الكاتب:عمار احمد
تطلب تشكيل الحكومة الحالية حوالي تسعة اشهر، ومع ذلك فأن تشكيلها كان ناقصا، اذ بقيت عدة وزارات وابرزها الوزارات الامنية -الدفاع والداخلية والامن الوطني-شاغرة وقد شغلت بالوكالة من قبل رئيس الوزراء لعدة اشهر ثم اوكلت شؤونها لاشخاص اخرين بالوكالة ايضا، وطبيعي ان تسعة اشهر لتشكيل الحكومة -أي حكومة-هي فترة طويلة جدا، وقد سجلت القوى السياسية العراقية المعنية رقما قياسا، حيث ان الرقم القياسي المسجل سابقا كأقصى فترة لتشكيل الحكومة كان في هولندا عام 1977، وكانت سبعة اشهر.ورغم ان تعطل وتأخير تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية العام كل هذا الوقت ينطوي على مؤشرات سلبية كثيرة، الا ان حقائق الواقع السياسي في العراق بعد الاطاحة بنظام صدام فرضت سياقات واجراءات مختلفة، وطريقة علاقات وتحالفات حساسة وقلقة، وتوافقات لابد منها من اجل التخفيف من حدة المشاكل والازمات والاحتقانات، والعمل على توفير ارضيات وظروف مناسبة للاصلاح والتغيير على الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية والثقافية.كان لابد من التأخير والتعطيل لتشكيل حكومة تستوعب اكبر قدر من الوان ومكونات الطيف السياسي في العراق، ولم يكن متوقعا من الناحية المنطقية ان تختفي وتنتهي المشاكل بتشكيل الحكومة، ولكن القضية المهمة التي لايمكن التغاضي عنها هي انه لو كانت قد شكلت حكومة اغلبية سياسية من الكتلة البرلمانية الاكبر ومعها كتلة اخرى، وتمو تجاوز الشركاء الاخرين لكانت المشاكل والازمات المترتبة اكثر بكثير من المتوقعة والتي ظهرت فيما بعد.وحكومة التوافقات ليست صيغة مثالية او نموذجية ابدا، وهذا مايتفق عليه المشاركين فيها وغير المشاركين، لكنها في هذه المرحلة وعلى المدى المنظور افضل من سواها ولاتوجد صيغة اخرى افضل منها. وقد يأتي شخص ما ليسأل .. وكيف السبيل لحل المشاكل والتغلب عليها ومنع توسعها واستفحالها. والجواب ببساطة هو .. ينبغي ان يتم مليء الفراغات التي لم يكن ممكنا ملئها في البداية،والالتزام بالاتفاقات السياسية التي انتجت الحكومة، والاحتكام الى الدستور على مافيه من ثغرات وهفوات وضعف، مع العمل الجاد والمتواصل لسد وردم وتلافي تلك الثغرات والهفوات وذلك الضعف، واحترام مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التمدد على مساحات وصلاحيات ووظائف ومهام السلطة القضائية او السلطة التشريعية.تأزم الوضع السياسي في البلاد في هذه المرحلة، لم يكن بسبب اللجوء الى مبدأ التوافقات والشراكة بقدر ما يرتبط مثلما قال وتحدث الكثيرون بأزمة كبيرة وخانقة نراها تستفحل يوما بعد اخر وهي عدم الثقة، متزامنا معها ومترافقا اتباع سياسة الكيل بمكيالين من قبل الحكومة وبعض القوى السياسية حيال قضايا خطيرة تؤثر على المواطن العادي وتمس اوضاعه الحياتية في الصميم... والحديث عن ان حكومة الاغلبية هي بمثابة قارب النجاة والمنقذ والمخلص فيه ابتعاد كبير عن الواقع، او بعبارة اخرى يعدا هروبا من الواقع الى الامام، والهروب الى الامام اكثر خطورة من الهروب الى الورءا.
https://telegram.me/buratha