الشيخ حسن الراشد
العراق مقبل على تحولات كبيرة ومهمة وقد تكون مصيرية بفعل عاملين اساسيين مهمين :
الاول : الانسحاب العسكري الامريكي من العراق وترك "فراغ" سياسي وامني وعسكري على مستوى البلد كله رغم الاستعداد الكافي والكامل للقوى الامنية العراقية لملآ الفراغ المذكور الا ان صراع القوى السياسية ونفوذ بعض الاطراف الدخيلة على العملية السياسية في مختلف الاجهزة الامنية ومفاصل الدولة يلقي بظلال من الشكوك على قدرة القوى الامنية في السيطرة المطلقة على الاوضاع في المناطق المختلفة .الثاني: تدهور الاوضاع الامنية والسياسية في سوريا الجارة وتكالب الاطراف الاقليمية على هذا البلد الجار ومحاولة اسقاط نظامه لاهداف غير شريفة ولاجندة باتت مكشوفة للجميع خاصة مع دخول الطرف السعودي والقطري على خط النزاع ومحاولاتهما المستميتة للتصعيد في الوضع الامني واسقاط نظامه باي ثمن حتى وان تطلب ذلك قتل ثلثي الشعب السوري كما صرح بذلك مشايخ الوهابية في مملكة ال سعود .
العراق وباعتراف المراقبين السياسيين بدأ باستعادة دوره الاقليمي قبل نهاية هذا العام الذي لم يبقى منه الا لحظات للانتقال الى العام 2012 وقبل الانسحاب العسكري الامريكي وذلك عبر قيام وفد عراقي بزيارة مختلف الاطراف لحلحلة الوضع السوري ولسحب البساط من تحت ارجل اقزام قطر المستمرين في تاَمرهم وخططهم الشيطانية لتخريب المنطقة وجرها الى التجاذبات الدولية والاقليمية وحتى الطائفية ‘ وقد استطاع الوفد العراقي اقناع القيادة السورية بقبول بروتوكول "الجامعة العربية" ودخول المراقبين الى سوريا للوقوف عن كثب على الاوضاع في هذا البلد الجريح الذي يواجه كارثة شبيهة بتلك التي مر بها العراق قبل سنوات وهو ما يذكرنا بما كتبناه انذاك وحذرنا في مقالاتنا القيادة السورية من تداعيات التساهل مع المجموعات الارهابية القادمة عبر حدود سوريا الى العراق لتفيذ اعمال القتل والتفجير والارهاب وعدم الثقة بنظام ال سعود ومخابراتهم التي كانت تبعث بهائم الوهابية ومفخخاتهم عبر سوريا وبتنسيق مع بعض الاجهزة الاستخباراتية السورية الى العراق للقيام بتفجير المناطق الاهلية وقتل المدنيين واليوم نجد ان الكرة تعود الى سوريا نفسها حيث تطبيقا للحديث الشريف "من حفر حفرة لاخيه وقع فيها" هاهم اليوم السوريون يقعون في الحفرة ذاتها التي حفروها للعراقيين .وبخصوص الانسحاب الامريكي فقد جاءت الضربة القاضية على المتامرين البعثيين والطائفيين من قبل الحكومة العراقية قبل ان يتمكنوا من تنفيذ برامجهم واستغلال الفراغ الامني اثر ذلك الانسحاب وذلك بكشف تفاصيل المخطط البعثي وملاحقة طارق الهاشمي الشركسي الذي كان على رأس خلايا ارهابية وبعثية متغلغلة في مفاصل الدولة كانت باتم استعدادها لتفيذ انقلاب دموي للاستحواذ على السلطة واحتلال العراق وربطه بمحور ال سعود واقزام قطر والعثمانيين الجدد في تركيا .الا ان الخطر الاكبر مازال قائما والمتمثل في الاوضاع غير المستقرة في سوريا والتلويح المستمر لاطراف المعارضة الخارجية السورية والمرتبطين باجندة نظام الوهابية وال سعود بتلقين العراقيين الدرس لوقوفهم بزعمهم مع النظام الاسدي ولم يخفي برهان غليون عن نواياه في قطع العلاقة مع العراق وايران وحتى اتباع اهل البيت في لبنان وقد اعلن ذلك في تصريح واضح له بانه سيقيم فقط علاقات جيدة مع الدول العبرية الكبرى في المنطقة في اشارة الى نظام ال سعود والمجلس العسكري الحاكم في مصر ‘ وقد تم التمهيد لمثل تلك المواقف والتصريحات من خلال