حافظ آل بشارة
خرج الامريكان من العراق وبدأت سنة جديدة ، وهكذا يقال بأن العراق اصبح محررا ، ويقول مشاكسون ان العراق لم يكن محتلا ليتحرر ، فالجماعة جاءوا لانقاذه من صدام مشكورين ، فهم محررون وليسوا مستعمرين كما قال الجد البريطاني يوم سقوط بغداد 1917 فتبدو القرون متشابهة ، اميركا غزت العراق في عصر انتهاء الاستعمار التنافسي ، دخلت عصر القطب الواحد الذي لا يحتاج الى احتلال بلدان ، بأفول الشيوعية المعادية كل من يصبح ديمقراطيا لبراليا علمانيا في العالم هو صديق لواشنطن ومعسكرها ولا داعي لاحتلاله ، الشعب العراقي كان يرى ان الاحتلال حل مناسب ! وهو ارحم من نظام الزيتوني ، واشنطن حددت دورها منذ مؤتمر لندن المشترك مع المعارضة العراقية في سنة 2002 والذين حضروا المؤتمر يمثلون الشعب العراقي ، المؤتمر رسم مستقبل العراق وحدد ما ستفعله واشنطن لمساعدته ؟ وخطوات العمل وكم تستغرق ، الذين اعلنوا المقاومة ليسوا فئة واحدة ، فهم ما بين بقايا النظام السابق الذين يريدون استعادة السلطة بدعم عربي ، ومجموعات مدعومة اقليميا تعمل لمن ارسلها وليس للعراق ، وجماعات أخرى تعرض عضلاتها وتريد ثمنا سياسيا لالقاء السلاح ، وكان هناك مقاومون شرفاء من ذوي النوايا الخيرة ايضا ، اختلطت هذه التيارات فحدثت فوضى مسلحة لا يعرف رأسها من ذيلها ، اغلبهم تركوا الاحتلال جانبا وأخذوا يذبحون الشعب ويتفننون في ابادته واذلاله وارعابه والتجاوز على حرماته ، ومن ذكريات تلك المقاومة النادرة ان الناس كانوا يلوذون بالاحتلال خوفا منها ! واليوم وبعد الانسحاب الامريكي المعلن على اساس اتفاقية موقعة بين البلدين تتسابق تلك المجموعات لاعلان الانتصار ببيانات تقول انها حررت العراق من الاحتلال ، الناس لا يصدقون لانهم يعرفون التفاصيل وهم من دفعوا الثمن ، ملاحظات كثيرة يسجلها الشارع تعليقا على اعلان الانتصار ، مثلا ليس هناك دليل على ان الامريكان انسحبوا من العراق ، لديهم سفارة يعمل فيها اكثر من 15 الف موظف حسب الاخبار ، ولهم مدربون باقون في العراق لم يحدد بعد عملهم ولا عددهم ، ولهم جيوش جرارة ترابط في قواعد لا تبعد كثيرا عن حدود العراق ، ولهم وجود سري لا نعرف تفاصيله ، وهم بانفسهم قالوا ان مخابراتنا ذات حضور قوي في العراق ، وستأتي شركاتهم العملاقة لتشارك في الاعمار ، خرجوا بقرارهم ، نحن نشجع المقاومة النزيهة ونحترم المقاتلين الذين لم يقتلوا ابناء شعبهم ، ونترحم على الشهداء ولكن الكذب عيب ، يجب التذكير بمنجز المقاومة السلمية ، الجهد السياسي وبناء النظام البديل ، وجهد المرجعية الدينية ودورها ، أما من يرى نفسه بطلا للتحرير المسلح فليكن اليوم بطلا في بناء العراق وحفظ وحدته وأمنه واستقراره السياسي ولو بالتخلي عن مكاسبه الدنيوية ، كيف لو ثبت عمليا ان خلافات ابطال التحرير الاشاوس بعد الانسحاب هي اخطر على الوطن والمواطن من الاحتلال ؟
https://telegram.me/buratha