينتبه المشرع الى خطورة هذا المنحى في الأجرام، لأنه ليس جريمة ترتكب بحق أفرا وحسب، بل أنها أرتكبت ضد الهيئة الأجتماعية، ويلزم التعامل معها على هذا الأساس وتشديد العقوبة لأن ضحيتها المستهدف بها هو المجتمع برمته...كلام قبل السلام: العاقل من يهيء قارباً يعبر به النهر، بدلاً من أن يبني حوائط حول نفسه تحميه من فيضانه....سلام...
https://telegram.me/buratha