تسريب تقارير كاذبة عن دخول باصات تحمل "ميليشيا صدرية" الى العراق ومشاهدة ما يزعمون بعناصر مقاتلة من حزب الله اللبناني وهي تقمع المتظاهرين في مناطق سورية ! ومهما قيل ويقال عن موقف العراق من النظام السوري فان مخطط ال سعود واقزام قطر وحلفاءهم في التنظيمات السلفية واتباع تنظيم القاعدة قد تم اعداده منذ زمن غير قصير ونواياهم في اعادة العراق لحضيرة البعث والطائفية البغيضة واضحة وغير مخفية وان التهديد بتحويل العراق الى حمامات الدم بعد الاستحواذ على السلطة في الشام امر جلي ومتوقع خاصة وان مشاريع الاقاليم في مناطق غرب العراق تم الافصاح عنها في خضم التصعيد الامني والعسكري ضد نظام الاسدي في سوريا وقد اعلنت الجماعات الارهابية والمتطرفة والموالية سواء لمجلس اسطنبول او لمشايخ الارهاب والقتل من امثال عرعور والقرضاوي الدجال بتشكيل "اقاليم" طائفية ضمن دولة واحدة تضم بلاد الشام وغرب العراق لتلقين ما اسموه "المجوس" و"الروافض" الدرس اللازم واعمال القتل والذبح والابادة بحقهم !
في خضم هذه التطورات والاحداث المتصاعدة في المنطقة يلزم ان يكون قادة الدولة العراقية الجديدة والكتل السياسية الداخلة في العلمية السياسية على اهبة الاستعداد والحذر لما قد يحدث اثر تداعيات الاوضاع في سوريا خاصة وان الانسحاب الامريكي من العراق رغم الفرح الذي سوف يتركه في نفوس العراقيين بخروج القوات الاجنبية من بلدهم وتقديمهم الشكر للولايات المتحدة على موقفها في بداية عام 2003 لدورها في اسقاط نظام البعث الدموي الا ان ذلك لا يعني نهاية المطاف بل هو بداية التحدي الجديد والخطوة الاولى للحفاظ على المكتسبات السياسية والاثبات للعالم بان العراق الجديد يستحق ان يقوده من كانوا يوما ما في المعارضة وكانوا مهمشين واليوم اصبحوا قادته الجدد .ان اكبر تحدى يواجهه العراق هو سقوط سوريا في احضان المتطرفين والظلاميين وعملاء ال سعود وهذا يعني ان ابواب جهنم سوف تفتح عللى العراق ان لم تتم من الان معالجة الامور عبر النقاط التالية:اولا: على الحكومة العراقية تخصيص ميزانية كبيرة لمحافظات العراق الجنوبية التي تخض اموالا ضخمة من عائدات النفط لحكومة المركز بهدف تحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين وتفوية البنى التحتية فيها .ثانيا: فتح معسكرات تدريب تطوعية في كل المحافظات الجنوبية وخاصة البصرة من اجل رفع الكفاءة القتالية لابناء شعبنا في الجنوب وزيادة في اعداد المقاتلين ضمن اليات تنظيمية محددة في اطار الدفاع المقدس عن العراق .ثالثا: تشكيل جيش مليوني من العراقيين الشرفاء وخاصة من انباء المقابر الجماعية وهذا الامر بحاجة ليس فقط لتخصيص ميزانية مالية بل وتشجيع لقيادات في الجيش النظامي وجيش المهدي ومنظمة بدر وغيرها من القوى التابعة للكتل السياسية لرفد هذا الجيش المليوني بكوادر للتدريب والتسريع في تشكيل هذا الجيش المليوني لمواجهة التحديات وتداعيات تدهور الاوضاع في سوريا وارسال افواج افواج من هذا الجيش الى الحدود لحماية البلاد من تسلل الارهابيين والظلاميين .هذه الامور بحاجة الى مرونة من القيادات العراقية والتفكير مليا في مستقبل العراق السياسي خاصة وان المخاض القادم ان لم يتم تدارك تداعياته سوف يفقدها كل مكتسباتها وسوف تكون السلطة والمنصب من حديث الماضي ‘ وهو ما يعني التنازل عن الذات والفئوية والنظر بعيدا من اجل ان لا ينفرط العراق ويقع بيد الارهابيين والطائفيين مجددا .
الشيخ حسن الراشد
https://telegram.me/buratha