خضير العواد
الوضع في القضية السورية يختلف كلياً عن بقية البلدان العربية من جميع الجهات , لأن الشعوب العربية عندما ثارت على حكامها كان الظلم والدكتاتورية والارتباط بالغرب من أهم الاسباب التي شعلت الثورات فيها ,ولم تمتلك الحكومات أي مقومات للبقاء فخسرت الحرب مع الشعوب كما في تونس ومصر أو الناتو الذي ساعد الشعب الليبي في ثورته , أما النظام في سوريا كأي نظام عربي ولكن يمتاز عليها بمواقفه المضاد للغرب ودعمه اللامحدود للقضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية فهذه النقطة من أهم مصادر القوة للنظام في سوريا التي كانت نقطة ضعف للأنظمة العربية المتهالكة , وحتى الذين يدّعون مساعدة الشعب السوري ظاهراً فأنهم يسبحون في وحل العمالة والخيانة للشعوب العربية فالبرغم من بذلهم الكريم من أجل التغير لكن تأثيره لم يكن بالمستوى المطلوب لأن وجوههم غير جديرة بتمثيل المبادئ الأنسانية في الحياة كالحرية والديمقراطية وكرامة العيش وغيرها من المبادئ الكريمة التي تطالب بتحقيقها الشعوب فأين السعودية أو قطر أو بقية دول الخليج من هذه المبادئ وشعوبهم يرضخون تحت الحكم العائلي الظالم بالإضافة الى وقوفهم العلني مع أعداء الشعوب العربية من إسرائيل أو دول غربية بل تصديهم لكل مقاومة أوعمل أو موقف يعارض التواجد الغربي والإسرائيلي في المنطقة كل هذا جعل هذه الحكومات لا تمتلك المصداقية أمام الشعب السوري والشعوب العربية في حقيقة التغيرالتي تدعوا له. هناك عاملان مهمان بالإضافة الى العوامل أعلاه تجعلان صعوبة التغير في نظام الحكم في سوريا بل تجعله مستحيلاً إلا إذا تدخلت قدرت الغيب في الموضوع وهما : الموقف العراقي والإيراني واللبناني والمقاومة الفلسطينية وهذه القوى تعتبر أي تغير في نظام الحكم في سوريا تهديد مباشر لها أي مسألة حياة أو موت لذلك سوف تعمل المستحيل من أجل تثبيت الحكم في سوريا مع العلم جميع هذه القوى تؤمن بأجراء بعض الإصلاحات التي تعطي بعض الحقوق للشعب السوري كما هو الحال لجميع الشعوب العربية التي تطالب بمساحات جيدة من الحرية والحياة الديمقراطية ولكن طريقة التغير التي تدعمها دول الغرب ودول الخليج المتمثلة بقطر والسعودية ترفضها هذه القوى جملتاً وتفصيلاً لأنها غير معروفة النتائج وقد تؤدي الى وصول مجاميع للحكم تكون على علاقات جيدة بإسرائيل وهذا يضر بشدة القوى المقاومة للوجود الإسرائيلي وفي مقدمتها حزب الله وإيران بالإضافة للقوى الفلسطينية وقد تأتي للحكم مجاميع إسلامية متشددة ( وهابية ) وذات علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية وقطر وهذا سوف يضر بشكل كبير ويهدد الإستقرار في العراق , لهذا تحاول هذه القوى أن تتجه الى التغيرات بواسطة طرق الحوار والتفاوض لأنه سوف يحقق مطالب جميع القوى المهتمة بالوضع السوري بالإضافة للشعب السوري نفسه . الموقف الروسي لا يختلف كثيراً عن القوى الأربعة أعلاه بل إنه أكثرإصراراً وتشدداً في تثبيت نظام الحكم في سوريا مع بعض التغيرات والإصلاحات التي يطالب بها الشعب السوري , لأن الإقتصاد الروسي سوف يهدد بشكل مباشر إن غُير النظام في سوريا وهذا ما تسعى إليه جميع الدول الأوربية التي تستورد الغاز الروسي بالإضافة الى أمريكا التي تريد إضعاف روسيا إقتصادياً, لأن روسيا من أكبر المصدرين للغاز الى الدول الأوربية وهذا قد جعل الروس من أكبر المتحكمين بأسعار الغاز ولكن بوجود المنافس سوف تتغير الحال لأن البديل سيكون موجود وبذلك سوف تنخفض أسعار الغاز وأفضل بديل للغاز الروسي هو الغاز القطري ولكن طرق النقل تجعل أسعاره تضاهي الأسعار الروسية , لذا أفضل طريقة لتخفيض الأسعار هو نقله بواسطة أنابيب عبر سوريا وتركيا الى أوربا وعند وصول الغاز القطري الى أوربا عبر الأراضي السورية والتركية عندها سوف تنتهي السيطرة الروسية على الغاز في أوربا وبذلك سوف يتأثر الأقتصاد الروسي بشكل كبير بأي تغير في سوريا أي المسألة مسألة مصالح وليس مبادئ , لهذا سوف تستميت روسيا من أجل تثبيت نظام الحكم في سوريا من أجل مصالحها الإقتصادية بالدرجة الأولى . لهذه الأسباب فأن الوضع في سوريا يختلف كلياً عن الوضع في بقية البلدان العربية والتغير التي تسعى إليه دول الخيانة العربية لن تحصل عليه في سوريا بل ستكون بعض الأيام عصيبة على الشعب السوري ومن ثم سيتغلب خطاب العقل ويتقبل الشعب الإصلاحات التي سيقدمها نظام الحكم فيها بدون إراقت الدماء والدمار الذي لا تهتم به القوى الغربية وأمريكا وإسرائيل بالإضافة الى قطر والسعودية بل جميعها يفتش على مصالحه ولا تعنيه مصالح الشعب السوري الآبي .
https://telegram.me/buratha