احمد عبد الرحمن
كانت مبادرة واعية وشجاعة بحق، تلك التي اطلقها عزيز العراق السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره الشريف)، بأختيار الاول من شهر صفر يوما اسلاميا عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة. ومنذ ان طرح الراحل عزيز العراق هذه المبادرة ، ابدى عدد كبير جدا من النخب والمواطنين الذين ينتمون الى شرائح وفئات اجتماعية وثقافية وفكرية مختلفة اراء وتقييمات ايجابية حيالها. ولان تلك المبادرة انطلقت من رؤية وقراءة موضوعية للواقع المستند على خلفية تأريخية كانت قريبة جدا من وقائع واحداث الثورة الحسينية العظيمة، وطبيعة الحضور النسوي البارز فيها، الذي مثلته بالدرجة الاساس العقيلة زينب عليها السلام، وماتعرضت له هي وبنات بيت النبوة والعصمة من اضطهاد وتنكيل على ايدي الجلاوزة والطغاة في ذلك العصر، لان المبادرة انطلقت من تلك الرؤية، فقد كان من الطبيعي جدا ان تلقى تجاوبا وتفاعلا كبيرين من قبل مختلف الاوساط والفئات، لاسيما الوسط النسوي. وهذه الرؤية والقراءة الموضوعية قامت على اساس رفض منهجين، منهج يتمحور حول تحويل المرأة الى سلعة مادية رخيصة، تحت عنوان الحرية بحسب المفهوم الغربي، من دون ضوابط ومحددات ومعايير، ومنهج اخر وهو السائد في مجتمعاتنا الشرقية والاسلامية، الذي تصادر بموجبه شخصية المرأة وكيانها، وتهمش بالكامل، انطلاقا من نظرة قاصرة وخاطئة لمكانتها ودورها ووظيفتها في المجتمع، مما عرضها لمختلف ضروب العنف والظلم والاضطهاد. كلا المنهجين ابتعدا تماما عن المنهج الاسلامي في نظرته وتقييمه وتقديره للمرأة بأعتبارها نصف المجتمع، وبأعتبارها عنصرا فاعلا وحيويا في بناء المجتمع بناء سليما ورصينا وقويا ومتماسكا. مبادرة عزيز العراق ارتكزت على المنهج الاسلامي، واريد منها ان تؤسس لمبدأ انتشال المرأة من براثن الحرية غير المنضبطة التي تحولها الى سلعة، وكذلك انتشالها من ربقة العنف والظلم والجور والاضطهاد. ولاشك ان المرأة العراقية اضطلعت بأدوار مهمة وفاعلة ومحورية في النضال ضد الديكتاتورية والاستبداد، وفي بث الوعي الاسلامي، ونشر الثقافة الصحيحة، لكنها في ذات الوقت كانت-وربما مازالت-تعيش في الاطار العام على الهامش، وتحتاج الى من يقف معها ويساندها ويؤازرها، لتشغل الحيز الذي تستحقه، ومبادرة عزيز العراق مثلت افضل مدخل واطار لذلك الامر. ولان عمر المبادرة لم يتجاوز اكثر من عام وعدة ايام، فهذا يعني انه مازالت هناك حاجة وضرورة ملحة لمزيد من الشرح والتوضيح لها نظريا، وفي ذات الوقت ترجمتها عمليا على ارض الواقع.
https://telegram.me/buratha